الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
في اليمن.. استيراد الممارسات الشيعية يُعزز من راديكالية الإسلام السُّني

كيوبوست
يحاول الحوثيون لفت الأنظار إليهم خلال الأسابيع الأخيرة، عبر طرح المزيد من المبادرات الاستعراضية؛ حسب تقرير إخباري نشرته صحيفة “لوموند” الفرنسية.
بين إطلاق الشائعات حول وقف وشيك لإطلاق النار مع المملكة العربية السعودية، وتسليط الضوء لأغراض دعائية على الانقلابات العسكرية الكبرى التي أُحبطت في أغسطس الماضي، والإعلان عن إطلاق سراح الأسرى من جانب واحد، تتفاوت روايات الحوثيين؛ فوَفقًا للجنة الدولية للصليب الأحمر، أطلق الحوثيون سراح 290 سجينًا بموجب اتفاق توسَّطت فيه الأمم المتحدة لإلغاء التصعيد في البلاد.
اقرأ أيضًا: الحوثيون واليمن.. إيران ودعم الطائفية ضد العرب.
يأتي هذا النشاط بعد أن وجدت المجموعة المسلحة المدعومة من إيران نفسها في قلب الأحداث الدولية، بعد أن كانت مجرد جماعة هامشية في المعادلة الإقليمية، وذلك إثر الضربة التي استهدفت مواقع النفط السعودية؛ ضربة يدَّعي الحوثيون أنهم مَن قاموا بتوجيهها ردًّا على السعودية التي تشن حربًا عليهم منذ مطلع عام 2015، وإذا صح هذا الكلام فيبدو أن الحرب تدخل مرحلة جديدة.
أمراء حرب
الوقائع على الأرض، كما تشير الصحيفة، تؤكد بسط الحوثيين سيطرتهم على جزء قليل من الأراضي اليمنية، إلا أن تلك الأراضي تُشكل موطن غالبية السكان في اليمن، وبعد مرور خمس سنوات على وصولهم إلى صنعاء تمكَّن هؤلاء المتمردون من تعزيز سيطرتهم على تلك المناطق، بفضل اقتصاد الحرب وعمليات التهريب التي نشطت بسبب ظروف الحصار المفروض عليهم؛ ما أسهم في إثراء قادة الحوثيين وبروز طبقة أمراء الحرب.
ليس هذا فحسب، بل إن ظروف الحرب قد جعلت السكان أكثر استسلامًا واعتمادًا على سلطة الحوثيين، بينما أسهمت حالة الصراع المستمرة في تخلِّي اليمنيين البسطاء عن أي مطالب تتعلق بمسائل الحكم وإدارة المناطق التي يقطنونها. لقد تمكَّن الحوثيون من إحكام قبضتهم على المؤسسات القائمة؛ بل وإنشاء مؤسساتهم الخاصة، متشبثين أكثر بالسلطة.
ممارسات طائفية
على الرغم من أن الدعم الإيراني لهذه الجماعة كان واضحًا منذ البداية، خصوصًا على مستويات التدريب والخبرات وتسليم دفعات جديدة من الأسلحة تتمثل في الطائرات دون طيار أو الصواريخ التي سمحت للحوثيين بتهديد الرياض وبتكلفة منخفضة؛ فإن ذلك يتزامن أيضًا مع الاستيراد الممنهج والتدريجي لأيديولوجية الجمهورية الإسلامية بين صفوف هذه الحركة المتمردة، والتي تعتنق في الأصل إسلامًا يختلف إلى حد كبير عن ممارسات الشيعة الإيرانية؛ لكننا اليوم نلاحظ بوضوح انتشار تلك المعتقدات والممارسات، خصوصًا بين الأجيال الأحدث سنًّا من الحوثيين.
في المقابل تنشط في الجبهات الجنوبية فئات وجماعات مسلحة مناهضة للحوثيين فكريًّا وعقائديًّا، تستمد أيديولوجيتها من أفكار راديكالية متطرفة. وفي ظل التردد الدولي في وضع حد للحوثيين حتى الساعة، تنمو المخاوف من تحول الصراع إلى طائفي يقوده قطبان، سُني وشيعي، يستلهمان تجارب أخرى شهدتها المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية.
اقرأ أيضًا: الحوثيون .. يسعون إلى طمس تاريخ اليمن.
صراع سُني- شيعي
في هذا المشهد المجزَّأ، تجد الجماعات الجهادية مرتعًا لها؛ خصوصًا في المناطق الجنوبية التي شهدت نزاعات مستمرة وتضارب مصالح.. في يونيو الماضي شنَّ “القاعدة” في شبه الجزيرة العربية عدة هجمات هناك، كما استفاد الجهاديون من الصراع بين القوات الموالية لحكومة هادي ومجلس الحكم الانتقالي في الجنوب، فسيطر “القاعدة” على بعض المناطق الجنوبية وقام بزيادة نفوذه وشن دعاية مضادة وصلت إلى حد سماع اسم تنظيم الدولة الإسلامية يتردد وبقوة هناك.
في ظل حالة عدم الاستقرار التي يشهدها اليمن اليوم؛ خصوصًا في المناطق الجنوبية، يحتفظ تنظيم القاعدة بمساندة مجموعات جهادية أخرى قادرة على الوجود والتأثير والتوظيف في تلك المناطق، وتحاول تلك الجماعات الاستفادة من توظيف الأجيال الأحدث سنًّا وتغذيتها بالأفكار الجهادية انطلاقًا من معرفات طائفية تستند إلى معطيات الصراع التاريخي بين السُّنة والشيعة.
وتخلص الصحيفة الفرنسية إلى أن استيراد الممارسات الإيرانية الشيعية إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون سينجم عنه حتمًا تعميم للخطاب السُّني الراديكالي في أماكن أخرى. وعلى الرغم من أن اليمن عرف عبر الزمن تنوعًا مذهبيًّا، ونجت التعقيدات الطائفية تاريخيًّا من محاولات التقسيم؛ فإن هذا الشبح يعود وبقوة اليوم إثر استيراد الصراع السُّني- الشيعي بوجهه الأكثر قتامة إلى هذا البلد.