الواجهة الرئيسيةشؤون عربيةمجتمع
فتوى رمضانية لداعية سوري تفتح الجدل حول ضوابط نشر الفتوى في مصر
عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام د.منى الحديدي لـ"كيوبوست": ما حدث في صحيفة المصري اليوم خطأ فادح يتضمن خروجاً على أخلاقيات المهنة

كيوبوست
أثارت فتوى نشرتها جريدة المصري اليوم المستقلة في القاهرة لداعيةٍ سوري متهم بالتطرف تحرِّم بيع الطعام في نهار رمضان جدلاً كبيراً في مصر بعدما نشرت في النسخة المطبوعة من الصحيفة التي سارعت بعد ساعات من انتشار الخبر بحذفه من موقعها الإلكتروني، وصفحاتها المختلفة على مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم اعتذارٍ للقراء بالتزامن مع استدعاء المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لممثل الجريدة القانوني من أجل الاستماع إلى أقواله.
وتختص دار الافتاء في مصر بإصدار الفتوى الرسمية وهي الجهة التي تكون مسؤولة مع الأزهر الشريف عن إصدار الفتوى في وقت توفِّر الجهتين أرقاماً للتواصل لمعرفة الرأي الشرعي في أي أمور بخلاف التواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة.
وتفاعل مع الأزمة عددٌ كبير من الشخصيات العامة والإعلاميين الذين أكدوا ضرورة عدم الاكتفاء بالاعتذار من الجريدة عن ما نشرته، ومن بينهم الإعلامي عمرو أديب الذي طالب بضرورة إعلان كيفية حدوث هذه “المصيبة”، فيما انتقدت الإعلامية والبرلمانية فريدة الشوباشي الخطأ الذي وقعت فيه الصحيفة اليومية البارزة، بينما أشاد النائب البرلماني مصطفى بكري بمسارعة الصحيفة للاعتذار، واعتبرها الوزير السابق منير فخري عبد النور خطوة تستحق التقدير.
وتزامنت الأزمة مع تفاعل الجمهور عبر منصات التواصل الاجتماعي مع واقعة شكوى سيدة مسيحية من أحد مطاعم الكشري الشهيرة التي رفضت أن تسمح لابنتها بتناول الطعام قبل موعد أذان المغرب بالرغم من عدم وجود ما يمنع ذلك قانوناً، وهي الحادثة التي لاقت تفاعلاً كبيراً وصل للمطالبة بمقاطعة المطعم على خلفية تصرفه العنصري.
اقرأ أيضًا: المغرب يحارب التطرف ودعوات الجهاد بضبط وتقنين الفتوى
عدم الحذر
المشكلة الرئيسية تكمن في عدم التعامل بحكمة وحذر مع الأمور الدينية الحساسة، بحسب أستاذ الصحافة والتشريعات الإعلامية د.ليلى عبد المجيد التي تقول لـ”كيوبوست” إن ما حدث خطأ لم يكن من المفترض حدوثه من الأساس لأن الاعتذار ليس بالضرورة أن يكون وصل لنفس العدد الذي وصله الخبر الأصلي، وهو ما يتطلب ضرورة التشدد في مراجعة المحتوى والذي يتم عبر أكثر من مستوى في الصحيفة، معتبرة أن ما حدث جرس إنذار مهم من أجل إعادة التقاليد المتبعة في المهنة.

تقول أستاذ التشريعات الإعلامية إن المؤسسات الصحافية الخاصة تحاسب في مصر من المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام والصحافي يخضع للمحاسبة من نقابة الصحافيين، مشيرة إلى أن من باب الشفافية يجب أن يتم اعلان العقوبات التي جرى توقيعها ليطمئن الرأي العام خاصة وأن الفتاوى الدينية مصادرها معروفة للإعلام سواء من الأزهر أو دار الافتاء دون غيرهما.
خطأ فادح
تصف عضو المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الدكتورة منى الحديدي، ما حدث بالخطأ الفادح الذي يتضمن خروجاً عن المهنية والأخلاقيات، مشيرة إلى أن المؤسسات الصحافية المختلفة عليها الالتزام بمواثيق الشرف والمدونات الأخلاقية والمهنية في النشر، فالخطأ فيما حدث ليس ممن أصدر الفتوى الخاطئة، ولكن فيمن سمح بنشر هذه الأكاذيب والادعاءات والترويج لها، وهو ما يتعارض مع المسؤولية الاجتماعية والوطنية لوسائل الإعلام.

تقول الحديدي إن وسائل الإعلام بشكل عام يُفترض أنها أكثر مصداقية ومهنية من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي لا تخضع للرقابة، ومن ثم يتوجب عليها أن تلتزم بالأخلاقيات الإعلامية، وأن تعمل على التصدي لناشري الخرافات وليس دعمهم بنشر أفكارهم التي تتسبب في مغالطات للجمهور، وتجعل لديه حالة من التلوث الفكري.

سعي وراء الإثارة
يفسِّر الخبير الإعلامي محمد عبد الرحمن الخطأ الذي وقعت فيه صحيفة المصري اليوم باعتباره أمراً مرتبطاً بحالة السيولة التي أصابت الصحافة المصرية أو قواعد العمل في الصحافة المصرية نتيجة الاتجاه نحو تقليد السوشيال ميديا في كل ما هو جاذب للانتباه وعدم احترام القواعد المهنية التقليدية، مشيراً إلى أن ما حدث هو الذهاب إلى أكثر الفتاوى تطرفاً وبروزتها وليست مناقشتها أو حتى إثارة الجدل، وهو ما جعلها تظهر وكأنها فتوى صحيحة.

اقرأ أيضًا: مشايخ في خدمة الإرهاب.. الغرياني والتلاعب بالفتوى
وأضاف أن الصحافة يُفترض أن مصادرها في الفتوى مشيخة الأزهر ودار الافتاء وفي حال التعرض لفتوى مثيرة للجدل يجب أن يتم ذلك في إطار نقاش يحدث حول رد لكن ليس في إطار الترويج لها باعتبارها حقيقة.
ترى ليلى عبد المجيد أن جزءاً من المشكلة تكمن في سعي بعض الصحافيين خلف الإثارة والموضوعات التي قد تخلق جدلاً، وهو أمر غير صحيح خاصة في مسألة حساسة مثل الفتاوى باعتبارها من الأمور التي تمسُّ الجمهور بشكلٍ مباشر، معتبرة أن إعلان العقوبات من جانب الصحيفة بعد الاعتذار والتحقيق سيكون بمثابة طمأنة للرأي العام.