شؤون دولية

غضب متجدد في إيران: هل تدفع صراعات الطبقة الحاكمة باتجاه التغيير؟

هل سنشهد تغييرات قريبة؟

كيو بوست –

تزداد الاحتجاجات في إيران حدة مع دخولها اليوم الخامس على التوالي في مدن عدة، وتتسع رقعتها لتتخطى إقليم الأحواز وتشمل مناطق أخرى، في وقت يصعد إلى واجهة الحكم صراع سياسي يقوده الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد.

وتتركز حركة الاحتجاج العارمة في أصفهان، وداخل الأوساط العربية في محافظة خوزستان بإقليم الأحواز، فيما تشتد الاحتجاجات بمدينة كازرون جنوب البلاد.

وذكر موقع “منظمة مجاهدي خلق” الإيراني المعارض أن عشرات المدن الإيرانية شهدت مظاهرات الأسبوع الماضي، ضد الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد، وتفشي الفقر والبطالة.

وقال الموقع إن قوات الأمن قمعت بعنف شديد عددًا من المظاهرات بمحافظات مثل آذربايجان ومازندران ودامغان وبندر عباس ومشهد ورشت وكرمان وبارس آباد.

 

تجدد الغضب

يعود الشارع الإيراني للتحرك ضد نظام بلاده من جديد، بعد أشهر قليلة من موجة مظاهرات شعبية واسعة شهدتها البلاد، أواخر العام الماضي، ومطلع العام الجاري.

وترتفع أصوات الهتافات ضد المرشد الأعلى علي خامنئي، الذي يمثل أعلى سلطة دينية في البلاد، إضافة لهتافات ضد الرئيس حسن روحاني، وضد سياسات الدولة في الخارج.

ويرى مراقبون أن صوت الغضب الشعبي يتنامى في الجمهورية الإسلامية التي تفرض سلطة دينية بيد من حديد على مواطنيها، من جانب، ومن جانب آخر باتت تثير استياء السكان من ارتفاع الأسعار، واستشراء الفساد، وتوسع المشاركة المكلفة في صراعات إقليمية مثل سوريا والعراق.

 

كازرون تنتفض

إضافة إلى احتجاجات العرب في إقليم الأحواز ضد التمييز، تتصاعد مظاهرات ضد الفساد والأوضاع الاقتصادية في مدينة كازرون الإيرانية لليوم الخامس على التوالي.

ومن بين الهتافات التي طغت على المظاهرات “لا تخافوا، كلنا متحدون معًا”، و”قَسَمًا بدماء الشهداء، نعود كل يوم إلى ساحة الشهداء”، و”نحن قمنا بالثورة ولا نقبل الذل”، و”العدو هنا، ولكنهم يقولون العدو أمريكا”، و”نحن رجال ونساء النضال، ونناضل ضد التقسيم”.

وتبعد محافظة كازرون عن شيراز مركز إقليم فارس حوالي 145 كم، ويبلغ عدد سكانها 226 ألف نسمة، حسب إحصائيات رسمية إيرانية نشرت العام الماضي.

وهذه المرة تأخذ المظاهرات طابع الاحتجاج من قبل فئات عدة في المجتمع الإيراني، ضد سياسات الدولة التي تركت أضرارًا على حياتهم؛ ففي محافظة أصفهان، استمرت مظاهرات متفرقة للمئات من الأهالي في مدينة “أصفهان”، احتجاجًا على سياسة نقل المياه.

كما تواصلت احتجاجات عمال الشركة “الوطنية لصناعة الفولاذ” في مدينة “أروميه” بشكل متفرق أمام مقر مدير مجمع الفولاذ مطالبين برواتبهم. وذلك بالتزامن مع احتجاجات أخرى متفرقة للمستثمرين في مؤسسة “آرمان وحدت” في مدينة “الأحواز” الذين لم يحصلوا على حقوقهم.

وتحرج هذه المظاهرات السلطات الإيرانية، التي عادة ما تلصق أي تظاهر ضد النظام بمخطط أمريكي.

 

صراع القوى ينخر النظام

وتترافق حركة الاحتجاج مع صراع سياسي متصاعد داخل أروقة النظام الإيراني، ما اعتبره مراقبون دليلًا على حالة متردية وصلت إليها البلاد.

أحد أوجه هذا الصراع كان الرئيس السابق أحمدي نجاد، الذي صعّد انتقاده تجاه قادة النظام الحالي، متهمًا إياهم بعدم الكفاءة.

صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، قالت إن أحمدي نجاد كان يلتزم الصمت منذ اندلاع المظاهرات، لكنه جدد هجومه خلال خطاب مفتوح وجهه للمرشد الإيراني علي خامنئي الأسبوع الفائت.

وتحدث نجاد عن حاجة إيران إلى “إصلاحات جذرية”، وطالب بفصل رئيس السلطة القضائية، وعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة، بدون “تدخل” من الهياكل العسكرية من أجل “استعادة ثقة الناس”.

“أحمدي نجاد أصبح شوكة في خاصرة النظام الإيراني في وقت حساس للغاية، حيث يواجه نظام الملالي حالة استياء مجتمعي متزايدة، وضغوطًا من الولايات المتحدة متعلقة بالدور الإيراني في الصراعات الإقليمية، وبرنامجها للصواريخ الباليستية”، قالت الصحيفة.

ويرى الكاتب وليد صبري أن التصريحات الأخيرة لكبار المسؤولين في إيران تكشف حقيقة الأوضاع السيئة التي وصلت إليها البلاد. وذكر صبري أن الانتقادات التي وجهها نجاد لروحاني كانت حادة، وأن “لدى الأخير فرصة أخيرة للبدء بعملية الإصلاح في البلاد، قبل أن يجرف السيل القادم النظام برمته”.

“والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل زاد من سوء الأمر الانتقادات الحادة التي وجهها النائب الإصلاحي محمود صادقي إلى رئيس جهاز الاستخبارات في الحرس الثوري الإيراني حسين طائب عبر موقع «تلغرام»، حيث اتهم الحرس الثوري بالانتهاك المتكرر للحقوق الدينية والقانونية للمتهمين، خلال مختلف مراحل التوقيف والاستجواب”، أضاف صبري.

ويبدو تجدد المظاهرات بعدما ظن الجميع أنها انطفأت في كانون الثاني الفائت، يشير إلى تغيير ما قد يطرأ في إيران، وقوده الشعب.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة