الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون دوليةمقالات

عضوية الإمارات في مجلس الأمن تتمتع برمزية وأهمية كبيرتين

د.دينيس ساموت مدير مركز لينكس يوروب في لاهاي يكتب لـ"كيوبوست": ما يمنح عضوية الإمارات لمجلس الأمن الدولي هذه المرة مغزى كبيراً هو أنها أصبحت قادرة على أن تكون لاعباً دبلوماسياً رائداً

كيوبوست- خاص

د.دينيس ساموت♦

انتخبتِ الجمعية العامة للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، دولة الإمارات العربية المتحدة، عضواً غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لمدة عامَين، في عامَي 2022 و2023.

على الرغم من كل التغيرات التي طرأت على العالم في السنوات الخمس والسبعين الماضية؛ فإنه لا يزال مجلس الأمن الدولي أعلى هيئة دولية في العالم، وهو المحكم النهائي في القضايا العالمية. يتألف المجلس من خمس دول أعضاء دائمين؛ هي الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى عشر دول غير دائمة العضوية؛ تستمر دورة كل منها عامَين.

وانتخاب الإمارات العربية المتحدة للجلوس على طاولة قمة العالم في العام الذي تحتفل فيه بالذكرى الخمسين لتأسيسها، يعتبر أمراً رمزياً ومهماً للغاية.

اقرأ أيضاً: السعي نحو القوة والمكانة… الإمارات عضواً في مجلس الأمن

فبالنسبة إلى قيادة الإمارات العربية المتحدة، يعتبر هذا الحدث تتويجاً لإنجازاتها. عندما تأسست الإمارات في عام 1971، بدت الدولة وكأنها هيكل مصطنع تم تجميعه على عجل من قِبل البريطانيين بينما كانوا يهمون بالخروج من المنطقة؛ إلا أن رئيس هذه الدولة الأول ومؤسسها، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وبفضل بصيرته وقيادته الحكيمة، تمكَّن من تشكيل دولة متماسكة، وخلق الهوية “الإماراتية” التي تحظى اليوم باحترام كبير في المنطقة والعالم.

عندما حظيت الإمارات بعضوية مجلس الأمن الدولي للمرة الأولى والوحيدة بين عامَي 1986 و1987، لم يكن العالم مكاناً مختلفاً فحسب؛ بل كانت البلاد لا تزال تسعى للوقوف على قدمَيها. وقد تمكنت بالفعل من اكتساب احترام العديد من البلدان في المجتمع الدولي؛ ولكنها كانت تبتعد عن القرارات الصعبة المثيرة للجدل.

الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي

ولكن دولة الإمارات التي ستأخذ مقعدها على أعلى طاولة في العالم في 1 يناير 2022، تختلف تماماً عما كانت عليه. فعلى مدى الخمسة عشر عاماً الماضية تحولت الإمارات العربية المتحدة إلى جهةٍ فاعلة على المستوى الإقليمي والدولي، تتمتع بالقدرة على إظهار قوتها؛ دبلوماسياً واقتصادياً وعسكرياً، وعلى الجمع بين القوة المالية والقيادة الحاذقة والتكنولوجيا المتطورة. وكل هذا يرجع إلى حد كبير إلى عزيمة وإصرار الشيخ محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، الذي رسم معالم هذا التحول الهائل.

والذي يعطي عضوية الإمارات لمجلس الأمن الدولي هذه المرة مغزى كبيراً هو أن الإمارات أصبحت قادرةً على أن تكون لاعباً دبلوماسياً رائداً؛ وهذا ما يجعل عضويتها أمراً لا يقتصر على الرمزية فحسب.

اقرأ أيضاً: ترحيب دولي بانضمام الإمارات إلى جهود مكافحة الإرهاب في إفريقيا

يعيش العالم اليوم واحدة من اللحظات التاريخية التي تلوح فيها تغيرات جذرية في الأفق؛ ولكنْ لا أحد يدرك تماماً ماهية هذه التغيرات، وما ستكون عليه تبعاتها. ويبدو أن السنوات الخمس المقبلة ستكون مؤثرة بشكل كبير، إذا لم نقل حاسمة، على ما سيكون عليه العالم خلال العقدين أو العقود الثلاثة القادمة.

وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد- وكالات

لقد أجبرتِ الجائحةُ، بما حملته من الدمار على مختلف الصعد، الجميعَ على التفكير في ما هو مهم فعلاً، وكيفية ضمان مستقبل أفضل. وبرزت قضايا الأمن والازدهار الاقتصادي والاستدامة البيئية والصحة والتعليم؛ باعتبارها الركائز الخمس لبناء المستقبل. هنالك إجماع في العالم على بعض هذه القضايا، بينما يهدد شقاق خطير ومتزايد بعضها الآخر. ودور مجلس الأمن الدولي في هذه اللحظة أصبح أهم من أي وقت مضى؛ ولهذا السبب أيضاً تعتبر هذه لحظة مناسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة لتكون جزءاً منه.

اقرأ أيضاً: الإمارات العربية المتحدة تستعد للاحتفال بعيد ميلادها الخمسين

يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة الناشطة دبلوماسياً أن تكون قوة فاعلة من أجل الخير في المنطقة وفي العالم. فالموقع الاستراتيجي والموارد المناسبة والمواهب الشخصية والقيادة الحكيمة، يمكن أن تحوِّل أبوظبي إلى مركز دبلوماسي عالمي، كما حوَّلت دبي نفسها إلى مركز تجاري عالمي، وسوف تضمن الديناميكيات المشتركة بينهما اعتراف العالم بدولة الإمارات العربية المتحدة كواحدةٍ من الدول الرائدة في العالم. وعضوية مجلس الأمن الدولي لعامَي 2022 و2023 يمكن أن تكون نقطة انطلاق لمثل هذا الطموح.

ومع ذلك، فإن عضوية مجلس الأمن الدولي ستحمل معها مسؤولية كبيرة؛ فباعتباره الضامن النهائي للأمن والسلام العالمي، يواجه المجلس تحدياتٍ كبيرة تنتظره في الفترة القادمة؛ منها إدارة الصراع الجديد بين الغرب والصين، ومواجهة التوترات الخطيرة المتصاعدة في منطقة المحيطَين الهندي والهادئ، ومواجهة فرض روسيا نفوذها على دول جوارها، والتعامل مع التهديد الجدي للتطرف، سواء أكان تطرفاً دينياً أم أيديولوجياً، الذي يهدد الدول الهشة في إفريقيا وخارجها.

تتمتع الإمارات العربية المتحدة بعلاقاتٍ طيبة مع معظم الدول، وبعلاقاتٍ إشكالية مع عددٍ قليل منها. وكلما قلَّ عدد هذه الدول كان ذلك أفضل بالنسبة إلى الإمارات، إذا ما أرادت أن تلعب دورها بشكل كامل في المساهمة في السلام الإقليمي والعالمي. وهنالك أيضاً تحديات أخرى؛ مثل مسألة التغير المناخي التي تتطلب إجراءات على مستوى العالم. تتمتع الإمارات بالفعل بسجل جيد كدولة رائدة في البحث عن الحلول المبتكرة لتحدياتنا البيئية الكبيرة، وهنا أيضاً ستستفيد الإمارات من خبراتها عند الحاجة إلى اتخاذ قرارات في أعلى هيئة في العالم.

اقرأ أيضاً: مؤشر القوة الناعمة 2021: تقدم عربي وتراجع أمريكي.. والإمارات ضمن العشرين الأوائل

من الجدير بالذكر أن الإمارات، قبل انتخابها لعضوية مجلس الأمن الدولي، كانت قد أصدرت بياناً تعهدت فيه بأن تكون “شريكاً بناءً” في معالجة بعض “التحديات الخطيرة في عصرنا”؛ بما في ذلك تعزيز المساواة بين الجنسَين ومكافحة الإرهاب والتطرف، و”تسخير إمكانات الإبداع من أجل السلام”.

وفي جميع الأحوال سيأتي وقت اتخاذ القرارات، بين الخير والشر، وهنا لا ينبغي لأي بلد أن ينكفئ عن اتخاذ القرار الصحيح. والإمارات العربية المتحدة تعرف حق المعرفة من هم أصدقاؤها، وبالتأكيد سوف تتخذ القرار الصحيح عندما تصوت على طاولة مجلس الأمن الدولي أو في أي مكان آخر.

♦مدير مركز لينكس يوروب في لاهاي، ورئيس تحرير موقع commonspace.eu. ويكتب بشكل منتظم في مسائل الأمن الدولي، وعلاقات أوروبا بجيرانها، وقضايا التنمية في شبه الجزيرة العربية.

لقراءة الأصل الإنكليزي: The UAE’s membership 

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة