الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

فريد زكريا: الدولار في خطر.. روسيا والصين تهددان “القوة العظمى” لأمريكا

من الواضح أن اجتماع ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وأكبر مصدر للطاقة في العالم، لزعزعة مكانة الدولار الأمريكي كمرتكز للنظام المالي الدولي. وإذا ما تراجعت تلك المكانة فإن الولايات المتحدة ستواجه حساباً لم يسبق له مثيل

كيوبوست- ترجمات

فريد زكريا♦

يستهل فريد زكريا عموده في صحيفة “الواشنطن بوست” بالإشارة إلى أن نتيجة القمة التي استمرت لثلاثة أيام بين الرئيسين فلاديمير بوتين وشي جين بينغ، لم تلق اهتماماً إعلامياً كافياً، بالرغم من الرسائل والمؤشرات التي حملتها للولايات المتحدة الأمريكية.

قال بوتين في أعقاب المحادثات مع نظيره الصيني: “نحن نؤيد استخدام اليوان الصيني في التسويات المالية بين روسيا ودول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية”. من الواضح هنا أن اجتماع ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر مصدر للطاقة في العالم لزعزعة مكانة الدولار الأمريكي كمرتكز للنظام المالي الدولي.

فريد زكريا في برنامجه على CNN

إن الدولار هو القوة العظمى لأمريكا، وهو ما يمنح واشنطن قوة اقتصادية وسياسية لا مثيل لها، إذ يمكن للولايات المتحدة فرض عقوبات على الدول من جانبٍ واحد وعزلها عن جزء كبير من الاقتصاد العالمي. كما أن واشنطن قادرة على الإنفاق بحرية، لعلمها أن بقية دول العالم سوف تشتري ديونها التي عادةً ما تكون على شكل سندات خزينة.

أدّت العقوبات التي فرضت على روسيا بسبب غزوها أوكرانيا، إلى جانب نهج المواجهة المتزايد الذي تتبعه واشنطن تجاه بكين، إلى خلق عاصفة، دفعت الصين وروسيا إلى تكثيف جهودهما لتسريع الابتعاد عن الدولار. أصبحت البنوك المركزية لهاتين الدولتين تحتفظ بكميات أقل من احتياطياتها بالدولار، وتقوم بتسوية الجزء الأكبر من تجارتهما البينية باليوان. واليوم؛ كما أشار بوتين، بدأت الدولتان ببذل جهودهما لحمل دولٍ أخرى على أن تحذو حذوهما.

اقرأ أيضاً: بوتين يشيد بالمبادرة الصينية بشأن أوكرانيا

ربما كانت نقطة التحول الأكثر وضوحاً لدور الدولار قد ظهرت إبان قرار الرئيس دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، وفرض عقوباتٍ على طهران. عارض الاتحاد الأوروبي بشدة هذه الخطوة، ولكن هيمنة الدولار كانت تعني عزل إيران عن الاقتصاد العالمي، بما يعني أيضاً استهداف شركائها التجاريين الأوروبيين. الأمر الذي دفع كلود يونكر، رئيس المفوضية الأوروبية -آنذاك- لأن يقترح تعزيز دور اليورو دولياً من أجل حماية القارة من “الأحادية الأنانية”.

ولكن هذا الأمر لم يحدث بعد، وهناك الكثير من الشكوك حول مستقبل اليورو نفسه. فهيمنة الدولار كانت لأسبابٍ عديدة وجيهة؛ الاقتصاد المعولم يحتاج إلى عملةٍ واحدة من أجل السهولة والكفاءة، والدولار عملة مستقلة يمكن شراؤها وبيعها في أي وقت، وهو محكوم إلى حدٍّ كبير بالسوق، وليس بنزوات الحكومة. ولهذه الأسباب لم تنجح جهود الصين في توسيع دور اليوان دولياً.

روسيا والصين تتخليان عن الدولار الأمريكي لصالح اليوان الصيني- وكالات

في ضوءِ ما سبق، أدى استخدام واشنطن للدولار كسلاح على مدى العقد الماضي إلى دفع العديد من الدول المهمة إلى البحث عن طرقٍ لضمان عدم تعرضها لما تعاني منه روسيا حالياً.

واليوم؛ انخفضت حصة الدولار في البنك المركزي الدولي إلى أقل من 60% من نحو 70% قبل عشرين عاماً، ولا تزال تنخفض بشكلٍ مطرد.

اقرأ أيضاً: هل يصمد دعم الصين لروسيا مع تنامي الإدانة الدولية لحرب أوكرانيا؟

يحاول الأوروبيون والصينيون بناء أنظمة دفعٍ دولية خارج نظام سويفت الذي يهيمن عليه الدولار. وتدرس المملكة العربية السعودية تسعير نفطها باليوان، وتقوم الهند بتسوية معظم تعاملاتها التجارية مع روسيا بعملاتٍ غير الدولار. وربما تكون العملات الرقمية على وشك أن تصبح بديلاً آخر.

صحيح أن كل هذه البدائل لها تكاليف، ولكن السنوات القليلة الماضية ينبغي أن تعلمنا أن الدول ستكون على استعدادٍ لتدفع ثمن تحقيق أهدافها السياسية.

ربما لن يكون هنالك بديلٌ واحد للدولار، ولكن هل يمكن أن يعاني الدولار من الضعف في مواجهة بدائل متعددة؟

يبدو أن هذا السيناريو هو المرجح، وإذا كان الأمر كذلك فلا بد للأمريكيين من القلق. لقد اعتاد السياسيون الأمريكيون على الإنفاق دون أي مخاوف بشأن العجز، حيث ارتفع الدين العام بمقدار خمسة أضعاف من 6.5 تريليون إلى 31.5 تريليون دولار خلال عشرين عاماً.

إحدى جولات محادثات القمة الصينية الروسية- وكالات

نجح الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة سلسلةٍ من الانهيارات المالية، من خلال توسيع ميزانيته العمومية بمقدار اثني عشر ضعفاً، من نحو 720 مليار دولار قبل عشرين عاماً إلى حوالي 8.7 مليار دولار اليوم.

نجحت الولايات المتحدة في كل ذلك فقط بسبب مكانة الدولار الفريدة. وإذا ما تراجعت تلك المكانة، فإن الولايات المتحدة ستواجه حساباً لم يسبق له مثيل.

♦كاتب عمود رأي في صحيفة “واشنطن بوست”.

المصدر: واشنطن بوست

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة