الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
فورين أفيرز: منطقة الشرق الأوسط في طريقها لصفقة مع إيران
هل تنجح المفاوضات الإقليمية فيما فشلت فيه واشنطن؟

كيوبوست- ترجمات
يقدِّم علي فايز، الأستاذ بجامعة جورجتاون، ومدير مشروع إيران في مجموعة الأزمات الدولية، صحبة فالي نصر الأستاذ بجامعة جونز هوبكنز، تحليلاً للجهود الإقليمية الرامية للوصول لاتفاقٍ مع إيران.
يبدأ التحليل بالإشارة إلى مضي خمس سنوات منذ انسحاب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاقية النووية لعام 2015 مع إيران، ومضي أكثر من عامين منذ أن أطلق الرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن مساعيه لاستعادتها. لكن على الرغم من الآمال الكبيرة، لم يتمكن بايدن من إحياء الاتفاق، وتردد في دفع الكونجرس نحو دعم مبادرته تلك التي تثير الكثير من الجدل، وتفضيله الحصول على الدعم لأجندته المحلية، ومن جانبٍ آخر قاد التعنت الإيراني إلى عدم قدرة بايدن على تمرير استمرار المحادثات.

تشير التقارير إلى أن برنامج طهران النووي أصبح الآن أكثر تقدماً مما كان عليه، ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، قامت إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة 84% -أقل بنقطةٍ مئوية واحدة فقط من النسبة المطلوبة لصناعة القنبلة- وجمعت ما يكفي من المواد الانشطارية المخصبة لصنع عدة قنابل. وبات برنامج إيران متقدماً، بحيث لا يمكن احتواؤه من خلال تلك الصفقة.
من جانبٍ آخر أدَّت الاحتجاجات الاجتماعية المناهضة للحكومة في إيران إلى القضاء على أي رغبة محتملة في واشنطن والعواصم الأوروبية لرفع العقوبات عن إيران، وهو جزء ضروري من الصفقة.
إذا كانت الولايات المتحدة وأوروبا لا تريد امتلاك إيران للأسلحة النووية، وإذا لم يرغبوا في مهاجمة إيران بعمل عسكري لعرقلة البرنامج، فإنهم بحاجة إلى نهج دبلوماسي جديد. لحسن الحظ، أوجدت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط فرصةً لذلك. صحيح أن الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران لا يبدو ممكناً، ولكن نظراً لتطور العلاقات الإيجابية بين دول المنطقة في الخليج العربي وطهران، فإن ما كان مستحيلاً في يومٍ من الأيام؛ أي التوصل إلى اتفاقٍ إقليمي يعالج تدخل إيران في المنطقة، ويوقف برنامجها النووي، أصبح الآن ممكناً وقد يقلِّل من دعم طهران للميليشيات المزعجة في المنطقة..
اقرأ أيضاً: ماذا لو فشلت محادثات الاتفاق النووي مع إيران؟
ترتيبات مهمة
في دبلوماسيته النووية مع إيران، سعى الغرب إلى صفقاتٍ ضيقة تتعلق بالترتيبات النووية بالأساس، مع تجنب الاتفاق عن عمد على المشاكل الإقليمية، بما في ذلك تمويل إيران للجماعات المسلحة. فصانعو السياسة الغربيون اعتقدوا أنهم لا يستطيعون إبرام اتفاق نووي، ومعالجة التوترات الأخرى، في وقتٍ واحد. وقرروا أنه من الأفضل التركيز على تجميد برنامج إيران النووي، وإمكانية أن يتوجه المفاوضون في المستقبل إلى معالجة قضايا أخرى.
لكن هذا النهج الضيق لم يعد قابلاً للتطبيق. برنامج إيران النووي متقدم للغاية بحيث لا تسمح القيود المؤقتة وإجراءات الشفافية أن تخفف المخاوف الغربية. من جانبٍ آخر أثبتت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع الالتزام بوعدها، وأثبت الأوروبيون أنهم غير قادرين على الوفاء بوعودهم الاقتصادية لإيران دون موافقة الولايات المتحدة.
على الرغم من أن دول الخليج لا تستطيع إحياء الاتفاق النووي، فإنها قررت التعاطي مع إيران بشكلٍ مختلف، ففي أغسطس 2022، أعادت الكويت والإمارات العربية المتحدة العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وفي مارس 2023، قامت إيران والسعودية بتطبيع العلاقات بعد سبع سنوات من القطيعة بوساطة الصين. تعني هذه الاتفاقيات أنه من الممكن الآن لأقوى دول الشرق الأوسط إطلاق حوارٍ إقليمي مع إيران، والذي يهدف إلى تحقيق الأمن وتوسيع نطاقه، وإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية في الخليج، وتوسيع التجارة البينية بين الدول.

والشرط الذي لا غنى عنه لتحقيق هذا الهدف هو تأكيدات إيران بشأن نشاطاتها الإقليمية، مثل الالتزام بعدم دعم الجهات الفاعلة غير الحكومية مالياً أو عسكرياً في المنطقة. ومن شأن هذا النهج أن يستلزم موافقة جميع الدول الواقعة على شاطئ الخليج على ضوابط على التطوير النووي، بما في ذلك إيران، والتصديق على البروتوكول الإضافي لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
في الواقع، يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين دعم مثل هذه الصفقة، وينبغي عليهم ذلك. كما عليهم إعفاء اتفاقية التجارة الحرة بين إيران والخليج من العقوبات، مما يخلق وسيلة قوية للنمو الاقتصادي بين جميع أطراف الاتفاقية.
اقرأ أيضًا: السعودية وإيران.. مساعٍ صعبة لعالم مختلف
ردود فعل محتملة
سيواجه مثل هذا الاتفاق الإقليمي معارضة من صقور إيران في الولايات المتحدة وأوروبا الذين قد يرون أنه بمنزلة ضخ الحياة للنظام الإيراني الذي يعتبرونه يعاني من مغبة شهور من الاحتجاجات.
ومع ذلك، فمن المهم النظر بجدية إلى جدوى تقوية العلاقات الاقتصادية بين دول منطقة الخليج، فإنها بالفعل أحد ضمانات الاستقرار، فمع نمو الترابط الاقتصادي مع إيران، ستكتسب دول الخليج العربية المزيد من النفوذ على طهران، مما يثبط السياسات العدوانية الإيرانية. إيران، بدورها، ستتاح لها الفرصة لإعادة بناء اقتصادها.
ستكون هذه الصفقة اتفاقية أكثر ديمومة وقوة من خطة العمل الشاملة المشتركة. وإذا أدت هذه الصفقة إلى خفض التوترات بين إيران وجيرانها، فإنها ستسمح للولايات المتحدة بالتركيز أكثر على المخاوف السياسية ذات الثقل الأكبر، مثل تغير المناخ، والمنافسة بين القوى العظمى.
المصدر: فورين أفيرز