الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةصحة

فريد زكريا محذرًا: “نحن في المراحل الأولى مما سيصبح سلسلة من الأزمات العالمية المتتالية”

كيوبوست

في برنامجه التليفزيوني على قناة “cnn”، خرج الكاتب والمحلل السياسي الأمريكي فريد زكريا، يحذر من “سلسلة أزمات متتالية، يتردد صداها في جميع أرجاء العالم”، لافتًا إلى أن البشرية بدأت للتو في مواجهة حجم الصدمة التي سببتها جائحة “كوفيد-19″، وأنه لابد من الالتفات إلى “حقيقة مؤلمة” مؤداها أن العالم لن يتمكن من العودة إلى أي شيء يشبه الحياة الطبيعية -التي كنا عليها قبل “كورونا”- ما لم تتمكن القوى الكبرى من إيجاد طريقة للتعاون وإدارة هذه المشكلات معًا.

يقول فريد: “كانت المرحلة الأولى هي أزمة الرعاية الصحية في الاقتصادات الكبرى حول العالم. المرحلة التالية هي الشلل الاقتصادي، التي بدأنا للتو في فهمها واستيعاب حجمها”. ويشير فريد إلى حجم الكارثة الاقتصادية، فيقول: “في الأسبوعَين الماضيين فقط، خسرت الولايات المتحدة نحو 10 ملايين وظيفة، متجاوزةً حاجز الرقم القياسي السابق المتمثل في فقدان 8.8 مليون وظيفة خلال فترة الركود العالمي بين عامَي 2008- 2010؛ أي أننا تجاوزنا في أسبوعَين أكثر مما خسرناه في 106 أسابيع، وهذه ليست سوى البداية!”.

اقرأ أيضًا: جائحة فيروس كورونا ستغيِّر النظام العالمي إلى الأبد

كما يشير زكريا إلى خطر تخلُّف عديد من الدول عن سداد مديونياتها: “دخلت إيطاليا الأزمة وهي في أعلى مستوى من الدين العام في دول منطقة اليورو، وثالث أعلى مستوى في العالم. الآن سترتفع ديونها بشكل كبير؛ حيث تنفق الأموال لمكافحة التداعيات الاقتصادية من (covid-19). إيطاليا التي تمتلك ثالث أكبر اقتصاد في أوروبا، ستصبح واحدة من عديد من الدول الأوروبية التي ستواجه انهيارًا ماليًّا. وسيحدث هذا في الوقت الذي ستغرق فيه بالديون الاقتصادات الأكثر ديناميكية في أوروبا، والتي غالبًا ما كانت توفر الأموال والضمانات لعمليات الإنقاذ وآليات الدعم”. ويضرب مثالًا في ألمانيا فيقول: “ألمانيا التي لم تشهد ركودًا كاملًا طيلة السنوات العشر الماضية؛ تتوقع أن ينكمش اقتصادها بنسبة 5 في المئة هذا العام”.

جانب من شحنة المساعدات الإماراتية إلى إيطاليا- المصدر: “وام”

ويمضي فريد بحديثه: “بعد ذلك تأتي الانفجارات في العالم النامي. صحيح أن أعداد المصابين لا تزال منخفضة في دول مثل الهند والبرازيل ونيجيريا وإندونيسيا، بيد أن السبب المحتمل هو أن هذه البلدان أقل ارتباطًا بالتجارة والسفر من العالم المتقدم، كما أن هذه البلدان لم تفحص سوى عدد قليل جدًّا من الأشخاص؛ مما يجعل أعدادهم منخفضة بشكل مصطنع. ولكن ما لم نكن محظوظين، ويتبين أن الحرارة بالفعل تخفف من الفيروس؛ وإلا فإن هذه البلدان ستتضرر بشدة. كلهم يعانون ضائقة مالية، ويمكن لفقدان عائدات الضرائب، إلى جانب الحاجة إلى إعانات جديدة كبيرة، أن ينقلهم بسهولة إلى إصداراتهم الخاصة من الكساد الكبير.

ثم هناك دول النفط، حتى لو تم حل الخلاف بين السعودية وروسيا في هذه المرحلة،  فإن الطلب على النفط قد انهار ولن يتعافى قريبًا. أخبرني أحد العاملين في الصناعة أن شركته تتوقع أن ينخفض النفط على الأرجح إلى 10 دولارات للبرميل، ويبقى في هذا المستوى لفترة طويلة”.

اقرأ أيضًا: العالم بعد “كورونا”

ويتوقع فريد أن يتسبب ذلك في اضطرابات سياسية وربما ثورات، يقول: “ضع في اعتبارك ما يعنيه ذلك لبلدان مثل ليبيا أو نيجيريا أو إيران أو العراق أو فنزويلا؛ حيث تشكل عائدات النفط الغالبية العظمى من الإيرادات الحكومية (غالبًا من الاقتصاد بأكمله)، لكنها تحقق ربحًا فقط من مبيعات النفط بأسعار أكثر من 60 دولارًا للبرميل، توقع إذن الاضطرابات السياسية واللاجئين وحتى الثورات على نطاق لم نشهده منذ عقود؛ ليس منذ المرحلة الأخيرة حين وصل النفط إلى 10 دولارات، عندما انهار الاتحاد السوفييتي”.

وأضاف فريد أن “العالم قد دخل هذا الوباء بتحديَين: الأول أنه عالم غارق في الديون بالأساس في كلا القطاعَين الحكومي والخاص؛ إذ يبلغ إجمالي الناتج المحلي العالمي 90 تريليون دولار، بينما يصل الدين العام والخاص إلى 260 تريليون دولار. وأن أكبر اقتصادَين في العالم، الولايات المتحدة والصين، لديهما نسب دين إلى الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 210 في المئة و310 في المئة على التوالي. سيكون هذا أكثر قابليةً للإدارة لو لم يكن العالم يعاني التحدي الثاني. حيث تحدث هذه الأزمة في الوقت الذي انهار فيه التعاون العالمي وتخلَّت الولايات المتحدة عن دور القائد والمنظم التقليدي لمثل هذه الجهود”، حسب وصفه.

خسائر مستمرة للبورصات العالمية منذ بدء جائحة “كورونا”

ولم يدَّخر زكريا -ذو التوجهات اليسارية الديمقراطية والمعارضة للحزب الجمهوري- هذه الفرصة دون أن يُسَيِّس الأزمة، ويوجه انتقاداته اللاذعة إلى إدارة الرئيس ترامب، فيقول: “في الشهر الماضي، لم يكن اجتماع مجموعة السبع قادرًا حتى على إصدار بيان مشترك؛ لأن الولايات المتحدة رفضت التوقيع على أي شيء لا يصف المرض بأنه (فيروس ووهان)، وهو نزاع يبدو كما لو كان بين طلبة مراهقين خارج مدرسة ثانوية!”، مشددًا على أن “المحور الرئيس لأي جهد عالمي يجب أن يكون التعاون الوثيق بين الولايات المتحدة والصين؛ لكن بدلًا من ذلك فإنه نرى أن العلاقة بين البلدَين أشبه ما تكون في حالة سقوط حر، حيث يحرف كل جانب اللوم عن نفسه، وملقيًا به على الآخر”. ويستمر في نظرته المتشائمة: “اجتماع مجموعة العشرين كان هو الآخر عديم الأهمية؛ حتى الاتحاد الأوروبي تأخَّر عن إدراك خطورة وحجم الوباء. وتسبب بيان متهور لرئيس البنك المركزي الأوروبي في أسوأ انهيار سوق مالي لإيطاليا في تاريخ البلاد”. ثم يتساءل فريد باحثًا عن حل: “ما الذي سيحققه تعاون عالمي أكبر؟ بما أن كثيرًا من الاستراتيجيات المتبعة حول العالم لاحتواء انتشار المرض يتضمن وقف السفر، فستكون هذه الاستراتيجة فعالة أكثر إذا تم تنسيق حظر السفر وتنسيق الاستشارات وتبادل المعلومات بين الدول”. ويجادل فريد: “خلال فترة الركود 2008-2009، عملت البنوك المركزية والحكومات بعضها مع بعض؛ للمساعدة في احتواء انتقال عدوى الكساد المالي وتخفيفها. ودون بعض المساعدة والجهود المنسقة، ستنفجر الأوضاع في دول مثل العراق ونيجيريا؛ وهو ما قد يعني انتشار اللاجئين والمرض والإرهاب خارج حدودها”.

اقرأ أيضًا: “كورونا” يخلِّف آثارًا عميقة على الاقتصاد وخطوط الطيران

 ثم يقدم زكريا ما يرى أنه الحل، فيقول: “إذا قامت الدول الأغنى بتجميع الأموال وتبادل المعلومات، فإن ذلك سيسرع من وصول العلاجات واللقاحات. وعندما يحين الوقت لإعادة فتح الاقتصادات، فإن العمل المنسق والمتعاون -بشأن التجارة والسفر على سبيل المثال- سيوفر للعالم القوة اللازمة لتحقيق فرصة العودة إلى الأوضاع كما كانت”، مختتمًا بأن “المشكلة التي نواجهها واسعة وعالمية؛ ولكن للأسف الاستجابات والتفاعلات معها ضيقة ومحدودة جدًّا”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة