الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية
في الاستثمارات القطرية في تونس.. فتش عن حزب النهضة
تخوفات من تدخل الدوحة في الشؤون الداخلية ودعوات لفصل المال عن السياسة

كيوبوست-تونس
تتزايد الاستثمارات القطرية في تونس بصورة لافتة، الأمر الذي نبه بعض المتابعين إلى الدعوة لفصل الاستثمارات والأموال القطرية عن كل ما هو سياسي مرتبط بالمصالح الضيقة، وإبعاد تلك الاستثمارات عن القرار السياسي في تونس.
بنك الزيتونة
فقد تمكَّنت مجموعة “ماجدة القطرية” التابعة للشيخة موزة، والدة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، بشكل رسمي، من امتلاك جميع أسهم بنك الزيتونة في تونس.
وفي السياق ذاته، أشار موقع “ilboursa.com” التونسي، إلى أن “مجموعة التريكي” أنهت خلال مزاد علني، إحالة حصتها في بنك الزيتونة لفائدة الفرع التونسي لمجموعة “ماجدة القطرية”.
وأضاف الموقع أن “مجموعة التريكي” فوتت في نصيبها من الأسهم البالغ عددها 25084739، بسعر موحد بلغ 4.460 دينار تونسي (قرابة 1.5 دولار) عن السهم الواحد.

وأكد الموقع أن كتلة الأسهم التي بيعت تمثل 20.903% من رأسمال البنك، وأن قيمة صفقة التفويت بلغت 111.88 مليون دينار (38.7 مليون دولار)، علمًا بأن “مجموعة التريكي” اشترت، في 6 يوليو 2018، أسهم البنك الإسلامي للتنمية كافة، (20.9% من رأسمال بنك الزيتونة).
وبعد إتمام الصفقات، أصبح رأسمال بنك الزيتونة مملوكًا بنسبة 100% من قِبَل مجموعة “ماجدة القطرية” بتونس، بعد أن اشترت في وقت سابق أيضًا حصة الدولة في البنك المذكور، وهو من المؤسسات المصادَرة من صهر الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، صخر الماطري.
اقرأ أيضًا: المسدي لكيوبوست: أرفض أن يكون البرلمان التونسي منبرًا للإخوان المسلمين
تنوع استثماري
وتزامن وصول حزب النهضة الإخواني إلى السلطة مع احتلال دولة قطر مركز الصدارة في حجم الاستثمارات الأجنبية في تونس؛ فهي الأولى عربيًّا، حيث تضاعفت استثماراتها أكثر من 5 مرات مقارنة بعام 2017؛ بفضل الشراكات الاقتصادية المتقدمة التي تعمل البلدان على تنميتها عبر مشروعات مشتركة في القطاع السياحي ومشروع الديار القطرية.
ويلاحظ على هذه الاستثمارات أنها متنوعة؛ فمنها ما هو موجه إلى الجانب الاجتماعي، أو لدعم خزينة الدولة، بالإضافة إلى مشروعات سياحية ضخمة، كما تعهدت قطر بتوفير مبلغ مليار دولار؛ بمناسبة انعقاد مؤتمر الاستثمار في تونس 2020.
وقد قاربت الاستثمارات القطرية المباشرة 479 مليون دينار، أي نحو 159 مليون دولار، صعودًا من 83.18 مليون دينار، أي ما يقارب 27 مليون دولار سنة 2017.
وفي الآونة الأخيرة، تصدَّر الحديث عن الإصلاحات الاقتصادية التي تجريها تونس للنهوض بالاقتصاد وإخراج البلاد من عنق الزجاجة وتخليصها من أزمتها المالية الخانقة؛ حيث اشتد الجدل حول هذه المسألة؛ لا سيما وقد وجهت أحزاب المعارضة أصابع الاتهام إلى الحكومة بأنها تخضع إلى ضغوطات صناديق النقد وإملاءات الدول الأجنبية.

حلول وموارد
يقول الخبير الاقتصادي معز الجودي: “إن عملية التفريط في بنك الزيتونة لها تفسيران لا ثالث لهما؛ أولًا: إذا نظرنا إليها من الناحية الاقتصاية، فإنه من الضروري التفكير في طريقة للاستفادة من المؤسسات المصادَرة نظرًا إلى المشكلات التي تعيشها هذه المؤسسات، سواء اقتصادية أو سوء تصرف.. وما إلى ذلك من تأثيرات على الاقتصاد الوطني. وثانيًا: لا يمكن التركيز فقط على الجهة المستفيدة من الصفقة؛ فالعرض القطري مغرٍ وبالعملة الصعبة وتونس في حاجة أكيدة إلى ذلك؛ وبالتالي لا يمكن أن نخالف الحكومة التونسية في اختيار العرض الأعلى؛ لأن ذلك ما تفرضه سوق المال؛ خصوصًا أن الاقتصاد التونسي يعاني أزمة تفرض عليه إيجاد الحلول اللازمة وتوفير موارد مالية جديدة، مشيرًا إلى أن قطر أصبح لها وجود مكثف في تونس؛ إذ أصبحت تملك بنكَين: البنك الدولي القطري الذي كانت تونس شريكًا لها فيه حين كان اسمه البنك التونسي القطري، وبنك الزيتونة الذي يعد من أفضل البنوك في تونس من ناحية الصلابة والقوامة المالية، وله ثقله في القطاع البنكي.
اقرأ أيضًا: مع تراجع شعبية الحركة وتدهور وضعها.. استطلاعات الرأي تغضب “إخوان النهضة” في تونس
وأوضح الجودي، في حديث خاص مع “كيوبوست”، أن النقطة التي نعيبها على الحكومة التونسية في عملية التفريط في بنك الزيتونة هي أن “مجموعة ماجدة القابضة” ليست مختصة في المجال البنكي، وجَرَت العادة عند التفويت في مؤسسة بنكية أنه يجب أن يكون المستثمر له كفاءة وشرعية في الميدان البنكي والمالي، وهما لا يتوفران في المجموعة القطرية؛ إذ إنه مجمع معروف بالاستثمار في المنتجعات السياحية والمشروعات البنائية، وبالتالي يكون التساؤل حول الإضافة التي ستقدمها المجموعة إلى البنك!
الدور السياسي
إلى ذلك، عدّ الخبير الاقتصادي أن تواتر الوجود القطري في تونس أصبح بارزًا على المستويين الاقتصادي والمالي، على الرغم من أن هذا الوجود يقتصر على السياحة والخدمات، في حين أن الاقتصاد التونسي في حاجة إلى الاستثمار في الصناعة وقطاعات أخرى وظيفية؛ كي يقدم الإضافة ويفتح فرص عمل جديدة ويرسي مشروعات صغرى ومتوسطة في تونس.
ونبَّه الجودي من الدور السياسي القطري في عدد من الدول العربية ودعمه الحركات الإسلامية والجهات السياسية، لافتًا إلى ضرورة عدم السماح للقطريين بالتدخُّل في الشؤون الداخلية لتونس.

وتابع الخبير الاقتصادي بأن الوجود الاقتصادي القطري والاستثمار وضخ الأموال لا يمكن أن تخوِّل لها تأثيرات على القرار السياسي في تونس، وبالتالي يجب التفطُّن إلى ضرورة الفصل بين القطريين كمستثمرين وفاعلين اقتصاديين وكل ما هو سياسي ومصالح ضيقة، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إنكار التواصل بين منظومة الحكم في قطر وحركة النهضة والعلاقة المتينة بينهما، إضافة إلى وجود منظومة حكم لها علاقات استراتيجية مع جماعة الإخوان المسلمين ودعمها أينما كانت، حسب قوله.
وفي المقابل، يعتقد النائب بمجلس نواب الشعب، المنجي الرحوي، أن أي فعل اقتصادي لا يخضع لحزب بل لدراسة جدوى ومردودية ربحية، وبنك الزيتونة تمكَّن من تحقيق مكاسب جيدة؛ وبالتالي فإنه يعدّ استثمارًا مربحًا في قطاع مربح، وقد أُرسي طلب العروض على القطريين.
وقال الرحوي، في حديثه إلى “كيوبوست”: “إن للسلطة القطرية في تونس نوعًا من الأفضلية؛ خصوصًا في مرحلة ما بعد الثورة”، مشيرًا إلى أن علاقة قطر بحركة النهضة علاقة استثمار وليست علاقة مبنية على تقاسم أيديولوجي.. علاقة في إطار مشروع تم فيه وضع الإسلاميين للظهور في البلدان العربية.