الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دوليةصحة
فيروس كورونا.. متى نستطيع التوقف عن استعمال الكمامة؟
يعتقد الخبراء أن شهوراً قد تمر قبل أن يتم تطعيم عدد كافٍ من الناس ضد فيروس "كوفيد-19".. بما يتيح الاستغناء عن استعمال الكمامة

كيوبوست – ترجمات
دانييل باردسلي♦
انبثقت الآمال بأن العودة إلى الحياة الطبيعية باتت تلوح في الأفق مع التجارب السريرية التي أظهرت أن بعض لقاحات فيروس كورونا يمكن أن تكون فعالة بنسبة تزيد على 90%. ولكن متى يمكن للعالم أن يشهد نهاية استعمال الكمامة التي تعتبر أكثر الإجراءات شيوعاً لمنع انتشار الفيروس؟
للتقليل من انتشار العدوى إلى الحد الأدنى، فرضت دولة الإمارات العربية المتحدة استعمال الكمامات بوضع قواعد أكثر صرامة من تلك المتبعة في الكثير من الدول الأخرى؛ حيث فرضت غرامة قدرها 3000 درهم على مَن يخالفون هذه القواعد.
شاهد: فيديوغراف.. الإمارات أول دولة في العالم يتخطى فيها عدد فحوص “كورونا” عدد السكان
وقد وصفت منظمة الصحة العالمية الكمامة بأنها “إجراء أساسي لكبح العدوى وإنقاذ الأرواح”، وقالت إن الكمامة يجب أن تستعمل إلى جانب -وليس بدلاً عن- تدابير أخرى؛ مثل التباعد الاجتماعي وغسل الأيدي والتهوية الجيدة.
وإذا كانت المجتمعات تريد التخلص من الاستعمال الإلزامي للكمامات؛ فلا بد لها من برامج تطعيم شاملة. ولكن على الأغلب فإن ذلك سيستغرق شهوراً على الأقل، حتى في الدول التي تمتلك الإمكانية للحصول على اللقاح في وقت مبكر؛ ولذلك لا يتوقع الأطباء نهاية استعمال الكمامة في وقت قريب.
اقرأ أيضًا: بوادر إيجابية حول تجارب لقاحات فيروس كورونا
يقول الدكتور آشار جمال؛ طبيب الطوارئ في مشفى الزهراء في الشارقة، الذي كان قد أُصيب بالفيروس من قبل: “حتى لو حصلنا على اللقاح، فسيستغرق الأمر وقتاً طويلاً قبل أن يتم تطعيم الجميع، وما لم يتم ذلك فسيبقى خطر انتشار العدوى كامناً”؛ ولذلك يعتقد الدكتور جمال أن فرض الكمامات لن يُرفع قبل ستة إلى ثمانية أشهر بالنظر إلى الزمن اللازم لتطعيم الجميع.
ووفقاً للدكتور أندرو فريدمان، إخصائي الأمراض المعدية في جامعة كارديف في المملكة المتحدة، فإن توفر اللقاحات يعني أن الحياة سوف “تعود في نهاية المطاف إلى ما يشبه الوضع الطبيعي”؛ ولكنه قال إن ذلك يتوقف على الإجراءات المتخذة لمنع انتشار العدوى والوقاية من المرض. وقال أيضاً إن الأمر سيستغرق أشهراً على الأقل قبل انتهاء الحاجة إلى الكمامة. “يمكن أن يحدث ذلك في الربيع على أقرب تقدير، وقد يستغرق حتى الصيف في الكثير من البلدان”.

أظهر البحث في موضوع ارتداء القناع أثناء جائحة الإنفلونزا الإسبانية التي ظهرت عام 1918، أن الناس توقفوا عن استعمال الكمامة فور تغير القواعد التي فرضتها.
أجرى الدكتور جي أليكس نافارو، من مركز جامعة ميشيغان لتاريخ الطب، بحثاً عن “ارتداء الكمامة في الولايات المتحدة أثناء الإنفلونزا الإسبانية”، لصالح الوكالة الأمريكية؛ للحد من تهديدات الدفاع ومركز السيطرة على الأوبئة، حيث كانت هذه الوكالات مهتمة بدراسة أهمية ارتداء الكمامة في حال اندلاع وباء جديد قبل أكثر من عشر سنوات من ظهور “كوفيد-19”.
وفقاً للبحث، فإن ارتداء الكمامة كان إلزامياً في العديد من المدن الأمريكية أثناء انتشار الإنفلونزا الإسبانية إلى جانب العديد من الإجراءات الأخرى؛ مثل إغلاق قاعات الرقص ودور السينما وصالات البلياردو.
وبشكل عام، لم تكن التعليمات التي تقضي بفرض الكمامة تحظى بالشعبية، حتى إن بعض سكان سان فرانسيسكو نظموا مجموعة أطلقوا عليها رابطة مناهضي الكمامات.

تدرجت غرامة عدم ارتداء الكمامة من خمسة دولارات (18.37 درهماً) أو ما يعادل في حينه أجر يوم لعامل في مصنع؛ لتصل إلى مئة دولار (367.30 درهماً) بالإضافة إلى عقوبة السجن. قال الدكتور نافارو: “لقد أثبتت هذه الإجراءات غير الدوائية فعاليتها؛ فقد أبطأت انتشار الوباء وسطَّحت منحنى الذروة في عدد الإصابات، وخفضت أعداد الوفيات والإصابات”.
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى بحلول شهر نوفمبر 1918، رفعت العديد من المدن فرض ارتداء الكمامة بدافع من الأمل أن تكون أسوأ أيام الوباء قد انتهت وتحت الضغط الشعبي من معارضي الكمامات.
اقرأ أيضًا: الإنفلونزا الإسبانية.. أم جميع الأوبئة الحديثة
إلا أن معدل الإصابات عاد إلى الارتفاع بسرعة في بعض المناطق بعد رفع القيود؛ ما دفع مدينة دنفر، على سبيل المثال، إلى إعادة العمل بفرض الكمامة من جديد. يقول د.نافارو: “كانت الحرب قد انتهت، وقيل للناس إن الوباء انتهى أيضاً، فبدأ الناس يشعرون بالتعب من الوباء ومن الإجراءات المتعلقة به.. وعاد الناس إلى الوضع الطبيعي الذي كانوا عليه بسرعة ، وربما أسرع من اللازم في بعض الأماكن”.
لم يستمر استعمال الكمامة بشكل عام في الولايات المتحدة بعد الوباء؛ إلا أن الكمامة حافظت على انتشارها في أماكن أخرى من العالم، كاليابان مثلاً؛ حيث شجعت سلسلة من الأحداث على استعمالها، مثل زلزال كانتو الكبير عام 1923 الذي أدى إلى انبعاث الكثير من الغبار والدخان، وارتفاع مستويات التلوث في فترة الخمسينيات وزيادة معدلات الإصابة بالحمى القشية نتيجة زراعة الأشجار. (الحمى القشية أو حمى القش، أو التهاب الأنف التحسسي الذي يسببه غبار الطلع أو الغبار- المترجم).

لقد أسهم انتشار بعض الأمراض مؤخراً؛ مثل سارس بين عامَي 2002 و2004، وإنفلونزا الخنازير عام 2009، بالإضافة إلى تلوث الهواء الشديد، في انتشار استعمال الكمامات في شرق آسيا والصين. ويرى الباحثون أن استعمال الكمامة في شرق آسيا سلوك شائع يتقبله المجتمع ويفرضه، وهذا أمر لا نراه في أجزاء أخرى من العالم. ولذلك لا يرى المراقبون أن ارتداء الكمامة سيبقى شائعاً على الصعيد العالمي بعد انتهاء الإجراءات الحالية التي تفرضه.
وعلى الرغم من صعوبة التنبؤ بما يحمله المستقبل؛ فإن الدكتور نافارو يرى أنه من غير المحتمل أن تنتقل شعبية استعمال الكمامة من شرق آسيا إلى بلاده، ويقول: “قد أكون مخطئاً؛ ولكني لا أعتقد أننا سنرى انتشاراً واسعاً لاستعمال الكمامة هنا بعد انحسار الوباء”.
وبالمثل يرى الدكتور فريدمان أن الكثيرين سيكونون سعداء بالتخلص من كماماتهم فور انتهاء الوباء. “لا أستطيع أن أتخيل أن الناس في المملكة المتحدة أو الإمارات العربية المتحدة سوف يرغبون في ارتداء الكمامات ما لم يكن ذلك ضرورياً”.
♦صحفي مستقل، نورويتش، المملكة المتحدة.
المصدر: ذا ناشيونال نيـوز