الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

عقيدة سيناترا.. ما الذي سيفعله الاتحاد الأوروبي مع الصين؟

كيوبوست – ترجمات

تكثر الكليشيهات عند مناقشة علاقات الصين مع أوروبا؛ فمن السهل على أي شخص أن ينزلق إلى وجهة نظر نابليون حول عادات النوم في البلاد، أو رؤية تشو إن لاي لتأريخ الثورة الفرنسية. لكن جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، قد أحرز الدرجات النهائية حين لجأ إلى مصدر إلهام أقل تواتراً لشرح سياسة التكتل الأوروبي تجاه الصين، قائلاً: “يجب أن نكون مثل فرانك سيناترا، أليس كذلك؟ نفعلها على طريقتنا” (في إشارة إلى أغنية  My wayللمغني الأمريكي فرانك سيناترا).

وعندما يتعلق الأمر بالصين، فإن الشاغل الأساسي للاتحاد الأوروبي وأعضائه هو تجنب الانغماس في صراع  قوى عظمى بين أمريكا وخصمها الجيوسياسي. لذلك، يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يطور موقفه المستقل بشأن الصين، حسبما يقول بوريل.

اقرأ أيضاً: تضارب مصالح وإرث دموي وتهديدات خارجية.. التاريخ ومستقبل الاتحاد الأوروبي

ويتفق العديد من أصحاب النفوذ في السياسة الخارجية الأوروبية على هذه النقطة الأساسية؛ وهي أن الجزء الصعب هو تحديد ما يجب أن يكون عليه هذا الموقف في الواقع. وكان من المقرر أن تكون هناك قمة في سبتمبر في لايبزيغ، ويُفترض أنها ستكون دليلاً على الاتجاه الموحد للاتحاد الأوروبي؛ حيث يجتمع قادة الاتحاد الـ27 معاً بالرئيس الصيني شي جين بينغ. لكن هذا اللقاء قد تم التخلي عنه في بداية هذا الشهر.

ورسمياً، كان فيروس كورونا هو السبب؛ لكن المطلعين يلومون عوامل أخرى، منها الرغبة في تجنب المواجهة الصعبة بشأن هونغ كونغ، وحقيقة أنه من الصعب بلورة وجهة نظر مشتركة حول الصين، من جانب الاتحاد الأوروبي. وفي الوقت الحاضر، تتمثل الوحدة فقط في الارتباك الذي يخيم على تلك الدول المقسمة داخلياً وخارجياً.

تشارك الصين والاتحاد الأوروبي بنشاط في الاتصال والتنسيق بشأن تحديث منظمة التجارة العالمية- وكالات

ولدى ألمانيا أوثق العلاقات مع الصين، التي اشترت صادرات ألمانية بـ96 مليار يورو في 2019؛ أي ما يقرب من نصف إجمالي صادرات الاتحاد الأوروبي. لكن أولريش شبيك، من صندوق مارشال الألماني، وهو مؤسسة بحثية، يقول إن البلاد تكافح من أجل تصور علاقة تتجاوز الاقتصاد.

وبالنسبة إلى فرنسا، تعتبر الصين فرصة لتضخيم قوة الاتحاد الأوروبي إلى ممثل جيوسياسي حقيقي. وتلتقي مجموعة “17+ 1” من الدول الصغيرة من وسط وشرق وجنوب أوروبا، مسؤولين صينيين؛ أملاً في تلقي استثمارات صينية. غير أن دولة أخرى، مثل السويد، التي كانت الصوت الوحيد الذي يطالب بفرض عقوبات على الصين؛ بسبب محاولاتها الأخيرة للسيطرة على هونغ كونغ، تزيد من تعقيد الصورة.

شاهد: فيديوغراف.. أبرز المتغيرات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي

وحتى الآن، حل الاتحاد الأوروبي هذه المشكلة من خلال التعامل مع الصين على أنها الوهم الجيوسياسي. وفي عام 2019، وصفت المفوضية الأوروبية الصين بأنها “منافس نظامي”، في وصفٍ دبلوماسي لوحش استبدادي لديه قليل من الوقت للمعايير الغربية، بالإضافة إلى كونه شريكاً في بعض الموضوعات، ومنافساً حول موضوعات أخرى.

وهناك بعض مجالات الاتفاق حول ذلك بين الأوروبيين. فإدراك أن الصين لن تلعب بنزاهة في الأعمال التجارية أصبح الآن عالمياً تقريباً. وتشكو الشركات الأوروبية من أن الصين، بدلاً من فتح أسواقها، أصبحت الآن “اقتصاداً واحداً ونظامَين”، مع عدم قدرة الشركات الأوروبية على التنافس مع المنافسين المحليين بدعم غير عادل من قِبل الحكومة الصينية.

لحظة وصول أول قطار شحن من شرق الصين إلى محطة بيلويردر في ألمانيا – أرشيف

وقد فشلت محاولات الصين لدق إسفين بين دول الاتحاد الأوروبي؛ إذ إن دولة صغيرة صديقة للصين، مثل اليونان، مفيدة في هيئة تتحرك بالإجماع في السياسة الخارجية. لكن مقابل مثل هذه المعاملات، فإن الحد من الاستثمار الصيني قد فشل غالبًا؛ ليتذمر بذلك أعضاء مجموعة “17+ 1″؛ حيث بلغ الاستثمار المباشر من الصين في الاتحاد الأوروبي نحو 12 مليار يورو عام 2019.

اقرأ أيضاً: هل يشعل ترامب حرباً اقتصادية عالمية مع الاتحاد الأوروبي؟

وتبرر حرب باردة تختمر بين أمريكا والصين عقيدة “سيناترا” لدى الاتحاد الأوروبي. يقول إنريكو ليتا، رئيس الوزراء الإيطالي السابق: إن مثل هذا الاستقلال هو غاية الاتحاد الأوروبي، الذي يهدف إلى السماح للدول بألا تكون “مستعمرة صينية أو أمريكية”.

فهل سيسمح الاتحاد الأوروبي لشركات صينية مثل “هواوي“، عملاق الاتصالات الممنوع من أمريكا، ببناء البنية التحتية الحيوية للشبكات؟ وماذا سيفعل الاتحاد الأوروبي إذا غزت الصين تايوان؟ حيث يعتبر الاتحاد الأوروبي؛ العالق بين أمريكا الانعزالية والصين الاستبدادية، نفسَه آخرَ معقل للنظام الليبرالي.

اقرأ أيضاً: “هواوي” ضحية حرب ملوك التجارة في العالم

ومع ذلك، فإنه لم يتخذ إجراءً بشأن تشديد خناق الصين على هونغ كونغ، ولا حتى في معسكرات الاعتقال في الصين لمسلمي الإيغور. فما الذي يريده الأوروبيون حقاً من هذه الثرثرة؟ إنه سؤال سيتعين على الاتحاد الأوروبي الإجابة عنه بطريقته الخاصة.

المصدر: الإكونوميست

 اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة