الواجهة الرئيسيةدراساتشؤون خليجيةشؤون دولية
في الذكرى الـ26 لتفجيرات الخبر: باحث سعودي يفتح ملف الدور الإيراني في دول الخليج

كيوبوست
صدر عن معهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن بحث بعنوان “حزب الله الحجاز.. جماعة شيعية سعودية يكتنفها الغموض”، للباحث السعودي عبدالله فيصل آل ربح، أستاذ علم الاجتماع الديني بجامعة جراند فالي، والباحث بمعهد دراسات الشرق الأوسط بواشنطن. وقد تناول البحث المنظمة المتطرفة المعروفة بـ”حزب الله الحجاز”، دارساً جذورها وتطور نشاطاتها والأعمال التي تُتهم بالتورط فيها.
وقدَّم الباحث توضيحات للمرجعية الفقهية للخميني ثم الخامنئي، ومحدودية نفوذ الولي الفقيه بين أبناء الطائفة الشيعية في المملكة، قبل أن يتطرق إلى السرية التي تلف المجموعة؛ حيث لم يعرف حتى الآن من أعضائها سوى أولئك المتهمين بالتورط في أعمال عنف.

سرديات مختلفة حول تفجير الخبر
ناقش البحث قصة تفجير أبراج الخبر، التي وقعت في 25 يونيو 1996، والتي انفردت المصادر الأمريكية بالحديث التفصيلي عنها، وفضَّلت السلطات السعودية عدم إقحام الإعلام فيها لأسباب تتعلق بالأمن الوطني. وتناول البحث ما طرحه رئيس جهاز التحقيقات الفيدرالية السابق لويس فريه، في مذكراته حول القضية، وكيف أنه قد توصل إلى اتهام إيران وأشخاص سعوديين مرتبطين بها، بناء على معلومات حيثية حصل عليها من جهاز المباحث السعودي وأكدها من خلال التحقيق الميداني.
اقرأ أيضاً: ربع قرن على تفجيرات أبراج الخُبر.. الدروس المستفادة
كما قارن آل ربح بين الرواية الأمريكية الرسمية التي تتهم إيران وأتباعها بتفجير الخبر، والرواية المقابلة التي تتهم تنظيم القاعدة بالعملية؛ والتي يأتي على رأس المؤمنين بها المؤرخ والصحفي الاستقصائي الأمريكي جاريث بورتر، والصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان، ويميل معهم وزير الدفاع الأمريكي الأسبق وليام بيري.. وخلص الباحث إلى أن “القاعدة” -عادة- تتبنى عملياتها بشكل صريح، إضافة إلى عدم وجود اتهام رسمي من الدولة التي وقع الهجوم على أراضيها، وكذلك الدولة التي ينتمي إليها ضحايا الهجوم. وأكد الباحث أن غياب سردية رسمية من الحكومتَين السعودية والإيرانية، إضافة إلى تنظيم القاعدة، يترك المتابع معتمداً على الرواية الأمريكية التي قدمت تفاصيل القصة، حسب تصورها.
فاعلون في “حزب الله الحجاز”
تناول الباحث أبرز الأسماء المنتمية إلى “حزب الله الحجاز”؛ والتي على رأسها زعيم “حزب الله الحجاز” عبدالكريم حسين محمد الناصر، الذي تعرض الحكومة الأمريكية مكافأة قدرها خمسة ملايين دولار مقابل الإدلاء بمعلومات تؤدي إلى اعتقاله. ورغم حجم أهميته؛ فإن الغموض يلفه بشكل كبير. فلم يُعرف عن الناصر كونه عالماً أو خطيباً بارزاً، كما أنه ليس من الشخصيات الاجتماعية البارزة في مسقط رأسه الأحساء. من المثير للاهتمام للغاية أن الرجل الذي من المفترض أن يكون زعيماً لمنظمة بهذه الخطورة، غامضٌ إلى المستوى الذي لا يتوفر خلاله وصف لدوره داخل المجموعة أو أية معلومات أو حتى شائعات حول مصيره الحالي. إن قائداً لمنظمة خطيرة بوزن “حزب الله الحجاز”، يفترض أن يكون له دور واضح وأن تذيَّل بياناتها باسمه.

أما عن الاسم الأكثر تداولاً، أحمد إبراهيم المغسل -الشهير بأبي عمران- وهو من أبناء القطيف، وقد سبق له الانضمام إلى التيار الشيرازي قبل أن يحوِّل وجهته إلى خط الإمام. فقد أشار الباحث إلى أنه منذ بداية التسعينيات حددت جميع التقارير الاستخباراتية شخصية الرجل بوصفه زعيم الجناح العسكري للجماعة الإسلامية الشيعية المتطرفة. وقد كان أبو عمران يتنقل متنكراً بين إيران ولبنان والسعودية، بجوازات مزورة. وبناء على تفاصيل الدعوى القضائية الرسمية المقدمة لمحكمة فرجينيا، فإن المغسل متهم بالمسؤولية المباشرة عن التخطيط للهجوم وتدريب أعضاء الخلية المنفذة. وكما هي الحال مع الناصر، فإن الحكومة الأمريكية تعرض خمسة ملايين دولار لمَن يدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه. هذه المكافأة أصبحت في حكم اللاغية بعد تمكن السلطات السعودية من القبض عليه في أغسطس 2015 في عملية نوعية بمطار بيروت ونقلته إلى المملكة.
اقرأ أيضاً: بصمات إيران تقف خلف استهداف منشآت النفط في السعودية
وأخيراً، هاني الصايغ؛ الاسم الآخر الذي كان أول الأسماء التي ذكرها فريه في مذكراته. وقد ذكر فريه بالتفصيل دور الصايغ في العملية بأنه كان سائق المركبة التي كانت تستكشف المكان، وتوقفت في الزاوية البعيدة للمبنى ١٣١. وإلى جانب ذلك الدور، يشير ملف الدعوى القضائية إلى أن الصايغ شارك في جوانب أخرى مختلفة من العملية؛ بما في ذلك إعداد تقارير مراقبة عن القوات الأمريكية الموجودة في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية، إضافة إلى دوره في تحضير الشاحنة المُفخخة في إحدى مزارع القطيف. غير أن اتساع دائرة الاتهامات الموجهة إلى الصايغ أمر يستحق التوقف عنده، فكيف لرجل ضعيف البنية ومصاب بالربو أن يقوم بكل هذه المهام؟ كذلك فإنه قد ذهب إلى كندا في أغسطس ١٩٩٦، واعتُقل في مارس ١٩٩٧ قبل أن تسلمه السلطات هناك إلى الولايات المتحدة، في يونيو من العام نفسه.

أحداث القطيف
تطرق الباحث إلى أحداث القطيف عام 2011، والتي اتهمت فيها الحكومتان السعودية والبحرينية إيران بالتدخل فيها؛ خصوصاً مع التصريحات الإيرانية الرسمية التي دعمت الاحتجاجات في السعودية والبحرين، وتحميلها الحكومتَين الملكيتَين مسؤولية التوترات بينها وبين مواطنيها. وقد توصل الباحث إلى أن بعض عملاء إيران في الداخل كانوا يستدرجون بعض الشباب من أبناء الطائفة الشيعية للسفر لزيارة إيران أو العراق تحت غطاء أنها زيارات دينية أو لأسباب أخرى؛ ليجدوا أنفسهم في منشآت تدريبية إيرانية. وقد تلقى هؤلاء الشباب التدريب الأساسي وتُركوا ليعودوا إلى بلادهم.
اقرأ أيضاً: المملكة العربية السعودية: ما هو أبعد من مكافحة التطرف
كما أشار البحث إلى قضية خلية التجسس التي تم توقيفها في 2013 ومحاكمة وإعدام بعض أعضائها في 2019.
وفي الختام، تساءل الباحث عن مستقبل مرجعية الولي الفقيه في مرحلة ما بعد الخامنئي، وهل سيرجع مقلدو الخامنئي فقهياً إلى المرشد الأعلى المقبل لإيران؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فإن الأمر يعني أن موقع المرجعية بالنسبة إلى خط الإمام قد تجاوز مجرد مسألة الموقع الفقهي ليشكل موقعاً سياسياً أيضاً. سيتضح هذا الأمر في حال تبنت غالبية خط الإمام مرجعية المرشد الأعلى المقبل. يتوقع الكثير من المراقبين أن السيد إبراهيم رئيسي -الرئيس الإيراني الحالي- سيكون هو المرشد القادم. بالتالي، علينا الانتظار لنرى ما إذا كان السيد رئيسي -أو أي شخص آخر يتولى هذا المنصب- سيحظى بنسبة معتبرة من المقلدين لمرجعية طهران.