الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية
عثمان كافالا في مقابلة من سجنه: “اعتقالي قد يطول دون سند قانوني”
رجل الأعمال التركي المسجون دون تهمة حقيقية منذ 18 أكتوبر 2017.. يعتقد أن قضيته تشوه صورة العدالة في بلاده

كيوبوست – ترجمات
تم اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا، منذ عام 2017؛ وهو شخصية محترمة في الوسط الثقافي داخل تركيا وخارجها، ويعود له فضل كبير في إرساء دعائم الثقافة. في الماضي، كان من الممكن النقاش علانيةً حول الإبادة الجماعية للأرمن في عام 1915، أو القضية الكردية أو حقوق المثليين؛ ولكن تم التضييق على هذه المساحة النادرة من الحرية بعد محاولة الانقلاب في 15 يوليو 2016، والتي كانت بمثابة ذريعة لتطهير البلاد من المثقفين والقضاة والأكاديميين.
هذا الرجل البالغ من العمر 63 عاماً، اتهم بمحاولة “الإطاحة بالحكومة”، التهم الموجهة إليه غير متناسقة إلى درجة أن القضاة قاموا بتبرئته خلال محاكمته الأخيرة، في فبراير الماضي؛ ولكن قبل أن يتمكن من مغادرة السجن، تم احتجازه بتهمة جديدة.
كانت تبرئته مزعجة للغاية بالنسبة إلى أردوغان؛ حتى إن القضاة الثلاثة الذين نطقوا بقرار البراءة حوكموا، وكأنها طريقة لتذكير القضاء كله بأنه مجرد لعبة في يد السلطة التنفيذية.
أجاب كافالا عن أسئلة صحيفة “لوموند” الفرنسية، كتابةً من سجن سيليفري مشدد الحراسة، في ضواحي إسطنبول.
اقرأ أيضاً: تركيا.. هل تصبح اسراتيجية حزب العدالة لمواجهة أزمة كورونا سبباً في سقوطه؟
ما ظروف احتجازك في سجن سيليفري ذي الحراسة المشددة؟
أنا في زنزانة واحدة مع مرحاض في الداخل؛ يشغل السرير والطاولة نحو ثُلث مساحة الزنزانة، وأقضي معظم الوقت جالساً على الطاولة بجوار النافذة، أقرأ قليلاً، أفكر وأكتب. أعدت قراءة الروايات الكلاسيكية. وبالصدفة، كنت أقرأ رواية “الطاعون” لألبير كامو، مع بداية تفشي وباء كورونا.
هناك شاشة تليفزيون صغيرة على طاولتي أيضاً، الصور التي أشاهدها تعطيني انطباعاً يشبه (deja-vu) لما قرأته في رواية كامو، أشاهد الأخبار والمناظرات على القنوات المستقلة، كما تبث القناة العامة “TRT 2” أيضاً أفلاماً عالية الجودة.
أحصل على الصحف المحلية، وبما أنني لا أستطيع الوصول إلى الصحافة الأجنبية؛ فإن نشر صحيفة “جمهوريت” بعض مقالات صحيفة “لوموند ديبلوماتيك” مترجمة بالتركية، كان مفيداً للغاية بالنسبة إليَّ.
خلال النهار، يمكنني التجول في فناء صغير أشاركه مع جاري، نسير في هذا الفناء مرتين في اليوم، نحاول مشاهدة طيور النورس وهي تحلق، نتأمل الغيوم. في الآونة الأخيرة، أصبح المكان أكثر حيوية، حيث قامت العصافير بتثبيت أعشاشها أعلى الجدران. قريباً، سوف يولد صغارها، الاستماع إلى زقزقاتها ومراقبة حركاتها حول الأعشاش هي لحظات مميزة، لقد اعتادت علينا أيضاً.

