الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

فيديوهات مسربة: تنكيل قوات “التدخل السريع” بالمواطنين في السودان

الفيديوهات أثارت جدلًا واسعًا

كيو بوست –

انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي كمية هائلة من الفيديوهات التي تظهر ما يسمى بقوات “الدعم السريع” وهي يحلقون رؤوس الشباب بطريقة بشعة ومنافية لأبسط الحقوق الآدمية. وأظهرت المقاطع المصورة تلك الميليشيا بثيابها العسكرية الرسمية، وهم يحلقون شعور الشباب بالسكاكين، مما أدى إلى إسالة الدماء من رؤوسهم.

وتعتبر قوات “الدعم السريع” بمثابة اليد الضاربة للنظام السوداني ضد معارضيه؛ إذ اعتمد عليها في أوقات سابقة ضد المتمردين وضد الخصوم السياسيين والمدنيين بصورة متكررة تحت مسميات حفظ النظام. وقد شكّل ظهورها المتكرر لتأدية تلك الأدوار إحراجًا للقوى النظامية مثل الجيش والشرطة.

اقرأ أيضًا: 3 انقلابات شكلت تاريخ السودان الحديث، فهل يصمد البشير؟

وفي الأيام الماضية، ظهرت قوات الدعم المدججة بالسلاح، وترتدي ثيابها العسكرية على متن سيارات دفع رباعي، وصارت تجوب شوارع العاصمة الخرطوم لتنفيذ حملات حلاقة للشباب الذين يطيلون شعورهم أو من يحلقون حلقات يعتبرها النظام منافية للذوق العام!

وسرعان ما ظهر هاشتاغ #حلاقين_الدعم_السريع على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط إدانات واستغراب من المواطنين السودانيين.

وللتملص من الغضب الشعبي العام، نتيجة الإهانة التي مورست بحق الشبان، والاعتداء على حريتهم الشخصية، سارعت شرطة ولاية الخرطوم لتنظيم مؤتمر صحفي نفت فيه قيام أي جهة حكومية بحملات الحلاقة تلك، وسرعان ما أحالت الحوادث إلى “نظرية المؤامرة”، وادعت أنها اعتقلت أشخاصًا عدة انتحلوا صفة القوات النظامية في أحياء العاصمة ونفذوا حملات الحلاقة!

إلّا أن توثيق المواطنين تلك الحوادث بالفيديو وضع الحكومة السودانية في موقف محرج؛ إذ تداول رواد مواقع التواصل لفيديو يظهر فيه ضابط كبير -استطاع السودانيون تحديد اسمه ورتبته- وهو يقوم بحلق رؤوس أحد الشبان بطريقة مهينة، وسط سخرية الحضور من عناصر الدعم السريع.

إضافة لعشرات الفيدوهات الأخرى التي أظهرت تنكيل الميليشيا بالشبان، وضرب أحدهم بالعصي ضربًا مبرحًا في الشوارع، وعلى مرأى من المشاة.

الدعم السريع ذراع النظام

بعد فترة قصيرة من الانقلاب العسكري لجماعة الإخوان المسلمين عام 1989، شكّل النظام السوداني الجديد ما أسماه قوات “الدفاع الشعبي”، وتكونت من مدنيين، ينتمون للقبائل العربية السودانية، واتخذت تلك الميليشيا في البدء شكلًا مدنيًا مسلحًا. ولكن النظام عبأها بطريقة دينية متطرفة، حتى يضمن طاعتها، وحتى يستطيع استخدامها ضد “الحركة الشعبية” في مدن الجنوب.

اقرأ أيضًا: من يدفع بالبشير لإكمال 35 عامًا في حكم السودان؟

وقد أثبتت “الدعم السريع” جدارتها بالقتال في مدن الجنوب على أساس عرقي وديني، كما خطط النظام للحرب أن تكون. ومع تفجّر الصراع في دارفور عام 2003، جند النظام أفرادًا من القبائل للقتال إلى جانبه، وأدخلهم إلى الحرب كمجموعات غير نظامية أطلق عليها اسم “الجنجويد”، فارتكبت تلك الميليشيات جرائم حرب ضد المدنيين في دارفور، أدّت بالنهاية إلى فرض عقوبات دولية على النظام السوداني، بعد إحالة ملف دارفور إلى محكمة الجنايات الدولية التي تقدمت بمذكرة استدعاء وتوقيف بحق الرئيس عمر البشير.

ونتيجة لسوء سمعتها محليًا ودوليًا، قام النظام السوداني بتغيير اسمي الجنجويد وقوات الدفاع الشعبي وتوحيدهما في قوات “التدخل السريع”، في محاولة لإضفاء صفة نظامية عليها بتوحيد الزي العسكري، وإيجاد تراتبية وظيفية وعسكرية فيها، ووضعها تحت إشراف جهاز الأمن والمخابرات.

وقد أدينت قوات “التدخل السريع” أكثر من مرّة من قبل مؤسسات ومنظمات دولية، بسبب قيامها بأعمال إبادة وحوادث نهب واغتصاب جماعي، بحسب “هيومان رايتس ووتش“؛ إذ أدانتها المنظمة أكثر من مرّة بسبب استخدامها “الاغتصاب كسلاح“.

اقرأ أيضًا: هل تنهي العقوبات الأمريكية الحرب الأهلية في جنوب السودان؟

ويشير مراقبون إلى أن التدخل السريع في مهامها الأخيرة ضد الشبان السودانيين وإهانتهم، اعتمدت على القانون الجنائي الذي سنّه النظام الإخواني بعد انقلاب 1989، الذي ضم العديد من المواد القانونية التي تهين اعتقادات الناس، وتدعو للتدخل في شؤونهم الخاصة، مثل مادة “الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة”، التي تنص على: “من يأتي في مكان عام فعلًا أو سلوكًا فاضحًا أو مخلًا بالآداب العامة، أو يتزين بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة، يسبب مضايقة للشعور العام، يعاقب بالجلد بما لا يتجاوز 40 جلدة، أو بالغرامة، أو بالعقوبتين معًا”، إضافة للكثير من المواد الأخرى التي تستغلها قوات التدخل السريع للتنكيل بالمواطنين، تحت مسمى فرض النظام والآداب العامة.

وفيما قوات التدخل السريع تعاقب الناس بسبب طول شعورهم، لا تستطيع أن تنفي عن نفسها تهمًا بالاغتصاب الجماعي والنهب والسرقة والإبادة الجماعية التي ارتكبتها ضد المواطنين.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة