الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
في اليوم العالمي لـ”أمنا الأرض”.. صحة الإنسان من صحة البيئة

كيوبوست
لا يمكن الفصل في العلاقة بين ذات الإنسان، نفسياً وصحياً، وبيئته؛ فالإنسان كان دائماً حسب العبارة الشائعة هو “ابن بيئته”، تكون العلاقة بينهما جدلية، فكلما بقيت النظم البيئية سليمة، يبقى الإنسان بصحة أفضل، والعكس بالعكس.
ولتأكيد هذه العلاقة، التي مفادها أن الأرض وأنظمتها البيئية هي موطننا، وأنه “من الضروري أن ندعم التناغم مع الطبيعة والأرض”، اختارت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2009م، يوم 22 أبريل من كل عام يوماً دولياً لـ”أمنا الأرض“، والذي اختير له هذا العام شعار “استثمروا في كوكبنا”.
وحسب الأمم المتحدة؛ كلما كانت أنظمتنا البيئية أكثر صحة، كانت الأرض وسكانها أكثر صحة، فكيف ترتبط النظم البيئية بصحة الإنسان؟ وكيف يمكن استعادتها؟ نظراً لتعرضها إلى الضرر والتغيرات بفعل الأنشطة البشرية.
اقرأ أيضاً: البيئة: ضحية حرب وفتيل صراعات وطريق للسلام
صحة الإنسان من صحة البيئة
ترتبط صحة الإنسان بشكل وثيق ومعقَّد بصحة البيئة، فإن النظم البيئية تدعم الحياة على كوكب الأرض لجميع الكائنات؛ بما فيها البشر. ويكون الارتباط بين الإنسان والبيئة إما بشكل مباشر، يتمثل في حاجة الإنسان إلى غذاء وماء وهواء نظيف وصحي، وإما بطريقة غير مباشرة.
ومن الأمثلة على الارتباطات بين صحة البيئة وصحة الإنسان؛ أن نقص أعداد الكائنات البرية والبحرية والمغذيات نتيجة الممارسات البشرية كالصيد الجائر، قد يتسبب في أزمة غذائية لكثير من الناس، ما سيخل بصحتهم العامة. على سبيل المثال، يقود عدم قدرة السكان في مدغشقر على الحصول على اللحوم البرية للاستهلاك إلى تعرض أطفالهم إلى خطر الإصابة بفقر الدم الناجم عن نقص الحديد بنسبة 30٪.

أما في ما يتعلق بالمياه، فإن لندرتها ولانخفاض جودتها آثاراً مباشرة على الصحة، إذ يهدر الجهد المبذول لتوفيرها عبر الحمل أو الضخ من مصدرها؛ نتيجة ندرتها، طاقة وصحة بعض سكان العالم، كما تتسبب المخلفات الصناعية والمياه العادمة والنفايات المشعة وغيرها، في تلويث المياه الصالحة للشرب؛ مما يجعلها مضرة بالصحة.
نقل الأمراض
لا يتوقف تأثير البيئة على صحة الإنسان على النقص بالموارد والمغذيات، إنما بأن تصبح التغييرات التي تطرأ على النظم البيئية عاملاً مساهماً في نقل الأمراض المعدية. فوفقاً لمقالة مشتركة كتبها عدة باحثين، وجاءت بعنوان “آثار تغير النظام البيئي على صحة الإنسان”، تم التأكيد خلالها أن الاستخدام الجائر للأراضي يرفع من انتشار بعض الأمراض، كمرض الملاريا الذي يزداد خطر الإصابة به نتيجة إزالة الغابات في إفريقيا وأمريكا الجنوبية.
وكمثال على تعقيد ارتباط صحة البيئة بصحة الإنسان؛ فإن انتقال داء البلهارسيا يرتبط بالتوسع الزراعي، لكن كيف؟ يعمل قطع الغابات وبناء السدود وأنظمة الري على زيادة في كثافة بعض أنواع الحلزون المائية، التي تعتبر وسيطاً لنقل مرض البلهارسيا؛ الأمر الذي يزيد من انتشاره، وذلك حسب مقالة أخرى، بعنوان “آثار التلوث الكيميائي الزراعي على انتقال داء البلهارسيات: مراجعة منهجية وتحليل النمذجة”.
اقرأ أيضاً: إصلاح النظم الإيكولوجية.. حل لأخطر التغيرات البيئية
في حين أن ما يقرب من 75٪ من الأمراض المُعدية في العالم حيوانية المصدر، فنتيجة لاقتحام الإنسان موائل الحياة البرية، لغاية صيد الحيوانات واستهلاك لحومها أو لغايات أخرى، ترتفع احتمالية انتقال الأمراض من الحيوانات إلى البشر؛ مثل فيروس نقص المناعة البشرية وفيروس الإيبولا.
التغيرات المناخية
وعند الحديث عن التغيرات التي تطرأ على البيئة، بسبب الأنشطة البشرية، لا بد من التطرق إلى التغير المناخي، الذي يترتب عليه آثار سلبية على صحة الإنسان.
فمثلاً زيادة مستويات ثاني أكسيد الكربون، تقود لزيادة في معدل حبوب اللقاح لدى النباتات المسببة لحساسية الجهاز التنفسي. كما تشير دراسات إلى أن ارتفاع تركيزات غاز الأوزون والضباب الدخاني؛ يسبب أمراض الجهاز التنفسي والقلب، ويزيد نسبة الوفيات.
كما يتسبب التغير المناخي في زيادة نقل الأمراض المعدية؛ فمثلاً يتسبب ارتفاع درجات الحرارة وزيادة منسوب هطول الأمطار في زيادة معدل تفشي الأمراض المنقولة عبر المياه.

أما التأثيرات بعيدة المدى نسبياً على صحة الإنسان، فمن المتوقع أن تحدث نتيجة الكوارث الطبيعية الناجمة عن التغيرات المناخية؛ على رأسها الجفاف والفيضانات والأعاصير المدارية وحرائق الغابات وموجات الحرارة، الأمر الذي يهدد الأمن الغذائي والوصول إلى المياه العذبة.
استعادة ما أفسدناه
ولضمان صحة الإنسان لا بد من ضمان صحة البيئة، ويتم ذلك من خلال استعادة النظم البيئية في الجبال والغابات والمحيطات.. وغيرها، ومن أبرز الإجراءات الواجب اتباعها لتحقيق ذلك؛ الحد من حرث الأراضي، وضرورة استخدام الأسمدة الطبيعية، ومكافحة الآفات، والتوجه نحو زراعة محاصيل أكثر تنوعاً.

إضافة إلى إعادة تشجير الغابات لتعويض ما يتم قطعه للاستهلاك البشري، وتقليل استنزافها حتى تنمو مجدداً. أما بالنسبة إلى المحيطات فمن الضروري إدارة صيد الأسماك، ومعالجة مياه الصرف الصحي والنفايات الأخرى، ومنع النفايات البلاستيكية من دخول المياه، والحفاظ على الشعب المرجانية.
في حين يجب حماية الجبال من الانهيارات الأرضية والجليدية، عبر إعادة زراعة غاباتها، وبناء السدود والطرق دون التعدي على الأنهار والموائل الجبلية.