تم الكشف عن حالات فيروس كورونا في سجن سيليفري، هل أنت قلق على صحتك؟
لقد تم اتخاذ خطوات جادة لمنع الاتصال مع الخارج، تم قطع الزيارات العائلية، وموظفو السجن يتناوبون على العمل هنا كل أسبوعين لمنع العدوى؛ سجن سيليفري شاسع المساحة، وقد لوحظ تسجيل الإصابات في الأقسام التي يوجد بها عدد كبير من السجناء. نحن في سجن مشدد الحراسة ولا يوجد اكتظاظ؛ لذا تقل نسبة انتشار العدوى، أنا وحدي في زنزانتي، لا أعتقد أنني أواجه خطراً كبيراً، ولا يمكنني أن أكون بأمان كهذا إلا في منزلي.
بسبب المخاطر التي يشكلها الوباء، أعلنت الحكومة مؤخراً قانوناً يقضي بالعفو عن 90000 سجين، إلا أن سجناء الرأي مثلك لم يتمكنوا من الاستفادة من هذا العفو، كيف نفهم عقلية السلطات التركية؟
كما تعلمون، تم استبعاد “الجرائم ضد الدولة” من القانون الذي يسمح بالإفراج المبكر. ومن بين المدانين بهذه التهم أولئك الذين شاركوا في محاولة الانقلاب في 2016، كما أن هناك مسلحين ينتمون إلى حزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا) أو تنظيم داعش. هناك أيضاً أشخاص متهمون بمساعدة منظمات إرهابية دون أن يكونوا أعضاء فيها، وهناك أيضاً أشخاص مثلي، تم توقيفهم دون سند قانوني، ولا علاقة لهم بالسياسة.
الاعتقاد بأن هؤلاء الأشخاص أكثر خطورة على المجتمع من القتلة، أو الاعتقاد بأن حماية حياتهم في مواجهة وباء “Covid-19” يبدو أقل أهمية، غير منطقي من الناحية الأخلاقية أو من وجهة نظر العدالة، أعتقد أن هذه الممارسة تعكس عشوائية القانون.
اقرأ أيضاً: شكوك يونانية حول تجنيد تركيا مسلمي تراقيا
لا يمكن إثبات أي اتهامات ضدك، فأنت لست زعيم حزب سياسي، ولا منظمة ثورية؛ لماذا هذا التصلب تجاهك من جانب السلطات التركية؟
بعض أنشطة المجتمع المدني التي قُمت بها؛ لا سيما تلك المتعلقة بالأكراد والأرمن، وكذلك اتصالاتي على المستوى الدولي، قد يُنظر إليها على أنها مزعجة؛ لكن هذا لا يبرر استمرار سجني.
الانتخابات الرئاسية والتشريعية ستجري في غضون ثلاث سنوات، وتسعى السلطات قبلها لتوجيه الاتهامات إلى كل المعارضين ووصفهم بالانقلابيين الذين يهدفون إلى خدمة مصالح القوى الأجنبية.
أعتقد أن رئيس الجمهورية لا يريد أن تطوى هذه القضية بسبب عدم قدرة المحاكم على إيجاد أدلة إدانة ملموسة ضدي؛ بل قال إن القضاة الذين قرروا تبرئتي لم يؤدوا عملهم بشكل صحيح!
لقد قضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بأن قرار إبقائي في السجن قرار سياسي؛ وهو ما يعتبره رئيس الجمهورية لفتة معادية ضد حكومته.

ما الذي يمكن أن تكسبه تركيا بإبقائك في السجن الآن؟
أعتقد أن الحكومة نفسها تدرك أن استمرار اعتقالي بسلسلةٍ من التهم السخيفة، يشوه صورة العدالة. إن التسامح بل والتشجيع على مثل هذه الممارسات يضعف تمسك القضاة بالمبادئ العالمية للقانون والقيم الأخلاقية. وبسبب تلك السياسة، يعتقد القضاة أنهم قد تحرروا من الالتزام بتقديم أي تبرير عقلاني لأحكامهم.
طلبت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان -مراراً وتكراراً- الإفراج عنك. هل ستتمكن تركيا، وهي دولة عضو في مجلس أوروبا، من تجاهل أحكام قضاة ستراسبورغ لفترة طويلة؟
إذا فهمت بشكل صحيح؛ فإن الاستراتيجية المتبعة في قضيتي لا تكمن في الطعن المباشر بقرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، لكنهم يسعون إلى اختراع اتهامات جديدة، وهكذا يفرغون قرارات قضاة ستراسبورغ من معناها. تشبه هذه الاستراتيجية ما يقوم به محامو الشركات التجارية الكبرى، الذين يستغلون الثغرات القانونية للتهرب من عقوبات أو التزامات معينة. في نهاية المطاف، لا أتوقع أن يُحكم عليَّ بعقوبات شديدة؛ لكن اعتقالي، خلافاً للقانون، يمكن تمديده إلى أجل غير مسمى.
لقد حدثت حالة مماثلة في أذربيجان، في نهاية المطاف حصل الناشط في مجال حقوق الإنسان إلغار محمدوف، على الإفراج، بعد أن ظل في السجن لمدة أربع سنوات، وذلك على الرغم من قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.
المصدر: لوموند