الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

فوضى مطار قرطاج تسلط الضوء على “العنصرية” في تونس

حالة من الفوضى ومواجهات عنيفة بين مسافرين من جنوب الصحراء والأمن التونسي تعري أزمات متفاقمة تعانيها الخطوط التونسية

كيوبوست

عمَّت حالة من الفوضى، ليل الثلاثاء الخامس من يوليو الجاري، بمطار تونس قرطاج الدولي، على خلفية حالة الاضطراب التي عرفها عديد من السفرات التي كانت مبرمجة على متن الخطوط التونسية، لتصل إلى حد العنف. وضع بلغ حد المواجهة العنيفة بين المسافرين من جنوب الصحراء وعناصر الأمن التونسي، وأسفر عن حدوث إصابات وتسجيل إيقافات لعدد من المسافرين.

وأعادت حالة الفوضى الجدلَ بشأن وضعية شركة الخطوط الجوية التونسية “تونيسار”، إلى واجهة الأحداث من جديد؛ خصوصاً أنها ما انفكت تواجه أزمات متتالية منذ سنة 2011.

وأصدرت النقابة الجهوية لأمن مطار تونس قرطاج الدولي بلاغات مقتضبة بشكل متتالٍ، الثلاثاء، عن اعتداءات على أعوان أمن بمطار تونس قرطاج من قِبل مسافرين، حسب روايتها، مشيرةً إلى أن أحد الأعوان حالته خطيرة، وآخر تعرض إلى كسر على مستوى اليد اليمنى.

وأكدت النقابة أنه تمت معاينة الاعتداء من قِبل النيابة العمومية بصحبة المدير العام لشرطة الحدود والأجانب، ومدير التنسيق والمتابعة ورئيس محافظة المطار.

اقرأ أيضاً: التونسيون يجددون المطالبة بمحاسبة النهضة من أجل جمهورية جديدة

وفي المقابل، تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لتعامل عنيف من قِبل شرطة مطار تونس قرطاج مع مسافر إفريقي من ذوي البشرة السوداء، مخلفاً ردود فعل مستنكرة ومعتبرة أنه تصرف عنصري.

وكانت شركة الخطوط التونسية قد أعلنت الجمعة، الأول من يوليو الجاري، أن عدداً من مواعيد رحلاتها سيشهد بداية من الجمعة وحتى نهاية الأسبوع الجاري، اضطراباً.

مواجهات بين الأمن التونسي ومسافرين تثير الجدل- (صورة وكالات)

وقالت الشركة، في بلاغ لها، إن هذا الاضطراب يأتي على خلفية “تعطل أشغال صيانة عدد من الطائرات؛ بسبب شح قطع الغيار على المستوى العالمي، بالإضافة إلى تسجيل عدم انتظام في الحركة الجوية بعدد من المطارات الخارجية”.

اقرأ أيضاً: رسمياً.. الغنوشي متهم بالاعتداء على أمن الدولة التونسية

وبينما تروج التونيسار لجملة من الأعذار، يسود اعتقاد بأن الأزمة الراهنة مفتعلة؛ لا سيما في ما يروج من أنباء مفادها إيقاف بعض الإطارات بالشركة بتهمة بيع قطع غيار الطائرات.

ممارسات تمييزية

وفي تعليقه على الأحداث التي جدت في مطار تونس قرطاج، أدان الناطق الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية رمضان بن عمر، ما وصفها بـ”الممارسات التمييزية” لشركة الخطوط الجوية التونسية تجاه المواطنين التونسيين القاصدين دول جنوب الصحراء، وتجاه المسافرين من دول جنوب الصحراء بتهميشهم واستثنائهم من أي حلول أثناء أزمة اضطراب السفرات، على حد تعبيره.

وقال لـ”كيوبوست”: “نتيجة الأزمة التي تمر بها الخطوط التونسية، أقدمت إدارة الشركة، في إجراء تمييزي، على إلغاء مختلف الرحلات المتجهة نحو دول الجنوب مقابل إعادة برمجة وإيجاد الحلول للرحلات نحو دول الشمال. أسفر ذلك عن أزمة في مطار تونس قرطاج الدولي؛ نتيجة عجز عديد من المسافرين من دول جنوب الصحراء عن العودة إلى بلدانهم لقضاء عطلتهم وبقائهم عالقين لأيام دون تواصل مع مسؤولي الشركة أو عودة العمال التونسيين بهذه الدولة لمباشرة أعمالهم. وأدت هذه المعاملة إلى حالة احتقان وأحداث مؤسفة شهدها المطار في الخامس من يوليو الجاري؛ نتج عنها إصابات للمسافرين والأمنيين وإيقافات عديدة”.

رمضان بن عمر

دعا رمضان بن عمر شركة الخطوط التونسية إلى “تحمل مسؤولياتها كاملة إزاء حلفائها بتوفير أماكن إقامة لائقة إلى حين إيجاد حلول عاجلة لهم”، وأدان ما وصفه “التدخل الأمني العنيف والاستعمال المكثف للغاز في فضاء مغلق؛ والذي سبب حالات اختناق وإغماء، وضرورة التعامل مع الأخطاء والتجاوزات الفردية في إطار القانون، مع احترام الضمانات القانونية والسلامة الجسدية للجميع”.

وعلى إثر هذه الأحداث، تدخلت رئاسة الجمهورية، الأربعاء؛ حيث استقبل الرئيس قيس سعيد، ربيع المجيدي وزير النقل، وخالد الشلي الرئيس والمدير العام لشركة الخطوط التونسية، وشدد على “ضرورة تأمين الرحلات في مواعيدها وتوفير الظروف المناسبة للمسافرين ووضع حد لمظاهر الفوضى التي جدت ببعض المطارات على غرار ما حدث ليلة الثلاثاء”.

اقرأ أيضاً: توجه حكومي تونسي لتطهير أجهزة الدولة من نفوذ الإسلاميين

وتواجه شركة الخطوط الجوية التونسية أزمة تفاقمت خلال السنوات الماضية؛ إذ زاد مستوى تردي خدماتها، مثيراً تساؤلات متواترة لدى غالبية التونسيين حول ما يحدث في هذه الشركة، وعما إذا كانت أزمتها حقيقية أم مفتعلة بغية تسهيل مهمة التفريط فيها للقطاع الخاص؛ لا سيما في ظل محاولات حركة النهضة تسهيل بيعها لقطر سابقاً لولا تصدي اتحاد الشغل وبعض الأحزاب المعارضة لها.

وتفيد تقارير أن الشركة خسرت حتى منتصف مارس 2020 نحو 36 مليون دينار (11 مليون دولار)؛ بسبب تعليق الرحلات، علماً بأن مشكلات الخطوط التونسية قد بدأت منذ عام 2011 وتفاقمت بعد تدهور قطاع السياحة وتراجع عائداته بسبب الهجمات الإرهابية، وانعكست بشكل مباشر على جودة الخدمات بدءاً من التأخير المستمر في موعد الرحلات وإلغائها، مروراً بالصيانة ووصولاً إلى مسألة التموين.

أزمة التونيسار بدأت منذ 2011- (صورة وكالات)

وتسببت الانتدابات العشوائية التي تمت في عهد الترويكا بقيادة حركة النهضة، في أزمات مالية خانقة لشركة الخطوط الجوية التونسية منذ سنة 2011؛ حيث سجلت الناقلة الوطنية ارتفاعاً في عدد أعوانها وموظفيها بلغ 1200 عون سنة 2018، بمعدل 165 موظفاً عن كل طائرة، في حين أن المعايير الدولية تحدد العدد الأقصى للموظفين عن كل طائرة بـ80 عوناً. هذه المعضلة تسببت في ارتفاع كتلة الأجور التي بلغت 130% مقابل تراجع نسبة مداخيل الشركة وتفاقم عجزها المالي.

وتضم الشركة، التي لا يتجاوز أسطولها 28 طائرة؛ من بينها 15 قيد التشغيل حالياً، نحو ثمانية آلاف موظف. ونسبة العاملين مقارنة بعدد الطائرات لدى الشركة هي الأعلى بين شركات الطيران في العالم.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة