الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
عناصر الإخوان المصرية في السودان.. تنسيق أمني يطيح بالمطلوبين
تقدر بعض المصادر والتقارير عدد عناصر الإخوان الهاربين إلى السودان بعد 2013 بأكثر من 3 آلاف شخص

كيوبوست- عبد الجليل سليمان
تواترت الأخبار والتسريبات، منذ مطلع أغسطس الجاري، عن اعتقالِ السلطات الأمنية السودانية عشراتٍ من عناصر جماعة الإخوان، وتسليمهم إلى مصر.
وفيما تتحفظ السلطات الأمنية في السودان على الإعلان عن ذلك، بل تعمَد إلى نفيه في أغلب الأحيان، عدا بعض التسريبات من هنا أو هناك؛ حيث نقلت منصة الراكوبة الإلكترونية السودانية، يونيو الماضي، أن الخرطوم سلمت القاهرة 21 عنصراً إخوانياً متورطين في قضايا عُنف، ناسبة الخبر إلى مصادر لم تُسمِها.
اقرأ أيضاً: السودان تسلم مطلوبين لمصر في ضربة قاصمة للنفوذ الإخواني!
ويبدو أن عمليات تسليم عناصر إخوانية هاربين إلى السودان، ممن عليهم قضايا “عنف”، ظلت مستمرة منذ الإطاحة بنظام البشير، وتولى الحكومة الانتقالية السلطة في البلاد. حيث مثّل السودان خلال حكم الإخوان (1989-2019)، مركز إيواء مثالياً للجماعات الجهادية المتطرفة، وعلى رأسها التنظيم الدولي للإخوان المسلمين.
وفي السياق، تقدر بعض المصادر والتقارير عدد عناصر الإخوان الهاربين إلى السودان بعد 2013، بأكثر من 3 آلاف شخص، بعضهم متورط في قضايا عنف وإرهاب؛ وهؤلاء من تستهدفهم السلطات الأمنية في كلٍّ من مصر والسودان، وتسعى إلى تسليمهم للعدالة.
العنف سيّد الأدلة

بالنسبة لماهر فرغلي، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، فإن مصدراً أمنياً كشف له عن أن السلطات السودانية ألقت القبض على عشراتٍ من عناصر الجماعة الموجودين هناك، وأنها بصدد تسليمهم إلى مصر قريباً، وأضاف فرغلي، في حديثه لـ”كيوبوست”، أن عملية تسليم السلطات السودانية للعناصر الإخوانية المتورطين في قضايا عنف ظلَّت مستمرة منذ وقت، أما بقية العناصر الهاربة، ولم ترتكب أعمال عنف، فغير معنية بتسليمهم.
اقرأ أيضاً: الإخوان المسلمون في السودان يعيقون التسوية السياسية ويهددون أمن البلاد والعباد
مئات رهن الاحتجاز
وكشف الصحفي والمحلل السياسي السوداني، صديق دلّاي، في إفادته لـ”كيوبوست”، عن تسريبات، بأن السلطات السودانية تحتجز مئاتٍ من منسوبي جماعة الإخوان رهن التحقيق، وأن السواد الأعظم منهم ينتمي لحركتي “حسم” و”لواء الثورة”، وربما يتم تسليمهم إلى القاهرة على دفعات، في غضون الأشهر القليلة القادمة.
أضاف دلّاي، عن شح المعلومات في هذا الصدد، وأن الأجهزة الأمنية السودانية لا ترغب في الكشف عن أية معلومات متعلقة بعمليات التسليم، عدا بعض التسريبات المحسوبة بعناية ودقة، دون الكشف عن أي تفاصيل أخرى.
وقال دلّاي: إن معظم العناصر الإخوانية الذين جرى تسليمهم إلى مصر في يونيو الماضي، من المشاركين في العملية الإرهابية، التي جرت أحداثها في سبتمبر 2021، بضاحية جبرة جنوبي العاصمة السودانية، وأسفرت عن مقتل ضباط وجنود سودانيين.
تسليم مستمر

إلى ذلك، كانت مصادر أمنية سودانية ومصرية، متطابقة في أوقاتٍ سابقة، كشفت عن أن من بين العناصر التي سُلمت إلى مصر، أكرم عبد البديع، المحكوم عليه بالإعدام غيابياً؛ لإدانته بمحاولة تفجير قرب قناة السويس عام 2009، والمتهم في قضية تفجير مديرية أمن الدقهلية في العام 2013، الذي أسفر عن مقتل 16 شخصاً. إضافة إلى القياديين عصام عبد المجيد دياب سيد، ومحمد إبراهيم.
يذكر أن السلطات الأمنية المصرية، كانت ألقتِ القبض، منتصف يناير الماضي، على الإخواني حسام سلام، إثر هبوط طائرة سودانية متوجهة إلى تركيا اضطراريًا، في مطار الأقصر الدولي، جنوبي مصر، كان على متنها، ويُعدُّ سلام قيادياً بارزاً، ومؤسساً لحركة حسم (الجناح العسكري للإخوان)، وتتهمه السلطات المصرية بمحاولة اغتيال شخصيات عامة وقضائية، ومُهاجمة قوات الشرطة بين عامي (2014 و2016)، إذ يواجه عقوبة بالسجن.
اقرأ أيضاً: عناصر جماعة الإخوان.. ثورة مضادة كامنة في مفاصل الدولة السودانية
تنسيق عالٍ

يعود صديق دلّاي، مُفسراً العمليات المستمرة لتسليم السلطات السودانية نظيرتها المصرية، عناصر الإخوان، بأنها تشي بتنسيق عالٍ، وتعاون أمني كبير بين البلدين، اللذين تطورت علاقاتهما بشكلٍ ملحوظ، منذ الإطاحة بنظام عمر البشير 2019، حيث وقعت الحكومتان اتفاقياتٍ أمنيةً واقتصادية وعسكرية، وأجرى جيشا البلدين العديد من المناورات المشتركة، الأمر الذي يصب في مصلحة البلدين، بحسب دلّاي.
ويستطرد الصحفي والمحلل السياسي، قائلاً: استغل الإخوان المسلمون المطلوبون أمنياً الأوضاع الأمنية الهشة في السودان؛ ليتخذوا منه منصة انطلاق لوجهاتٍ أخرى، مثل تركيا وبريطانيا وغيرهما من الدول، وبالتالي فإنّ من حق الحكومتين؛ المصرية والسودانية، ملاحقة العناصر الإرهابية كافة، ما دام أن الأمر يستند إلى حيثياتٍ وإجراءات قانونية، تتسق مع المبادئ والقوانين المرعية دولياً.
وأشار دلّاي، إلى أنه يتوقع المزيدَ من التعاون في هذا الصدد، وأن الأشهر القليلة المقبلة ستشهد الكثيرَ من الترتيبات؛ لتسليم المزيد من العناصر الإخوانية العنيفة المُقيمة في السودان، حيث يقبع بعضها في المعتقلات في انتظار التسليم، فيما يجري البحث عن أخرى هاربة بين مدن السودان المختلفة، تقتنص سنوح أي فرصة مثالية للهروب خارج البلاد.