الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون خليجيةشؤون دوليةشؤون عربية

في الذكرى العشرين لغزو العراق: دروس مستفادة

بكل المقاييس فشل الغزو في تحقيق أي أهداف حددها صانعو السياسة الأمريكيون لتبرير العملية العسكرية في العراق

كيوبوست- ترجمات

إميل نخلة

مع اقترابنا من الذكرى العشرين لغزو العراق، يجب أن نتدبر الدروس التي ربما تكون الولايات المتحدة قد استخلصتها من التجربة، علّ هذه الدروس تحول دون الإقدام على أي عملياتٍ عسكرية مستقبلية تستهدف تغيير أنظمة الدول.

بكل المقاييس، فشل الغزو في تحقيق أي أهداف حددها صانعو السياسة الأمريكيون لتبرير العملية العسكرية في العراق. ورغم الإطاحة بصدام حسين من السلطة، فلا تزال الدولة تعاني من عدم الاستقرار والفساد، والصراعات الطائفية، والتفكك الاقتصادي، وانهيار البنية التحتية، والإرهاب. فيما يلي العوامل الرئيسة التي أسهمت في حدوث كارثة ما بعد الغزو.

اقرأ أيضًا: العراقيون يتجهون شرقاً للتغلب على العقوبات الأمريكية

التاريخ السياسي والديني للعراق

لقد ذُهلت عشية الغزو، بوصفي محللاً استخباراتياً في الحكومة آنذاك، من مدى جهل كبار صناع السياسة الأمريكيين بتركيبة العراق الحديث، وتاريخ الشيعة فيه، وكذا المظالم المتجذرة للأغلبية الشيعية في العراق، التي كانت تحكمها أقلية سنية منذ تأسيس الدولة في أوائل عشرينيات القرن الماضي.

وهكذا، استفاق المسؤولون الأمريكيون، بعد الغزو، وراحوا يتساءلون عن أهمية “العامل” الشيعي في العراق وسبب تدخل إيران.

قوات أمريكية في العراق- أرشيف

أسئلة اليوم التالي للغزو

بصرف النظر عن غياب المعرفة الأولية بالحقائق العراقية، لم يُركز كبار صناع السياسة في واشنطن على ما سيتبع نظام صدام. وفي انعكاس لشعور بغطرسة “القدرة”، اعتقد البعض أن الوجود الأمريكي الضخم سيخلق في حدِّ ذاته الاستقرار في العراق، ويحافظ عليه. وغاب عنهم أن يسألوا أسئلة بديهية من قبيل:

ما القبائل أو العشائر أو الطوائف الدينية التي يجب على الجيش الأمريكي والدبلوماسيين الأمريكيين التعامل معها عند دخول العراق؟ من سيحكم العراق: القادة المحليون أو قادة الشتات بعد الإطاحة بصدام؟ ما شكل الحكومة الذي يجب أن يحل محل صدام – الديمقراطية أو الانتخابات أو توزيع السلطة على الطوائف الدينية أو العرقية، على غرار لبنان؟ كيف يمكن إشراك القوى الإقليمية، على سبيل المثال، إيران الشيعية وحكام الخليج السنة، في عراق ما بعد صدام الذي يحكمه الشيعة؟

اقرأ أيضاً: هل يتجه الكونغرس الأمريكي لقطع المساعدات عن العراق؟

كيف جلب اجتثاث البعث الفوضى في العراق

عشية الغزو، لم يكن كبار مهندسي حرب العراق في واشنطن يعرفون سوى القليل جداً عن مركزية حزب البعث لجميع مستويات المجتمع العراقي. اعتقد بعضهم أن اجتثاث البعث في العراق يمكن أن يكون فعالاً مثل اجتثاث النازية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية. لكن الأمر لم يسر بهذه الطريقة في العراق. من خلال إبعاد الآلاف من العراقيين من وظائفهم بسبب انتمائهم إلى حزب البعث، واجهت سلطة التحالف المؤقتة التي تديرها الولايات المتحدة في العراق بين عشية وضحاها ملايين العراقيين العاطلين عن العمل، الذين يشعرون بالمهانة والحنق، وكثير منهم من المسلمين السُنّة الذين تدفقوا إلى شوارع بغداد، ومدن أخرى احتجاجاً، الذين سرعان ما أشعلوا تمرداً هائلاً مناهضاً للولايات المتحدة استمر لسنوات.

لقد كان اجتثاث البعث وحل الجيش العراقي القرارين الأكثر كارثية اللذين اتخذتهما الإدارة الأمريكية في بغداد بعد سقوط صدام.

اقرأ أيضًا: العراق.. فضيحة فساد تاريخية ومخاوف من تمويل الإرهاب

الدروس المستفادة

لقد أتيحت الخبرة الاستخباراتية والسياساتية المتعلقة بالعراق لمتخذي القرار على أعلى المستويات، ولكنهم تجاهلوها. يبدو أن التفكير الجماعي وعدم الاهتمام كانا الأساس الذي بُني عليه قرار الحرب، ما قاد إلى الكارثة التي تلَت ذلك.

لذا، قبل أن يشرع قادتنا في مغامرةٍ أخرى لتغيير النظام، يجب أن يؤسسوا قراراتهم على الخبرة العميقة حول الدولة المستهدفة، واستخبارات قوية يمكن التحقق منها، وأساس منطقي مقبولٌ وطنياً، وأهداف واضحة. وفي المقام الأول، يجب أن يتحلوا بتواضعٍ حقيقي فيما يتعلق بحدود قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على تطوّر الأحداث والتداعيات الأوسع نطاقاً.

المصدر: “ذا سايفر بريف

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة