الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
عشرة صراعات يجب الانتباه إليها في عام 2021 (2- 2)
نظر كثيرون حول العالم إلى العام الماضي باعتباره عاماً مروعاً وانتظروا انقضاءه بفارغ الصبر.. لكن قائمة الصراعات المستمرة من عام 2020 ستذكرنا به باستمرار

كيوبوست- ترجمات
روبرت مالي♦
6- الصومال
تقترب الانتخابات في الصومال وسط خلافات مريرة بين الرئيس محمد عبدالله محمد فرماجو، وخصومه. والحرب مع حركة الشباب تدخل عامها الخامس عشر دون أن تلوح لها نهاية في الأفق، بينما يزداد تململ المانحين من دفع الأموال لقوات الاتحاد الإفريقي للمساعدة في لجم المسلحين.

والمزاج العام قبل الانتخابات محفوف بالمخاطر -كان من المقرر إجراء انتخابات رئاسية في منتصف ديسمبر؛ ولكن تم تأجيلها، كما أن التحضيرات لانتخابات رئاسية مقررة في فبراير 2021 تسير ببطء شديد- والعلاقة بين مقديشو وبعض المناطق الصومالية متوترة -خصوصاً منطقتَي بونتلاند وجوبالاند اللتين لطالما كان قائداهما منافسَين لمحمد ويخشيان إعادة انتخابه- ويرجع هذا التوتر إلى خلافات حول توزيع السلطة والموارد بين المركز والأقاليم. وتميل هذه الخلافات إلى تحريض المجتمعات الصومالية بعضها ضد بعض؛ حتى على المستوى القبلي باستخدام خطاب مرير من قِبل جميع الأطراف.
في غضون ذلك، لا تزال حركة الشباب تحتفظ بقوتها؛ فهي تسيطر على أجزاء واسعة من جنوب ووسط الصومال، ويمتد وجودها الخفي إلى ما هو أبعد بكثير من ذلك، وتنفذ عمليات في العاصمة الصومالية بشكل منتظم. وفي حين يعترف القادة الصوماليون وشركاؤهم الدوليون أنه، من حيث المبدأ، لا يمكن مواجهة التحدي الذي تمثله حركة الشباب باستخدام القوة وحدها، فإن القليل منهم لديه بدائل واضحة حتى الآن. ربما يكون الحوار مع المسلحين خياراً؛ ولكن قيادة الحركة لم تبدِ حتى الآن مؤشرات على الرغبة في التوصل إلى تسوية ما.
اقرأ أيضاً: حركة الشباب الصومالية.. من الغايات الدينية إلى الأهداف المالية
وما يزيد من تعقيد الوضع في الصومال هو نفاد صبر قوات الاتحاد الإفريقي التي تحارب حركة الشباب منذ سنوات لتحمي المدن الرئيسية؛ بما فيها مقديشو، من هجمات الحركة، وكذلك نفاد صبر الاتحاد الأوروبي من تمويل حملة عسكرية لا نهاية لها.
تقضي الخطة الحالية بتسليم المسؤوليات الأمنية الرئيسية للقوات الصومالية بحلول نهاية عام 2021، ولكن هذه القوات تبقى ضعيفة وغير مؤهلة لهذه المهمة، وقد تفاقم خطر حدوث فراغ أمني بسبب الانسحاب المفاجئ للقوات الإثيوبية بسبب أزمة تيغراي، وخطة إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية التي تقوم بتدريب الجيش الصومالي وتوجيهه.
تتوقف الكثير من الأمور على الانتخابات الرئاسية في فبراير؛ فإجراء انتخابات نظيفة تقبل الأحزاب الرئيسية بنتائجها يمكن أن يسمح للقادة الصوماليين والدول الداعمة لهم بتكثيف الجهود للتوصل إلى اتفاق حول العلاقة الاتحادية والترتيبات الدستورية اللازمة لتسريع الإصلاحات في القطاع الأمني. وفي المقابل، فإن وجود انتخابات مشكوك في نزاهتها قد يؤدي إلى نشوب أزمة سياسية توسع الهوة بين مقديشو والمناطق الصومالية؛ ما قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف بين القبائل ويهدد بتشجيع حركة الشباب.
7- ليبيا
توقف القتال بين الائتلافات العسكرية في ليبيا، واستأنفت الأمم المتحدة المفاوضات الهادفة إلى إعادة توحيد البلاد؛ ولكن التوصل إلى سلامٍ دائم لا يزال بعيد المنال.
في الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، وقع كل من الجيش الوطني الليبي الذي يقوده الجنرال خليفة حفتر، وحكومة الوفاق الوطني ويقودها فايز السراج، وقفاً لإطلاق النار ينهي رسمياً المعارك التي كانت تدور حول طرابلس، وفي مناطق أخرى منذ أبريل 2019. أودت هذه المعارك بحياة ما يقارب ثلاثة آلاف شخص، وشردت مئات الآلاف. وأدى التدخل التركي المباشر إلى مساعدة السراج في مطلع عام 2020 إلى وقف تقدم حفتر، وتجميد خطوط المواجهة في وسط ليبيا.
على الرغم من الترحيب بوقف إطلاق النار؛ فإنه قد تأخر تنفيذه. نص الاتفاق على أن يقوم كل من الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق بسحب قواتهما من خطوط المواجهة، وطرد المقاتلين الأجانب، ووقف التدريب العسكري الأجنبي. توقف القتال وتراجع كلا الجانبين، إلا أن قواتهما لا تزال على خطوط الجبهات.
اقرأ أيضاً: ليبيا.. صراع السراج وباشاغا يصل إلى قلب وزارة الداخلية.. فكيف سينتهي؟
وبالمثل، توقف التقدم في جهود توحيد البلاد المقسمة منذ عام 2014. وقد جمعت المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة في نوفمبر فريقاً مؤلفاً من 75 شخصية ليبية؛ بهدف التوصل إلى حكومة وحدة مؤقتة وخارطة طريق لإجراء انتخابات. إلا أن المحادثات واجهت عوائق؛ منها الجدل حول كيفية اختيار الأمم المتحدة لأعضاء هذه المجموعة، وسلطتهم القانونية، والاقتتال في ما بينهم والاتهامات بالرشوة. وفي نهاية المطاف، وافق المشاركون على إجراء انتخابات في نهاية عام 2021؛ ولكن من دون الاتفاق على الإطار القانوني الذي يحكم هذه الانتخابات.
اقرأ أيضاً: أزمة تركية جديدة مع أوروبا بسبب صادرات الأسلحة إلى ليبيا
يكمن جوهر المشكلة في الخلاف حول تقاسم السلطة من جانب، وكذلك التضارب في وجهات نظر الدول الداعمة للجانبَين؛ فتركيا ترغب في وجود حكومة موالية لها -خالية من داعمي حفتر- في طرابلس. وفي المقابل، ترغب كل من القاهرة وأبوظبي في الحد من محاولات أنقرة الهيمنة والتمدد داخل ليبيا.

لا يبدو احتمال اندلاع القتال في المستقبل القريب مرجحاً؛ خصوصاً أن الأطراف الدولية الفاعلة غير راغبة في جولة جديدة من القتال، ولكن كلما طال أمد عدم الالتزام بشروط وقف إطلاق النار زاد خطر اندلاع أعمال مؤسفة قد تؤدي إلى عودة الحرب. ولتجنب هذا السيناريو، يجب على الأمم المتحدة أن تساعد على صياغة خارطة طريق لتوحيد ليبيا ومؤسساتها المنقسمة وخفض التوتر بين القوى الإقليمية المتناحرة.
8- إيران والولايات المتحدة
أدى مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني، في يناير 2020، إلى دفع التوتر الإيراني الأمريكي إلى ما يقارب نقطة الغليان. في النهاية، كان الرد الإيراني محدوداً نسبياً ولم يختر أي من الطرفين التصعيد على الرغم من أن التوتر ظل سائداً إلى حد كبير. يمكن للإدارة الأمريكية الجديدة أن تهدئ واحدة من أخطر المواجهات في العالم، من خلال العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015.
قامت سياسة إدارة ترامب تجاه إيران على ممارسة أقصى الضغوط؛ بما في ذلك الخروج من الاتفاق النووي وفرض عقوبات شديدة أحادية الجانب على إيران، على أمل إجبارها على تقديم تنازلات أكبر في ما يتعلق ببرنامجها النووي، وتقليص نفوذها الإقليمي، وأيضاً الإطاحة بحكومة طهران، كما كان يأمل بعض المسؤولين.
اقرأ أيضاً: إيران وبايدن والقنبلة.. لماذا تُسرع إيران برامجها النووي الآن؟
دمَّرت العقوبات الاقتصادية إيران؛ ولكنها لم تحقق شيئاً آخر، فالبرنامج النووي الإيراني استمر في النمو طوال فترة رئاسة ترامب؛ بسبب عدم تقيُّده بالاتفاق النووي. وأصبحت إيران تمتلك صواريخ بالستية أكثر دقة وأكثر عدداً من أي وقت مضى. وازداد التوتر في المنطقة مع مقتل سليماني والهجمات على منشآت النفط السعودية التي تنسب إلى طهران على نطاق واسع؛ مما أوصل المنطقة إلى حافة حرب مفتوحة. وليس هنالك ما يشير إلى أن الحكومة الإيرانية مهددة بالانهيار على الرغم من بعض السخط الشعبي الذي يتفجر من حين لآخر.

استمرت إدارة ترامب في زيادة ضغوطها، وشهدت الأسابيع الأخيرة من ولايتها فرض المزيد من العقوبات. وأدى اغتيال العالم النووي الإيراني واتهام إسرائيل إلى زيادة التوتر، ودفع إيران إلى التهديد بتوسيع إضافي لبرنامجها النووي. يبدو أن واشنطن وبعض حلفائها مصممون على إلحاق أكبر قدر ممكن من الضرر بإيران، وتقييد قدرة إدارة بايدن على المناورة معها. ويبقى احتمال وقوع مواجهة قبل مغادرة ترامب للبيت الأبيض قائماً مع استمرار الميليشيات الشيعية الموالية لإيران في استهداف الأمريكيين في العراق.
أشار بايدن إلى أنه قد يغير المسار ويوافق على العودة إلى الاتفاق النووي إذا ما عادت إيران إلى الالتزام به، ثم يسعى للتفاوض على اتفاق لاحق يعالج مسألة الصواريخ البالستية والسياسات الإقليمية الإيرانية. طهرن أشارت بدورها إلى استعدادها للالتزام المتبادل بالاتفاق النووي الحالي. وهذا يبدو أنه الخيار الأسرع والأكثر أماناً على الرغم من العقبات المتوقعة. سوف يتعين على الحكومتَين الإيرانية والأمريكية الاتفاق على تسلسل الخطوات بين رفع العقوبات وتقييد البرنامج النووي وأيضاً بشأن أي من العقوبات سيتم رفعها. ربما يكون الوقت محدوداً مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في طهران خلال يونيو المقبل، واحتمال فوز مرشح أكثر تشدداً فيها.
اقرأ أيضاً: إيران تعدم صحفياً معارضاً بدم بارد.. والمجتمع الدولي يندد بالخطوة
ولكن في حالة العودة إلى الاتفاق النووي، فإن التحدي الأكبر سيكون في التعامل مع التوترات الإقليمية والاستقطاب الذي إذا ما تُرك ليتفاقم سوف يستمر في تهديد الاتفاق وربما يشعل شرارة الحرب. في الوقت الراهن، تستكشف الحكومات الأوروبية إمكانية تشجيع إيران ودول الخليج العربية على الدخول في حوارٍ لخفض التوتر الإقليمي ومنع اندلاع حرب غير مقصودة. ويجب على إدارة بايدن أن تلقي بكامل ثقلها وراء جهود مثل هذه.
9- روسيا وتركيا
ليست روسا وتركيا في حالة حرب، وهما غالباً في حالة تعاون؛ ولكنهما غالباً ما تدعمان أطرافاً مختلفة كما في سوريا وليبيا، أو تتنافسان على النفوذ كما في القوقاز. وغالباً ما تنظر إحداهما إلى الأخرى كشريك، وتقومان بإجراء تسويات على قضية معينة من خلال قضايا أخرى، وتتعاونان بينما يتحارب حلفاؤهما المحليون. ومع ذلك يؤشر حادث إسقاط تركيا طائرة حربية روسية قرب الحدود التركية- السورية عام 2015، وحادثة مقتل العشرات من الجنود الأتراك خلال عام 2020، بضربات جوية للجيش السوري الذي تدعمه روسيا، على وجود احتمال لوقوع مواجهة غير متوقعة بين البلدَين. وعلى الرغم من أن الرئيسَين التركي والروسي قد أظهرا براعة حتى الآن في التعامل مع هذه الحوادث، فإن أي خلاف قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات التي قد تضعهما في مواجهة.
اقرأ أيضاً: باحث جورجي لـ”كيوبوست”: تركيا تدعم أذربيجان ولا ترغب في التورط مع روسيا
تتجلى التناقضات الروسية- التركية في أوضح صورها في سوريا. فتركيا كانت من أشرس خصوم الرئيس السوري بشار الأسد، ومن أشد داعمي المتمردين، بينما روسيا ألقت بثقلها وراءه وتدخلت عسكرياً عام 2015 لتحوِّل مجرى الحرب لصالحه. منذ ذلك الوقت، تخلت تركيا عن مشروع الإطاحة بالأسد، وتوجهت إلى التركيز على محاربة وحدات حماية الشعب، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمرداً على تركيا منذ نحو أربعة عقود، والذي تعتبره أنقرة (والولايات المتحدة وأوروبا) تنظيماً إرهابياً.

على الرغم من أن الاتفاق الذي تم بين أنقرة وموسكو في مارس 2020، قد أوقف موجة القتال الأخيرة في إدلب، آخر جيب يسيطر عليه المتمردون الذين تدعمهم تركيا، وأظهر مدى حاجة كل من القوتين إلى الأخرى؛ فإن الوضع الراهن يبقى هشاً، فالحرب في سوريا لم تنتهِ بعد، ولا يزال شن الجيش السوري هجوماً آخر في إدلب بدعم روسي أمراً ممكناً.
وكذلك في ليبيا، تدعم كل من روسيا وتركيا طرفَين متواجهَين؛ حيث يدعم متعاقدون روس الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني في طرابلس. ومع أن وقفاً هشاً لإطلاق النار لا يزال صامداً منذ أكتوبر الماضي، إلا أنه من غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان الاتفاق يضمن لتركيا حكومة موالية لها، وفي الوقت نفسه يمكن أن توفر لروسيا موطئ القدم الذي تسعى إليه.
أيضاً تورطت كل من روسيا وتركيا في الحرب الأخيرة في ناغورنو كاراباخ؛ فروسيا المتحالفة عسكرياً مع أرمينيا تجنبت الانحياز لأحد الجانبَين، وتمكنت في نهاية المطاف من التوسط في وقف إطلاق النار الذي أنهى القتال. بينما قدمت تركيا الدعم العسكري والدبلوماسي لأذربيجان؛ حيث ساعدت الطائرات المسيرة التركية في تحييد الدفاعات الجوية الأرمينية. وعلى الرغم من المنافسة التركية- الروسية في القوقاز؛ فإنه قد تمكن البلدان من الفوز في هذه الجولة. فروسيا نشرت قوات حفظ سلام وعززت نفوذها في المنطقة بشكل كبير، وتركيا التي أسهمت بشكل كبير في انتصار أذربيجان في هذه الحرب سوف تستفيد من الممر التجاري الذي أنشأه اتفاق وقف إطلاق النار.
اقرأ أيضاً: تحريض تركي يؤجج المواجهات العسكرية بين أرمينيا وأذربيجان
ومع ذلك، فإن الروابط الناشئة عن الفرص لا تستمر دائماً. ومع وجود قوات البلدين في الخطوط الأمامية المختلفة في أكثر من مكان، تكثر نقاط الاشتعال المحتملة. وقد يؤدي التراجع في العلاقات بينهما إلى مشكلات للبلدَين وإلى أكثر من ساحة حرب واحدة.
10- التغيرات المناخية
العلاقة بين الحروب وتغيرات المناخ ليست بسيطة أو خطية؛ فنفس النمط المناخي قد يثير حروباً في منطقة دون أخرى. وبينما تمكنت بعض الدول من إدارة المنافسات الناتجة عن تغير المناخ بشكل جيد، فإن دولاً أخرى لا تديرها بأي شكل من الأشكال. ويرجع الأمر بشكل رئيسي إلى ما إذا كانت الدول تسيطر على أراضيها بشكل كامل، أو لديها القدرة على التوسط في النزاعات على الموارد، أو امتلاكها القدرة على إعالة مواطنيها في أوقات الضيق. من الصعب معرفة حجم العنف الذي قد ينشأ عام 2021 بسبب المناخ؛ ولكن التوجهات العامة واضحة بما فيه الكفاية، بحيث يمكن القول إنه ما لم يتم اتخاذ إجراءات سريعة فإن خطر ازدياد أعمال العنف الناتجة عن التغيرات المناخية سوف يزداد في عام 2021.

ففي شمال نيجيريا، أدى الجفاف إلى تصاعد القتال بين الرعاة والمزارعين؛ بسبب تضاؤل الموارد، وكان هذا القتال أدى في عام 2019 إلى سقوط ضعف عدد القتلى الذين سقطوا في صراع بوكو حرام. وتبادلت مصر وإثيوبيا التهديدات بالعمل العسكري على خلفية الخلاف الذي أثاره سد النهضة الإثيوبي ومخاوف القاهرة من أن السد سوف يفاقم مشكلة المياه القائمة حالياً لديها. وفي الوقت الحالي، يمكن القول إن إفريقيا تشهد أسوأ مخاطر اندلاع صراعات بسبب المناخ؛ ولكن أجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط تشهد خطراً مماثلاً.
اقرأ أيضاً: لا ينبغي للتغيرات المناخية أن تؤجج الصراعات
في الدول الهشة في مختلف أنحاء العالم، يعاني الملايين من البشر موجات حرارة غير مسبوقة، أو هطول الأمطار المفرط وغير المنتظم وارتفاع منسوب البحار.. كل هذا يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار. فعلى سبيل المثال، فإن تفاقم انعدام الأمن الغذائي وندرة المياه والتنافس على الموارد قد تدفع الناس إلى الفرار من مناطقهم. تشير بعض الدراسات إلى أن ارتفاع درجات الحرارة المحلية بمعدل نصف درجة مئوية يرفع من مخاطر نشوب صراعات مميتة بمعدل 10 إلى 20%. وإذا صحت هذه التقديرات فإن المستقبل سيكون مثيراً للقلق. يعتقد علماء الأمم المتحدة أن الانبعاثات الناتجة عن النشاط البشري قد أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمعدل درجة واحدة منذ عصر النهضة الصناعية، ومع تسارع وتيرة ذلك فهم يتوقعون ارتفاعاً آخر بمقدار نصف درجة بحلول عام 2030. وربما يحدث ذلك في وقت أقرب في العديد من المناطق غير المستقرة في العالم.
تحتاج حكومات البلدان المعرضة إلى هذا الخطر إلى وجود تنظيم سلمي للوصول إلى الموارد؛ سواء أكانت نادرة أم متوفرة بكثرة، وسواء أكانت داخل هذه البلدان أم في ما بينها. ويجب ألا تُترك الدول التي تواجه خطر نشوب نزاعات متعلقة بالمناخ وحيدة في مواجهة هذه الضغوط.
اقرأ أيضاً: مَن يهمس في أذن جو بايدن حول سياسة المناخ؟
ولكنّ هنالك سبباً للتفاؤل؛ فقد وضعت الإدارة الأمريكية الجديدة أزمة المناخ على رأس جدول أعمالها، ودعا بايدن إلى اتخاذ إجراءات أسرع من شأنها التقليل من مخاطر عدم الاستقرار. وقد تعهدت الحكومات والشركات الغربية بتقديم 100 مليار دولار سنوياً إلى الدول الفقيرة للتأقلم مع التغيرات المناخية اعتباراً من عام 2020. ويجب على هذه الدول والشركات الوفاء بالتزاماتها؛ فالدول النامية تستحق المزيد من الدعم من أولئك الذين تسبب استخدامهم المفرط للوقود الأحفوري في هذه الأزمة في المقام الأول.
لقراءة الجزء الأول: اضغط هنا
♦رئيس والمدير التنفيذي لـ”كرايسز غروب” منذ يناير 2018، وعمل في إدارة الرئيس أوباما مساعداً خاصاً للرئيس، ومستشاراً أول له في حملة مكافحة “داعش”، ومنسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والخليج. وعمل أيضاً مساعداً خاصاً للرئيس كلينتون للشؤون العربية- الإسرائيلية، ومديراً لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس الأمن القومي.
المصدر: كرايسز غروب