الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية
عرب أوكرانيا.. بين جحيم الحرب وصعوبة العودة إلى بلدانهم

كيوبوست
يواصل أبناء الجاليات العربية محاولات الفرار من جحيم الحرب الروسية الأوكرانية، مع دخول الاشتباكات العسكرية أسبوعها الثاني في غالبية المدن الأوكرانية، وبالرغم من التحركات الرسمية للمساعدة التي أبدتها السفارات العربية بأوكرانيا، لكن ثمة معوقات تمنع وجود تحركات منظمة لعمليات الإجلاء.
وتحولت غروبات “الفيسبوك”، وصفحات الجاليات العربية في أوكرانيا، والدول المجاورة، لمنصات تواصل بين الراغبين في المغادرة، فيما بادر عدد من أبناء الجاليات العربية بالدول المجاورة لتقديم مساعدات الاستضافة والإقامة والمساعدة في توفير المساعدات العينية للفارين من جحيم الحرب، خاصة مع التكدس الموجود بالمعابر الحدودية، وبرودة الطقس الشديدة.

يقدِّر رئيس جمعية الجالية التونسية في أوكرانيا طارق العلوي عدد التونسيين الموجودين في أوكرانيا بنحو 1500 شخص من بينهم نحو ألف طالب يوجدون للدراسة، بعضهم رحل بالفعل قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية، بشكلٍ فردي، بينما بقي الغالبية منهم لاستكمال دراستهم، مشيراً إلى أنهم قاموا منذ بداية الحرب بمحاولة إيجاد وسائل نقل لإخراج جميع التونسيين للحدود المجاورة، لكن ثمة صعوبات بسبب توغل الجيش الروسي في بعض المناطق، وعدم القدرة على تنفيذ عمليات الإجلاء.
وأضاف لـ”كيوبوست” أن هناك تواصلاً مع غالبية أبناء الجالية التونسية من أجل إيصالهم للمناطق الحدودية، مشيراً إلى أن هناك صعوبة شديدة في الوقت الحالي فيما يتعلق بالطعام والشراب بهذه المناطق، نتيجة طول فترة الانتظار على الجانب الأوكراني، وتوافد عشرات الآلاف، مما تسبب بإطالة فترة الانتظار بدون طعام أو شراب أو حتى خيام للإقامة، حيث تتوافر الخدمات، وتتواجد المنظمات الإنسانية على الجانب الآخر من الحدود، وليس في مناطق التكدس.
شاهد: فيديوغراف: جهاد في أوكرانيا
كما تسارعت في الأيام الماضية وتيرة إخراج المصريين من الأراضي الأوكرانية، بحسب رئيس الجالية المصرية في أوكرانيا علي فاروق الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن هناك تزايداً في الأعداد التي تصل للمعابر الحدودية يوماً بعد الآخر، سواء في الوصول إلى بولندا أو رومانيا، لافتاً إلى أن عمليات الإجلاء للمصريين تتم عبر عدة طرق خلال ساعات النهار، سواء بسيارات ملاكي صغيرة أو القطارات أو حتى أتوبيسات كبيرة لاسيما في المنطقة الغربية من البلاد.
وأضاف أن هناك تنسيقاً بينهم كجاليةٍ مصرية، والسفارة في أوكرانيا، والسفارات بالدول المجاورة، ومع وزارة الهجرة والمصريين بالخارج التي تتابع عملية الإجلاء بشكلٍ مستمر، لافتاً إلى أن هناك طائرات ستنقل المصريين للعودة إلى القاهرة خلال الأيام المقبلة، بعدما نفذت أولى الرحلات مساء الثلاثاء الماضي.

أما نقولا الزايد، عضو فريق السفارة اللبنانية في كييف، فيقدِّر أعداد اللبنانيين الموجودين في الأراضي الأوكرانية بنحو 900 مواطن، من بينهم نحو 480 غادروا بالفعل، بينما يجري العمل على إجلاء الباقين خلال الأيام المقبلة، سواء عبر الحدود الرومانية أو السلوفيكية أو حتى البولندية، التي تعتبر الأكثر ازدحماً، مشيراً إلى أن الأزمة التي تواجههم بشكل رئيسي مرتبطة بتعدد مناطق الاشتباكات، وعدم القدرة على الوصول إلى العالقين في هذه المناطق لتأمين خروجهم.
يؤكد الزايد لـ”كيوبوست” أن عمليات المساعدة ليست مقتصرة فقط على إيصال اللبنانيين للحدود، ولكن أيضا معالجة بعض المشكلات التي تواجه البعض نتيجة نقص الأوراق الثبوتية، سواء انتهاء جواز السفر أو عدم تسجيل الأطفال المولودين مؤخراً، وغيرها من الأمور التي يتم العمل على حلها سريعاً، لافتاً إلى أن السفارات اللبنانية في الدول المجاورة تعمل على تسهيل عملية الاستقبال على الجانبِ الآخر من الحدود.

يشير طارق العلوي إلى وجود مخاوف متعددة لدى أبناء الجاليات العربية من القناصة والأوضاع الأمنية في الشوارع، الأمر الذي يؤدِّي إلى عدم القدرة على الحركة، حتى في غير مواعيد حظر التجول، لافتاً إلى أن تقديراتهم الآن تشير لوجود نحو 60 تونسياً محاصرين في العاصمة كييف، ويجري متابعتهم هاتفياً، والتواصل معهم.
معاملات عنصرية
وتبادل رواد مواقع التواصل الاجتماعي شهادات تتحدث عن وجود عنصرية ضد العرب والأفارقة عند عبور الحدود، في مقابل تسهيلات للأوكرانيين، ومنحهم أولوية المرور، مع تزايد الوافدين على المعابر الحدودية بما يفوق طاقة الاستيعاب والعمل اليومية، وهي الاتهامات التي برزت مع انتشار فيديو لشخص يحمل سلاحاً يقوم فيه بالسماح للنساء العرب والأطفال بركوب قطار، بعدما كان يتم إقصاؤهم لصالح الأوكرانيين، يقول علي فاروق إن هناك تغيراً شهدته الحركة على المعابر في الأيام الماضية، فبعدما كان العبور بأسبقية الوصول، أصبح هناك تكدس، ومُنحت الأولوية للنساء والأطفال، خاصة على الحدود الأوكرانية البولندية، مشيراً إلى أن هناك أشخاصاً انتظروا لمدة يومين على الحدود، من أجل الخروج في درجة حرارة تحت الصفر، وفي طقس شديدة البرودة.
اقرأ أيضًا: أوكرانيا: سجل صاخب من الاختراق والشرذمة
يشير طارق العلوي إلى أن العرب يستغرقون وقتاً أطول من الأوكران في العبور للدول المجاورة، بسبب قيود الحصول على فيزا للعبور، على العكس من الأوكران الذين يعبرون بسرعة، لافتاً إلى أن غالبية المساعدات التي جرَت داخل أوكرانيا بين أبناء الجاليات العربية مرتبطة بمجهوداتٍ فردية، وتنسيقات مع السفارات بنقاط التجمع بظلِّ صعوبة الحركة والتنقل وعدم القدرة على توفير أي شيء بداخل الأراضي الأوكرانية التي نفدت من متاجرها السلع المختلفة.
يختتم نقولا الزايد بوصف الوضع على الحدود الهولندية بالصعب للغاية، والمفاجئ للجميع في ظلِّ عدم قدرة الجميع على التعامل مع ما حدث، وفي ظل عنصر المفاجأة والصدمة فلم يكن هناك استعداد لكل ما حدث في الأيام الماضية، مشيراً إلى وجود متابعة من الخارجية اللبنانية بشكلٍ يومي لتأمين عمليات الإجلاء.