الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
عملية أبسكام
عملية سرية لمكتب التحقيقات الفيدرالي لكشف الفساد في الكونجرس

كيوبوست- ترجمات
إريك تشانغ
في ثمانينيات القرن الماضي أطلق مكتب التحقيقات الفيدرالي مبادرة جريئة لمكافحة السلوك الاحتيالي في الكونجرس، عرفت بعملية “أبسكام”. قام عملاء المكتب بلعب دور شيوخ ورجال أعمال عرب أثرياء، وتمكنوا من التوصل إلى عدد من لوائح الاتهام بالرشوة بحق أعضاء في الكونجرس، وغيرهم من المسؤولين الحكوميين.
بحلول أواخر السبعينيات، كان عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي قد حصلوا على بعض المعلومات الأولية عن وجود شبهات فساد بين العديد من أعضاء الكونجرس، فأطلقوا على الفور حملة تحقيقات بدأت بالتخطيط لجمع الأدلة من خلال عملية تضمنت شيخاً خليجياً وهمياً يقدم رشاوى مقابل خدمات معينة من مسؤولين رسميين.
وانطلقت عملية “أبسكام” بتأسيس شركة وهمية تحت اسم “عبدول إنتربرايسز ليميتد”، وفتح مكاتب لها في نيوجيرسي وفلوريدا، ثم قام عملاء المكتب بالتواصل مع الأشخاص المشتبه في سلوكهم مما أدى إلى اعتقال أعضاء في الكونجرس، ومسؤولين حكوميين آخرين. كانت هذه العملية واحدة من أنجح العمليات التي قام بها المكتب على الإطلاق، وقد جاءت في الوقت المناسب، وأعادت ثقة المواطنين في ممثليهم المنتخبين.
اقرأ أيضاً: نشأة الفساد الاستراتيجي
بدأ مكتب التحقيقات الفيدرالي هذه العملية الجريئة والمبتكرة إبان موجة من الاحتجاجات الشعبية العنيفة على الفساد المستشري في الحكومة، وبعد سنوات من المحاولات السابقة التي باءت بالفشل. وللوصول إلى أدلة دامغة قام المكتب بوضع خطة غير مسبوقة تضمنت استخدام شيخ عربي مزيف يقوم برشوة المسؤولين المنتخبين لتحقيق مطالب سياسية معينة. لعب دور الشيخ الفنان المدان بالاحتيال ميلفين واينبيرغ، بعد أن وظفه المكتب ليقوم بهذا الدور.
كانت مهمته تقديم رشاوى لمسؤولين منتخبين، في مقابل خدمات سياسية، وتوثيق هذه التعاملات نيابة عن مكتب التحقيق الفيدرالي، الذي سيستخدم هذه التسجيلات كدليلٍ دامغ لإدانتهم. وقد كان دور واينبيرغ في العملية حاسماً، فبدونه لم يكن المكتب ليتمكن من رفع دعاوى بحق المسؤولين الفاسدين.

أدت العملية في نهايتها إلى اعتقال سبعة من أعضاء الكونجرس، والعديد من المسؤولين الحكوميين الآخرين، ومن هؤلاء:
هاريسون ويليلز: سيناتور من نيوجيرسي، أدين بتسع تهم رشوة وتآمر، وحكم عليه بالسجن لثلاث سنوات.
فرانك طومسون: نائب من نيوجيرسي، أدين بتهمٍ مماثلة، وتلقى حكماً مماثلاً.
جون جينيريت: نائب من ولاية ساوث كارولاينا، أدين بالرشوة، وحكم عليه بالسجن لمدة عامين.
رايمنوند ليدرير: نائب من ولاية بنسلفانيا، أدين بالرشوة، وتلقى حكماً بالسجن لثلاث سنوات.
مايكل أوزي: نائب سابق من بنسلفانيا، أدين بالرشوة، وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات.
جون مورفي: نائب سابق من نيويورك، أدين بالرشوة والتآمر، وتلقى حكماً بالسجن لثمانية عشر شهراً في سجن فيدرالي.
كما أدين كل من أنجيلو أريتشيتي، عمدة مدينة كامدن- نيوجيرسي، وجورج شوارتز رئيس مجلس مدينة فيلادلفيا، وهاري جانوتي، ولويس جوهانسون عضوي مجلس مدينة فيلادلفيا بتهمٍ مشابهة، وتلقوا أحكاماً بالسجن.
اقرأ أيضاً: 3 دول حققت نجاحاً باهراً في مجال مكافحة الفساد
شكَّلت عملية “أبسكام” لحظة حاسمة في تاريخ تطبيق القانون الأمريكي، وقدمت دليلاً على الفساد المستشري الذي لطالما اشتكى منه الأمريكيون، وكانت مثالاً على التزام مكتب التحقيقات الفيدرالي بالعدالة، واستعداده للتخفي من أجل استئصال الفساد. وبعثت رسالة قوية مفادها أن المسؤولين المنتخبين لا يمكنهم الإفلات إذا ما قاموا باستغلال سلطتهم لتحقيق مكاسب شخصية.
وكانت العملية مثالاً على كيفية استخدام التحقيقات السرية لاستئصال الفساد في المناصب العليا، وأظهرت أنه حتى السياسيين الأقوياء ليسوا في مأمن من تطبيق القانون، وأدت إلى إصلاحات شاملة في جميع أنحاء الكونجرس.
المصدر: هيستوري ديفايند