الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
عدد السكان يتزايد… ما القدرة الاستيعابية للكوكب؟

كيوبوست
يعتقد العلماء أنّ الأرض لديها قدرة استيعابية قصوى تتراوح بين 9- 10 مليارات نسمة، فيما تشير التقديرات أنه من المتوقع أن يصل العدد إلى 9.8 مليار في عام 2050، و11.2 مليار في عام 2100م. واللافت أن عدد سكان العالم استغرق مئات الآلاف السنين حتى وصل إلى مليار نسمة، ثم تضاعف سبعة مرات خلال 200 سنة فقط!
ونتيجة لتلك الزيادة المطرّدة، ولتركيز الاهتمام على قضايا السكان، تقرر تخصيص يوم عالمي للسكان عام 1989م، ويصادف 11 يوليو من كل عام، وتم اختيار التاريخ لأنه اليوم الذي وصل فيه عدد سكان العالم إلى خمسة مليارات نسمة في عام 1987م.
حقائق وأسباب
وتتراوح الزيادة السكانية ما يقرب 83 مليون نسمة كل عام، وتعد قارة آسيا القارة الأكثر اكتظاظًا بالسكان، إذ تستحوذ على نسبة تقدَّر بـ61% من إجمالي سكان العالم، فالصين تضم 1.44 مليار، والهند 1.39 مليار، كما تسجل الدول الفقيرة أعلى معدلات الارتفاع تلك، ففي عام 2015م، كان 80% من سكان العالم يعيشون في الدول الأقل رخاءً.
اقرأ أيضاً: هل بدأ عدد سكان الصين بالتراجع؟
وللزيادة السكانية عدة أسباب، يرتبط بعضها بالتقدم العلمي، مثلا تؤدي زيادة القدرة على مواجهة المشاكل الصحية بفضل التقدم الطبي، إلى تقليل عدد الوفيات من المواليد، في الوقت الذي شهد معدل الخصوبة العالمي انخفاضاً بشكلٍ مطَّرِد؛ من متوسط 5 أطفال لكل امرأة في عام 1950م إلى 2.4 طفل لكل امرأة اليوم وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. كما يطيل التقدم الطبي متوسط العمر الافتراضي للإنسان، وذلك حتماً سيزيد من عدد السكان. أيضاً يقود التطور الزراعي، من حيث الآليات وطرق استصلاح الأراضي، وتفادي الآفات الزراعية وغيرها، إلى إنتاج كمياتٍ غذائية أكبر توفِّر بدورها الغذاء إلى السكان ما يضمن استمراريتهم.

بالمقابل هناك أسباب ترتبط بالقصور المعرفي، من شأنها زيادة عدد السكان، كعدم استخدام وسائل منع الحمل الحديثة من قبل النساء، نتيجة للأعراف الاجتماعية أو المعتقدات الدينية التي تُحرّم تحديد النسل، وتحث على الإنجاب، إضافة إلى الاعتقاد بأن وسائل منع الحمل مضرّة بالصحة، أو لعدم قدرة النساء على التحكم بحياتهن الجنسية، وصحتهن الإنجابية، وبهذا الخصوص تشير منظمة الصحة العالمية إلى أنّ 1.1 مليار امرأة بحاجة إلى تنظيم الأسرة؛ 270 مليون امرأة منهن احتياجاتهن لمنعِ الحمل غير ملباة. كما أن 44% من حالات الحمل كانت غير مقصودة في جميع أنحاء العالم بين 2010م-2014م!
التأثير على جودة الحياة
أما تأثير الزيادة السكانية المطردة على جودة الحياة، فمتعدد الأصعدة، إذ تكمن خطورتها بأنها تشكّل طلباً متزايداً على الموارد، وعلى رأسها المياه العذبة، إذ تشير التقديرات إلى أنه بحلول عام 2025م، سيواجه أكثر من نصف سكان العالم تحدياً متمثلاً بالوصول إلى المياه العذبة، إضافة إلى ارتفاع الطلب على الموارد الأساسية واستخراجها، ما ينذر باستنزافها مع مرور الوقت، مثل الأشجار والحيوانات والوقود الأحفوري والمعادن…
وعلى المستوى البيئي، يساهم التعداد السكاني المتزايد، في استفحالِ مشاكل بيئية حالية، إذ ستقود الزيادة السكانية إلى سلوكياتٍ سلبية، واستنزاف شامل لموارد الطبيعة، مثل الصيد الجائر وغيره، لتساهم بدورها بانقراض جماعي للأنواع، بمعدلات أسرع من المعتاد بـألف ضعف إلى عشرة آلاف.
كما يساهم الاكتظاظ السكاني بفقدان النظم البيئية، مثل الغابات المطيرة، والشعاب المرجانية، والأراضي الرطبة، والجليد في القطب الشمالي، نتيجة استهلاكها وتدميرها.

ولسدِّ الطلب المتصاعد على الغذاء تلجأ البشرية إلى الزراعة المكثفة ما يؤدِّي إلى استنزاف التربة، والتعدي على المساحات الجغرافية، وبالتالي تقليص التنوع البيولوجي، والقضاء على بعض الأنواع… كما أن التعداد السكاني المتزايد يرفع بديهيًا من نسبة الملوثات والانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، تحديداً إذا لم يحاول السكان تقليص الاستهلاك والتنقل. وكنتائج لذلك التدهور البيئي، والذي تعد الزيادة السكانية مساهمة به، يتفاقم ظهور الأوبئة، ويعمل الاكتظاظ على تسريع انتشارها.
وعلى المستوى الاجتماعي، يرفع الاكتظاظ السكاني من معدل الجريمة ونسب البطالة، ويقود إلى هجرة سكان الريف إلى المدن في سبيل الحصول على فرص حياة أفضل، واقتصادياً يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة نتيجة للطلب العالي على الموارد في ظلِّ محدوديتها.
9 استراتيجيات
وفي محاولةٍ للسيطرة على العدد المتصاعد للسكان، أصدر معهد “Worldwatch Institute” تسع استراتيجيات سكانية من شأنها تثبيت عدد السكان لتسع مليارات، ليبدأ العدد بعدها بالهبوط تدريجياً قبل عام 2050م.
وتضم الاستراتيجيات التسع؛ توفير الوصول الشامل إلى وسائل منع الحمل الآمنة والفعالة لكلا الجنسين، وضمان التعليم الثانوي خاصة للفتيات، الأمر الذي يؤخر الزواج، وبالتالي يقلِّل عدد الأطفال المحتمل إنجابهم، كما تقترح الاستراتيجيات؛ القضاء على التحيز الجنساني عبر القانون، وبالفرص الاقتصادية والصحة والثقافة، وتقديم الثقافة الجنسية المناسبة لعمر الطلاب.
اقرأ أيضاً: بين الجائحة والتغير المناخي.. الإجهاد الحراري المحتمل يهدد حياة نصف سكان العالم
فيما يدعو الطرح إلى إنهاء جميع السياسات التي تكافئ الآباء مالياً بناءً على عدد أطفالهم، إضافة إلى إدراج دروس حول السكان والبيئة والتنمية في المناهج الدراسية على مستويات متعددة، في سبيل التوعية بالمأزق.
كما يطالب الطرح بوضع أسعار مرتبطة بالتكاليف والآثار البيئية المترتبة على الزيادة السكانية، والتكيف مع شيخوخة السكان بدلاً من تعزيز الإنجاب من خلال الحوافز والبرامج الحكومية، وأخيراً إقناع القادة بالالتزام بتحقيق الاستقرار في النمو السكاني من خلال ممارسة حقوق الإنسان والتنمية البشرية.