الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

غلق قناة “الزيتونة”.. خطوة نحو التصدي لإعلام الإخوان

رغم توقيف أحد رموزها ما زالت القناة الفضائية الإخوانية تواصل بث سمومها ضد كل مَن يعارض هذا التنظيم في تونس

تونس- وفاء دعاسة

منذ القرارات الإصلاحية الأخيرة التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد، لم تتوقف خطابات الإخوان التحريضية ضد التونسيين الرافضين لحركة النهضة منذ اعتلائها السلطة عقب 2011، وتواصلت لتشمل الرئيس نفسه.

 قناة “الزيتونة” إحدى تلك القنوات؛ حيث ركزت في برامجها، ما بعد 25 يوليو، على انتقاد التدابير الاستثنائية وتجميد الرئيس للبرلمان وتعليقه معظم مواد الدستور، ومن ثم توليه أغلب السلطات تمهيداً لإصلاحات سياسية لنظام الحكم والقانون الانتخابي.

اقرأ أيضاً: تونس.. حركة النهضة تفقد القدرة على تحريك قواعدها

وقناة “الزيتونة” هي محطة تليفزيونية أسسها القيادي في حركة النهضة أسامة بن سالم، سنة 2012، وتعمل خارج القانون التونسي، ضاربةً عرض الحائط بالمطالب المتكررة بتسوية أوضاعها القانونية، وتتذرع بحرية التعبير لمخالفة القانون وضوابط الإعلام.

لذا قررت الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري في تونس “الهايكا”، الأسبوع الماضي، إيقاف بث القناة التليفزيونية “الزيتونة”، المقربة من حركة النهضة الإسلامية؛ بسبب عملها دون رخصة، وذلك تنفيذاً للقرار الصادر قبل أربعة أعوام، والذي عطلته الحركة.

تم حجز معدات البث لـ(الزيتونة) التي تبث دون ترخيص -“AFP Photo”

وقال النوري اللجمي، رئيس الهيئة، في تصريح إعلامي: “

.. القانون سيطبق على جميع محطات التليفزيون والراديو الخارجة عن القانون”.

وأكد اللجمي أن قرار الإغلاق لا علاقة له بالإجراءات الاستثنائية التي أعلنها الرئيس، مشيراً إلى أن الهيئة حاولت في السنوات الماضية غلق المحطة، ولم تتمكن من ذلك، في إشارة منه إلى أن القناة كانت تحظى بحماية من السلطة.

اقرأ أيضاً:  النهضة تستقوي بالأجنبي من أجل البقاء في الحكم

قرار متأخر

ويقول الإعلامي والمحلل السياسي نزار الجليدي: إن قرار “الهايكا” بإغلاق الواجهة الإعلامية للإخوان المسلمين في تونس وما تبثه من سموم لمدة سنوات، وهي القناة الخارجة والمارقة عن القانون، هو قرار جاء متأخراً ومتعثراً جداً؛ لأنه كان من الأجدر على جميع الحكومات المتعاقبة أن تذهب بعيداً في تنفيذ القرارات القضائية وأولها قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري.

نزار الجليدي

ويعتقد الجليدي، في حديث أدلى به إلى “كيوبوست”، أن “الهايكا” حُرِّرت من الأغلال والقيود؛ مما سمح لها بالسير نحو تنفيذ قرار الغلق.

ويقول محدثنا إن هناك “زيتونات” أخرى وقنوات وصناديق إعلامية وجب مراقبة السموم التي تبثها.

واعتبر نزار الجليدي أن قرار “الهايكا” خطوة أولى وفي المسار التصحيحي، وإذا ما أردنا تصحيح المسار في تونس، وجب تجفيف منابع الإخوان وواجهاتهم الإعلامية وغير الإعلامية؛ لأنه الثابت والأكيد أنه ليست لديهم قنوات إعلامية فقط، بل إعلاميون مدفوعو الثمن يحاولون بكل الوسائل أن يبثوا الخطر في البلاد، مضيفاً أن “من الأخطار الجاثمة على البلاد هو مثل هذه القنوات”.

بث الفتنة

ولم تتوانَ “النهضة” على مدار سنوات حكمها في تمكين عناصرها وتقوية نفوذها، في مقابل استخدام العنف والتهديد بالتصفية لإسكات الأصوات المناهضة لها والداعين إلى رحيلها عن الحياة السياسية.

اقرأ أيضاً:هل يمضي سعيد لتغيير النظام السياسي التونسي؟

ووصف، الأسبوع الماضي، عامر عياد، أحد إعلاميي القناة، في برنامجه، رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بألفاظ نابية مسيئة.

عامر عياد

وأصدر قاضي التحقيق بالمحكمة العسكرية بتونس قراراً بإيداع عياد السجن بعد مثوله أمام التحقيق العسكري بالمحكمة العسكرية الابتدائية الدائمة بتونس؛ للتحقيق معه في ما نسب إليه من تهم تمثلت في”التآمر من أجل الاعتداء على أمن الدولة الداخلي” و”ارتكاب أمر موحش ضد رئيس الجمهورية”، و”نسبة أمور غير صحيحة لموظف عمومي”، و”المس من كرامة الجيش الوطني”.

وبعد توقيف عياد، ما زالت القناة تواصل بث سمومها بالتحريض ضد الأصوات المعارضة لتنظيم الإخوان؛ إذ تبث في كل سهرة مسائية حلقة من برنامج “حواري”، حيث لا تستضيف فيه سوى قيادات حركة النهضة وحلفائها من أصحاب الفكر المتطرف.

دعوات لتطهير الإعلام

طالبت جمعيات تونسية، في بيان مشترك، بضرورة تطبيق قرارات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري وتطبيق القانون على كل القنوات المخالفة للمرسوم 116.

وعبَّرت الجمعيات الموقعة على نص البيان، عن ارتياحها لتطبيق القانون على قناة “الزيتونة” بعد تسع سنوات من الضرب عرض الحائط بالمرسوم 116 لسنة 2011 المتعلق بحرية الاتصال السمعي البصري، والبث الفوضوي، والحث على التفرقة بين التونسيات والتونسيين، والدعاية الحزبية لحركة النهضة، وتشويه سمعة معارضيها، والاستخفاف بقرارات “الهايكا”.

يأمل التونسيون في مسار سياسي جديد-“AFP Photo”

وعبرت الجمعيات عن أملها في تطبيق القانون على قناتَي “نسمة” و”حنبعل” التليفزيونيتَين، و”إذاعة القرآن الكريم” المتاجرة بالدين، مستنكرةً في ذات السياق الموقف الذي اتخذته الحكومات السابقة التي “وقفت موقف المتفرج”؛ الأمر الذي أدى إلى إحكام قبضة لوبيات سياسية ومالية على وسائل الإعلام، وانتهاكات صارخة لأخلاقيات العمل الصحفي، واستغلال فظيع للصحفيين الشبان، وإساءة لمكانة المهنة الصحفية في المجتمع، وَفق ما جاء في نص البيان. 

اقرأ أيضاً: تونس تمضي قدماً في انتقالها الديمقراطي

كما طالبت الجمعيات الموقعة الحكومةَ القادمة “بإيلاء كل الاهتمام لملف إصلاح الإعلام العمومي والخاص الذي طالما تلكأت الحكومات السابقة في معالجته، وذلك بمراجعة وإثراء وتحيين المرسومَين 116 و115 في إطار تمشّي تشاركي مع الخبراء والهياكل المهنية وجمعيات المجتمع المدني وإصدارها في أقرب الآجال”.

وفي السياق ذاته، دعا البيان المشترك رئيسَ الجمهورية إلى الحرص على تجنب الوقوع في شرك مُروجي الأخبار الزائفة على شبكات التواصل الاجتماعي، وذلك بالاعتماد على ذوي الخبرة في مجال الإعلام والاتصال الذين تزخر بهم تونس، والتمييز بين المصادر الموثوق بها والمصادر المضللة والمسيئة لمؤسسات الدولة، بالإضافة إلى إدانتها إحالة مدنيين أو معارضين أو ناقدين للسلطة إلى القضاء العسكري.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

وفاء دعاسة

كاتبة صحفية تونسية

مقالات ذات صلة