الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

عند النظام التركي .. القتل هو الحل

كيوبوست

رجب طيب أردوغان، الذي تحالف مع جميع قوى الشر حتى يُنَصِّب نفسه خليفةً للمسلمين، وجعل أرضه مستباحةً لمرور الإرهابيين إلى سوريا والعراق؛ حتى يكسب نفطَيهما، لا غرابة في أن يقتل الأسير الفلسطيني زكي مبارك، تحت وطأة التعذيب؛ لنزع اعترافات منه، رغم أنه يعلم قبل محققيه أنه لا اعترافات يقولها مبارك.

شاهد: صديق الإرهاب الوفي.. أردوغان

بداية الجريمة التركية كانت في 19 أبريل الماضي، عندما أعلنت السلطات القبض على اثنين تم الزعم أنهما متورطان في التجسُّس لصالح دولة الإمارات، وأنهما اعترفا بالتجسُّس، وأنهما على علاقة بمقتل الكاتب الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وعلى الرغم من أن هناك كثيرًا من وسائل الإعلام العالمية نقلت خبر القبض عن وسائل الإعلام التركية وتابعتها القطرية؛ فإن تركيا لم تقدم منذ ذلك اليوم أي دلائل على هذا الادعاء.

وعلَّق وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، د.أنور قرقاش، على هذا الخبر دون أن يذكر أردوغان، قائلًا: “حين تفقد مصداقيتك لا يصدقك أحد، تتهم وتدَّعي وتتغيَّر الرواية وتتبدَّل، ولأنك غير صادق لا يصدقك أحد، وأما كلمتك فلا تؤخذ محمل الجد”. ونقلت وكالة “رويترز“، الإثنين 29 أبريل الماضي، ما قاله مكتب الادعاء في إسطنبول، أن رجلًا تحتجزه تركيا للاشتباه في تجسسه لصالح الإمارات انتحر شنقًا في السجن، وأن الحراس عثروا على المشتبه فيه الفلسطيني زكي مبارك حسن، مشنوقًا على باب دورة المياه في زنزانته في سجن سيليفري غرب إسطنبول، عندما جاؤوا لتوصيل وجبة الطعام صباح الأحد، وأن السلطات فتحت تحقيقًا في الواقعة، ودائرة الطب الشرعي فحصت الجثة، لكن أسرته لم تصدق المزاعم التركية بانتحاره، وطالب نجله، يوسف زكي مبارك، في مقابلة مع قناة “العربية“، بلجنة طبية تضم طبيبًا فلسطينيًّا أمينًا؛ لتشريح جثة والده، مؤكدًا أنه لم ينتحر، وأن الأمن التركي قام بقتله، وأن والده سافر إلى تركيا للعمل، وقد تواصلوا مع محاميه، وأكد أن محاكمته، الثلاثاء 30 أبريل، وسيخرج بكفالة، وتساءل: “لماذا ينتحر؟!”.

اقرأ أيضًا: تركيا والدواعش.. الطريق إلى “دولة الخلافة”

وفي السياق نفسه، أوضح شقيق زكي، امتلاكه محادثة مسجلة مع محامي أخيه، يؤكد فيها الأخير أن “زكي بريء”، وأن معه جميع المستندات التي تؤكد براءة شقيقه، وأنه كان قد أبلغ السفير الفلسطيني في تركيا بمخاوفه من محاولة السلطات التركية تصفية زكي، إلا أن السفير لم يهتم. وناشدت عائلة سامر سميح شعبان، الفلسطيني الآخر المقبوض عليه في تركيا، الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وجميع المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، الحفاظ على سامر؛ لأنه بريء.

 وقد وصف موقع “أحوال” التركي، حادثة مقتل زكي مبارك بأن تصفية المعارضين الأتراك داخل السجون التركية هي السياسة الممنهجة للحكومة التركية التي تقوم بالتخلُّص منهم، واختلاق ذرائع واهية وتبريرات ملفَّقة؛ من أجل التغطية عليها، وأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يستغل مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي؛ لابتزاز المملكة العربية السعودية، وأن المطالبة بلجنة تحقيق دولية لكشف النقاب عن جريمة مقتل السجين الفلسطيني سوف تفتح الباب أمام أمان وسلامة السائحين والمقيمين العرب والأجانب في تركيا، واحتمال استهداف أيٍّ منهم بذريعة ملفقة؛ ليتم من خلاله التغطية على قضايا أخرى تشغل الرأي العام. وأضاف “أحوال” التركي، أن السلطة التركية لا تكتفي بتصفية خصومها داخل السجون، بل تقوم بتشويه صورتهم، وتعلن أنهم أقدموا على الانتحار أو تعرَّضوا لأزمة صحية قضت عليهم، في الوقت الذي يكون فيه هؤلاء تحت رقابة صارمة داخل السجن، ويحظر عليهم اقتناء أية أداة يمكن أن تساعدهم على الانتحار في حال أرادوا ذلك.

وقد أصدر الملتقى الصحفي لحقوق الإنسان بيانًا يطالب فيه بفتح تحقيق دولي في ظروف مقتل الفلسطيني زكي مبارك، في السجون التركية، ونشر نتائجه بوضوح، ومطالبة جميع المؤسسات الحقوقية والدولية بمتابعة قضية مبارك والعمل على كشف الحقيقة. أما المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا وأوروبا فشجبت قيام الأمن التركي بتعذيب يوسف حتى الموت، وطالبت بإرسال لجنة لفحص جثة المعتقل وعدم السماح للسلطات التركية بإخفاء جريمتها ودفن الجثة دون إجراء تشريح محايد من قِبَل الأمم المتحدة.

وقد وصف الكاتب التركي عمر فاروق جَرْجَرلي أوغلو، وضع السجون في تركيا (يبلغ عددها 385 سجنًا) بأن هناك 66 ألف معتقل في السجون؛ 30 ألفًا منهم على الأقل حريتهم مقيدة في قاعات حبس قدرتها الاستيعابية لا تتسع إلا لـ15 سجينًا، في حين أن بكل واحدة منها 45 شخصًا على الأقل. وآخر ثلاثة أشهر شهدت تركيا اعتقال 10 آلاف و528 شخصًا؛ ما يعني أن 115 شخصًا تم اعتقالهم في اليوم الواحد. وخلال عام2017  بلغ عدد الملفات التي قيدت ضد مجهول 3.4 مليون ملف، وقد تم الزج بألف و608 أطفال إلى ارتكاب الجرائم.

 كل هذه دلائل على أن وضع الحريات في تركيا أصبح خطرًا، ليس على كل تركي فقط ولكن على أي سائح أو زائر لتركيا، والاتهامات والسجون جاهزة لاستقبال كل مَن لا يقبلهم الرئيس المستبد.

 

موقع “ستوكهولم” للحريات، وصف، في تقرير له، الحادثة بأنها “وفاة مشبوهة”؛ موضحًا أن الفلسطيني زكي مبارك كان يواجه اتهامات بالعمالة لصالح الإمارات، وأنه كان يعرف بعض المعلومات عن قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، التي لم ترق للجانب التركي.

وأكد تقرير “ستوكهولم” أنه تم رصد عدد كبير من حالات الوفاة المشبوهة في تركيا خلال الفترة الأخيرة، واللافت للنظر بشكل كبير هو أن هذه الحالات المشبوهة تمت في السجون، ومراكز الاحتجاز، وفي كل الحالات تقضي السلطات أن الوفاة جاءت نتيجة انتحار، فضلًا عن رصد مئات من حالات التعذيب الوحشية في سجون أردوغان.

اقرأ أيضًا: مستقبل جماعات الإسلام السياسي حال سقوط أردوغان

وفي 26 مارس الماضي، أي منذ شهر واحد تقريبًا، توفيت ناشطة تعمل لصالح حزب العمال الذي تصنفه السلطات التركية منظمةً إرهابية، وذلك داخل زنزانتها، في واقعة لا تختلف كثيرًا عن واقعة مقتل زكي مبارك! والغريب أن الفاصل الزمني بينهما شهر واحد فقط؛ ما يؤكد أن ما يفعله النظام التركي يمكن وصفه بالتبجُّح وعدم الاكتراث كثيرًا بما سيقوله العالم.

تركيا غير آمنة

وحسب تقرير نشره موقع مؤسسة “فريدوم هاوس“، فإن تركيا تم تصنيفها كدولة غير آمنة خلال عام 2019. وجدير بالذكر أن لتركيا ملفًّا سيئ السمعة في ما يخص السجناء قد كشفت عنه النائبة في البرلمان التركي عن حزب الشعوب الديمقراطي، ميرال دانش، مشيرةً إلى الإجراءات التعسفية التي يقوم بها نظام الرئيس رجب طيب أردوغان تجاه السجناء، في مخالفة صريحة وواضحة لمقررات محكمة العدل الدولية بحق السجناء.

وتعاني تركيا تكدُّسًا في أعداد المعتقلين والمسجونين على خلفيات سياسية، فحسب جريدة “زمان” التركية، فقد أعلن وزير العدل التركي عبد الحميد جول، الأعداد الرسمية للسجناء والمعتقلين في البلاد؛ قائلًا: “تضم السجون التركية 260 ألف شخص؛ من بينهم 202 ألف و434 شخصًا صدر في حقهم أحكام، و57 ألفًا و710 منهم صادرة في حقهم مذكرات اعتقال”.

اقرأ أيضًا: أردوغان.. رجل الفوضى “غير” الخلَّاقة

وتعليقًا على هذه الحادثة، صرَّح لـ”كيوبوست” الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، قائلًا: “إن زكي مبارك (55 عامًا) مواطن من سكان قطاع غزة، عمل في جهاز المخابرات الفلسطينية برتبة (عميد)، وخرج من القطاع وتقاعد بعد الاقتتال الداخلي بغزة عام 2007، ويحمل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية، وقد أقام في رام الله، قبل أن يتقاعد، وغادر إلى بلغاريا. أما سامر سميح شعبان (40 عاما)، فهو مواطن كان يعمل في سفارة فلسطين بالإمارات العربية المتحدة، وكان في إجازة أراد قضاءها في تركيا”.

وأضاف الرقب: “حسب شهادة عائلة المرحوم زكي، يبدو أن الأجهزة الأمنية التركية فشلت في نزع اعتراف منه، فشددت عليه أكثر؛ ما أدَّى إلى مقتل العميد زكي مبارك بدم بارد وادَّعت أنه وجد مشنوقًا”.

وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس إلى أن الرواية التركية روَّجت أن الحادثة مجرد انتحار، وهذا مرفوض، فطبيعة وشخصية العميد زكي مبارك لا تلجأ إلى هذا كحل؛ فضلًا عن أنها رواية مفككة غير محبوكة، إضافة إلى ما نشرته الصحف العبرية التي أكدت أن اعتقال الفلسطينيَّين المذكورَين تم بالتعاون مع جهاز الموساد الصهيوني والمخابرات التركية.. وهو أمر يثير الريبة في حقيقة الانتحار، ويسير بنا إلى أن المرحوم زكي مبارك قد قُتل.

وتابع الرقب: “عندما اختفى خاشقجي قامت تركيا ولم تقعد، والآن عندما يُقتل مواطن فلسطيني تزعم أنه انتحر، وتريد من الجميع الصمت!”.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة