الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
فوز مقتدى الصدر في الانتخابات العراقية يثير القلق في طهران
هل ستشهد المرحلة المقبلة تغييرات جذرية؟

ترجمة كيو بوست –
“أثار فوز مقتدى الصدر في الانتخابات العراقية الذعر في أروقة النظام الإيراني، وقد عبرت الصحافة الإيرانية عن قلقها العميق من سعي الصدر المرجح لتقويض نفوذ الجمهورية الإسلامية في العراق، من خلال تهميش حلفاء إيران، والسماح للدول السنية الإقليمية -لا سيما المملكة العربية السعودية- بالقيام بحملات سياسية واقتصادية في البلاد على حساب مصالح طهران”، هذا ما ذكره مركز دراسات “ميدل إيست إنستيتوت” الأمريكي.
اقرأ أيضًا: مخاوف إيرانية من تحركات الصدر بعد فوزه في الانتخابات العراقية
أداء الصدر القوي يوم الانتخابات دفع بقاسم سليماني إلى السفر فورًا إلى بغداد، في محاولة واضحة لتشكيل تحالف أوسع بين حلفاء إيران الشيعة، والأطراف الأخرى الراغبة في تشكيل حكومة سهلة الانقياد من قبل طهران. وفي المقابل، لم يذهب الإعلام السني الإقليمي بعيدًا في تحليلاته إزاء “سعي الصدر المحتمل” لتشكيل حكومة شاملة غير طائفية، تعزز سيادة واستقلال العراق، وتصد النفوذ الإيراني المتزايد.
تحدي الصدر لإيران
شكّل انتصار الصدر صدمة كبيرة للكثيرين في طهران. وقد حذرت الصحف المحافظة والإصلاحية في إيران من أن الصدر وحلفاءه قد يتحدّون مناطق النفوذ السياسي والاقتصادي الإيراني في العراق. وأشارت جميعها إلى أن الصدر -خلال الحملات الانتخابية- تبنى نغمة قومية، وتعهد بصدّ النفوذ الإيراني، وانتقد باستمرار تحالف الفتح المكون من ميليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران.
كما وأدى تحالف الصدر مع الأحزاب غير الطائفية والعلمانية والشيوعية إلى إثارة ضجة في طهران، الأمر الذي دفع بمسؤولين إيرانيين إلى التصريح بالقول إن “طهران لن تقبل بحكومة علمانية في بغداد”. كتبت صحيفة ماردومسالاري الإيرانية أن “معادلات المشهد السياسي العراقي تتغير”، وحذرت الصحيفة الإصلاحية من أن “زلزال” الصدر الانتخابي، وشعارات أتباعه المناهضين لإيران، تشير بشكل واضح إلى أن “المؤامرات المعادية لطهران قد بدأت بشق طريقها في العراق”.
وعلى المنوال ذاته، كتبت صحيفة خراسان الإيرانية اليومية أن الصدر قد ينهي توازن السياسية الخارجية التي تبناها رئيس الوزراء حيدر العبادي، بل ربما يقود العراق بجانب واشنطن وحلفائها السنة في المنطقة، من خلال نفوذه في الحكومة والبرلمان القادمين. وأكملت الصحيفة قائلة إن “الصدر من أشد منتقدي إيران، وقد ضم حركات علمانية ومجتمعية إلى ائتلافه، كما أن قاعدته الاجتماعية لا تحمل نظرة إيجابية للوجود الإيراني في العراق. والأهم من ذلك، هو أن الصدر يتمتع بعلاقات جيدة مع الدول السنية الإقليمية، وحلفاء الولايات المتحدة”. كما وحذرت صحيفة خراسان قائلة: “إذا حاولت طهران استبعاد الصدر في الحكومة المقبلة، فإن رجل الدين الشيعي وأتباعه سيصبحون أكثر عدائية تجاه إيران في المستقبل القريب”.
أما مجلة فرارو الإيرانية، فقد كتبت أن فوز الصدر قد يكون “نقطة تحول” في الدور الإيراني في العراق، وأشارت إلى أن الصدر أثار بالفعل مشاعر معادية لإيران داخل البلاد.
مخاوف إيرانية من التأثير السعودي
يفترض البعض في إيران أن السعودية والولايات المتحدة عملتا على تسهيل نصر الصدر في الانتخابات. قال المحلل الإيراني ساباه زانغينه إن الولايات المتحدة قامت بـ”تخطيط مكثف” لتشكيل الانتخابات العراقية، كجزء من إستراتيجية أوسع نطاقًا تهدف إلى صد التأثير الإيراني في البلاد. وأضاف أن “دور الولايات المتحدة في الحكومة المقبلة سيضعف قوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران”.
وما أثار قلق طهران سابقًا هو الزيارة الكبيرة التي قام بها الصدر إلى السعودية والإمارات العام المنصرم، فضلًا عن دعوته للدول العربية السنية إلى استثمار روابط دبلوماسية واقتصادية أوثق مع العراق. وبينما أصبح الصدر “صانع الملوك” بعد الانتخابات، يشعر الكثيرون في طهران بقلق كبير من أن الرياض قد تقتنص الفرصة الآن لتعميق نفوذها، ليس فقط في المناطق السنية بالعراق، بل أيضًا في منطقتي النجف وكربلاء الشيعيتين، مما يشكل تحديًا خطيرًا لإيران.
اقرأ أيضًا: الصدر في السعودية.. ما وراء الزيارة المثيرة للجدل
وقد كتب موقع “اقتصاد” الإيراني أن “قرار الصدر بعدم تشكيل ائتلاف مع تحالف الفتح المدعوم من إيران، وكتلة نور المالكي، يدلل على وجود أجندة سعودية في العراق”. وعلى نحو مماثل، كتبت صحيفة “آلف” الإيرانية المحافظة أن “الرياض تسعى إلى تقسيم الشيعة العراقيين وتغيير ديناميكيات السلطة في البلاد من خلال كتلة الصدر”. وقد عنونت الصحيفة مؤخرًا مقالة تحت عنوان “لعبة مقتدى الصدر في المجال السعودي”.
تفاؤل في الدول العربية السنية
رحب مسؤولون ووسائل إعلام في غالبية الدول العربية السنية بفوز الصدر، وأعربوا عن آمالهم في أن يكبح الرجل نفوذ إيران المتنامي في البلد العربي. وقد شدد بعض المحللين العرب على أن تشكيل حكومة قومية في بغداد سيؤدي إلى تحدي دور إيران في المنطقة الأوسع. فإذا فقدت طهران نفوذها في العراق، ستفقده كذلك في سوريا، كما ستفقد طرق إمدادها المترابطة، فضلًا عن زوال الميليشيات العراقية.
تدخّل إيراني في تشكيل الحكومة المقبلة
أثارت زيارة سليماني إلى العراق قلق المسؤولين في ائتلاف الصدر، من أن طهران تحاول جمع ائتلاف واسع تحت قيادة هادي العامري، رئيس منظمة بدر وزعيم تحالف الفتح. وقال ضياء الأسدي، رئيس المكتب السياسي للصدر: “نبذل كل الجهود لتشكيل ائتلاف لمنع أي تدخل إيراني في مسألة تشكيل الحكومة”. وأضاف أن “حركة الصدر ستستخدم الوسائل القانونية والديمقراطية” لمنع التأثير الإيراني.
المصدر: مركز دراسات “ميدل إيست إنستيتوت” الأمريكي