الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

فرنسا.. مطالبات بمحاسبة المتحرشين بالأطفال في الكنيسة الكاثوليكية

216 ألف حالة موثقة لاعتداءات وانتهاكات جنسية بحق الأطفال على مدار 7 عقود من رجال الدين في الأوساط الكنسية الفرنسية

كيوبوست

أثارت الأرقام التي أعلنتها لجنة التحقيق المستقلة بشأن وقائع الاعتداءات والانتهاكات الجنسية التي ارتكبها رجال دين كاثوليك في فرنسا بحق الأطفال، والتي وصلت إلى أكثر من 216 ألفاً، موثقةً ردود فعل في الأوساط الكنيسة، دفعت بابا الفاتيكان لاعتبار ما حدث “لحظة عار”، في وقتٍ طلبت فيه الكنيسة الكاثوليكية الفرنسية “الصفح من الضحايا”.

دوغلاس فارو

على الرغم من عدم اندهاشي بشأن النتائج المعلنة في التقرير؛ فإن التفاصيل تجعل أي شخص يشعر بالذهول، حسب أستاذ علم اللاهوت والأخلاق في كلية الدراسات الدينية بجامعة ماكجيل الكندية، البروفيسور دوغلاس فارو، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن هذا النوع من المشكلات ليس قاصراً على الكنيسة الكاثوليكية أو الهيئات الدينية بشكل عام؛  ولكنه منتشر في أماكن كثيرة ومواقع متعددة.

يشير دوغلاس فارو إلى أن التقرير يدل على فساد الكنيسة، وانعدام الثقة فيها، بالإضافة إلى الكراهية التي باتت تتعرض لها بالفعل في بعض الأوساط، لافتاً إلى أن نتائج التقرير ستؤدي إلى حالة من الحزن والارتباك سيشعر بها الكثير من المسيحيين المتدينين بشكل خاص، والمؤمنين بشكل عام.

اقرأ أيضاً: لماذا يرفض إخوان فرنسا التوقيع على ميثاق القيم الجمهورية؟

وجاء تقرير اللجنة بعد ثلاث سنوات من العمل المكثف، وعشرات جلسات الاستماع إلى أقوال الضحايا، في وقتٍ أكد فيه رئيس اللجنة جان مارك سوفيه، أن الضحايا لم يتم تصديقهم أو الاستماع إليهم من 1950 حتى العقد الأول من الألفية، معتبراً أن الأعداد “مروعة”، و”تستدعي تحركاً من الكنيسة”.

لم تناقش الكنيسة بلاغات الضحايا بجدية- وكالات

اعتراف بالخطأ

فابيولا بدوي

على الرغم من الصدمة الكبيرة التي تركها التقرير في المجتمع؛ فإنه يتضمن اعترافاً بالخطأ بشكلٍ واضح؛ وهذا هو المهم، حسب الصحفية الفرنسية فابيولا بدوي، التي تقول لـ”كيوبوست”: إن شدة الصدمة جاءت على قدر الجريمة وفداحتها والخطر الذي تشكله، مشيدةً بشجاعة الضحايا وأعضاء اللجنة في أن يقوموا بالإعلان بوضوح عما حدث؛ خصوصاً في ظلِّ محاولات الإخفاء التي حدثت من قبل، والظهور بشكل ملائكي لرجال الدين، وهو أمر غير واقعي على الإطلاق.

وأكدت أن حجب المعلومات هو الذي يزيد من خطورة الجريمة؛ فحتى قبل صدور التقرير بفتراتٍ قصيرة كان يتم التعامل مع حوادث التحرش والاغتصاب التي يقوم بها رهبان باعتبارها أعمالاً فردية، ومن دون تحرك قوي، مشيرةً إلى أن الكنيسة الكاثوليكية لو كانت تحركت مبكراً كان يمكنها أن تمنع وجود مزيد من الضحايا.

وأشارت إلى أن الكنيسة أسهمت في زيادة عدد الضحايا؛ بسبب التهاون في التعامل مع الشكاوى وعدم الالتفات إلى أصوات الضحايا على مدار عقود، والعمل على محاولة تجميل صورة الكنيسة، لافتةً إلى أن الأرقام التي تضمنها التقرير اقتصرت على رجال الدين فقط، ولو تمت إضافة المدنيين الموظفين من الحراس والعاملين غير التابعين للكهنوت الكنسي، فإن الأرقام ستتزايد بشكلٍ كبير.

وصف البابا ما حدث بأنه “لحظة عار”- وكالات

مطالبات بتعويض

وطالبت لجنة التحقيق المستقبلة بالإقرار بمسؤولية الكنيسة عما حصل منذ البداية، مع تعويض مالي للضحايا كافة، بينما دعا البابا فرنسيس الكاثوليك الفرنسيين إلى تحمل مسؤولياتهم؛ ليضمنوا أن تصبح الكنيسة بيتاً آمناً للجميع.

تتفاوت ردود فعل الضحايا ونظرتهم إلى الدين، حسب فابيولا بدوي، التي تقول إن رد الفعل العنيف قد يدفع أحياناً للإلحاد أو الابتعاد عن رجال الدين بشكلٍ كبير، كذلك فإن العائلات ستكون أكثر حذراً في تعامل أبنائهم مع رجال الدين، وسيكون هناك حذر شديد، ومن الصعب للأهالي أن تثق كما كان في السابق بهم، معتبرةً أن الكنائس الكاثوليكية تقف اليوم في موقف لا تُحسد عليه.

تعتبر فابيولا بدوي أن التقرير بمثابة انتصار لكثير من الضحايا الذين لم يصدقهم أحد على مدار عقود، وربما عاشوا في أضرار نفسية نتيجة عدم تصديق ما يقولونه، وما تعرضوا إليه، مشيرةً إلى أن بعض الضحايا تجاوزوا العقد السادس، وكان لديهم إصرار على إثبات ما تعرضوا إليه من انتهاكات، وهو أمر يُحسب لهم.

يؤكد دوغلاس فارو أهمية أن يكون هناك تحرك لإجراء إصلاحات داخلية أكثر شمولاً تمنع تكرار مثل هذه المواقف مرة أخرى، مشيراً إلى أنه في الولايات المتحدة، وبعض الأماكن الأخرى، تم بالفعل محاولة إجراء تغييرات، وأظهرت نتائج إيجابية.

اقرأ أيضاً: زيارة البابا فرنسيس للعراق.. الرسائل والفرص السياسية والاقتصادية

واختتم أستاذ علم اللاهوت والأخلاق حديثه بالتأكيد أن هذه النوعية من المشكلات لا يمكن حلها بمجرد محاولة استبعاد رجال الدين ذوي الميول الجنسية المثلية أو حتى مَن لديهم ميول جنسية بشكل عام؛ ولكن يكون الحل عن طريق وضع قوانين، وبروتوكولات صارمة للغاية، في التعامل داخل المؤسسات الدينية.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة