الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

في الصين.. يقاتل المنغوليون للحفاظ على لغتهم

سكان إقليم منغوليا الداخلية ذي الحكم الذاتي يحاربون خطوة الصين لتغيير المناهج الدراسية.. ويرون فيها اعتداءً على هويتهم ومحاولة لطمسها

كيوبوست

مع بداية هذا العام الدراسي، اندلعتِ الاحتجاجات في منغوليا الداخلية؛ وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي في شمال الصين؛ للاحتجاج ضد استبدال اللغة الصينية بالمنغولية في مواد معينة في المدرسة.

مع الأسف، لا يمكن لأي مراقب من الخارج متابعة هذه الاحتجاجات، أو قياس ردود الفعل عليها؛ فالسلطات الصينية أقدمت على حجب جميع المعلومات المتعلقة بها، وبالنسبة إلى الأغلبية الساحقة من 550 مليون مستخدم نشط لموقع “Weibo”، إحدى الشبكات الاجتماعية الأكثر شعبية في الصين، لا توجد احتجاجات جماهيرية حالياً في تلك المنطقة.

صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، كانت قد خصصت مقالاً أواخر الشهر الماضي عن تلك الاحتجاجات، ونقلت عن مصدر ناشط في مجال حقوق الإنسان، أن “آلاف المنغوليين تجمعوا أمام المدارس؛ للاحتجاج على سياسة من شأنها تقليص تعليم لغتهم لصالح اللغة الصينية”. وهو ما فعلته بكين في هونغ كونغ في غضون ثلاث سنوات؛ حيث يتم تدريس اللغة والأدب والسياسة والتاريخ باللغة الصينية، والآن تحاول فرضه في منغوليا.

ولم تكتفِ السلطات بفرض هذا الأمر؛ بل فرضت عقوبات أيضاً لمَن يمتنعون عن تطبيقه. في هوهيهوت عاصمة منغوليا، اعتقل أحد السكان إدارياً لمدة خمسة أيام بتهمة “نشر معلومات كاذبة بشأن استخدام كتب مدرسية جديدة تم توزيعها على المستوى الوطني؛ ما قد يتسبب في حدوث الذعر الاجتماعي”، حسب بيان الشرطة.

اليوم الأول للدراسة في منغوليا- “Getty Images”

عقوبات مشددة

أما بالنسبة إلى العائلات التي لم ترسل أطفالها إلى المدرسة في الوقت المحدد وهو 15 سبتمبر، فالعقوبات تبدو أشد؛ حيث سيتم تعليق جميع المساعدات والإعانات المختلفة. كما نقل موقع “China Digital Times”؛ وهو موقع بلغة الماندرين يتمركز في الولايات المتحدة.

لضمان تنفيذ الأهالي تلك الأوامر وإرسال أولادهم إلى المدارس التي بدأت بتدريس المناهج الوطنية الموحدة، وضعت بكين مجموعة من اللوائح: الآباء الذين يرسلون أطفالهم إلى المدرسة قبل 16 سبتمبر وقاموا بالتسجيل عبر الهاتف، سيحصلون على المساعدات الزراعية والإعانات الأخرى في الوقت المحدد.

أما بالنسبة إلى العائلات التي أرسلت أطفالها إلى المدرسة بعد 17 سبتمبر أو لم ترسلهم بعد، فسيتم تعليق جميع المساعدات. وبالنسبة إلى العائلات التي تمتلك الماشية، فستتم مراقبة عدد رؤوس القطيع التي يمتلكونها، وإذا ما تم تجاوز الحد المسموح به لكل وحدة مساحة، فسيتم فرض عقوبات أشد.

اقرا أيضاً: استراتيجية الصين الكبرى.. الاتجاهات والمسارات والتنافس طويل المدى

وستمتد تلك العقوبات إلى ما هو أشد، ربما تحديداً إلى القروض المصرفية؛ فبالنسبة إلى الآباء الذين يرفضون تنفيذ الأحكام الوطنية الرئيسية ولم يرسلوا أطفالهم إلى المدرسة في الوقت المحدد دون سبب وجيه، ستعمد المؤسسات المالية؛ مثل البنك الزراعي الوطني أو تعاونية التسليف الريفي، إلى عدم النظر في طلبات القروض الخاصة بهم لمدة خمس سنوات.

ويبدو أن تلك العقوبات قد طبقت بسرعة؛ حيث حصلت وسائل إعلام في هونغ كونغ، على وثيقة رسمية محررة في 17 سبتمبر تكشف عن أن مدرسة ثانوية منغولية حرمت طالباً من حقه في التسجيل؛ حيث اعتبر عدم الحضور إلى المدرسة في الوقت المحدد تخلياً طوعياً عن القبول، بينما وجهت مدرسة ثانوية أخرى، قبل أيام، تحذيرات بسحب قبول مئات الطلاب لم يسجلوا في الوقت المحدد.

اقرأ أيضًا: في ذكرى نفيهم.. التتار تاريخ من الترحال

لكن السلطات الصينية تعرف أيضاً كيفية التعامل بسياسة العصا والجزرة؛ لتشجيع العودة إلى المدرسة، فقد وعدت رابطة الشبيبة الشيوعية في المدينة بمكافأة قدرها 200 يوان (20 دولاراً) لكل طالب يقنع زميلًا له في الفصل بالعودة إلى المدرسة.

مطلع الشهر الحالي، تناول مقال في مجلة “ديلي بيست” ما تشهده منغوليا الداخلية حالياً، وتحدث كاتب المقال برندون هونغ، عن أن سكان منغوليا يحاربون هذه الخطوة ويرون فيها “اعتداءً على هويتهم ومحاولة لطمسها”، كما أنهم يؤكدون أن وسائل الإعلام المختلفة تبث موادها بلغة المندرين الصينية، وأن لغتهم الأم تتوارى إلى حد كبير في وسائل الإعلام، لافتين إلى أن تلك سياسة صينية بحتة تم تطبيقها في مقاطعات أخرى؛ وهاهو الأمر اليوم يتكرر مع منغوليا.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة