الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون عربية
عبير موسي لـ”كيوبوست”: إجراءات 25 يوليو أنقذت منظومة الإخوان من الانهيار
شددت رئيسة الحزب الدستوري الحر على عدم مشاركة حزبها في الانتخابات التشريعية المقبلة وعدم الاعتراف بمخرجاتها

كيوبوست- كريم وناس
تحدثت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي، في مقابلة خاصة مع ”كيوبوست”، عن العنف الذي تعرضت إليه خلال فترة البرلمان التونسي المنحل، الذي كان يرأسه رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي، وموقفها من إجراءات الرئيس التونسي قيس سعيد، يوم 25 يوليو 2021، فضلاً عن قرار حزبها عدم المشاركة في العملية الانتخابية التي ستُجرى بتونس يوم 17 ديسمبر 2022.
موسي فنَّدت الاتهامات التي طالتها بالمبالغة في الهجوم على الإسلاميين في تونس، وأشارت إلى أدلة قانونية تم الاستناد إليها في إدانة هذا التنظيم.. وإلى نص الحوار:
*كيف كانت تجربة البرلمان المنحل في ظل رئاسة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي؟
العالم كله تابع المضايقات التي تعرَّض إليها نواب كتلة “الدستوري الحر” والعنف الذي استهدفني بشكل مباشر في أكثر من مناسبة، والسب والشتم وهتك الأعراض والاعتداءات بكل الوسائل، على خلفية كشفي المتواصل عن مخططات رئيس حركة النهضة الإخوانية في تونس ورئيس البرلمان المنحل راشد الغنوشي، وتخابره ومحاولته الزج بتونس في الملف الليبي؛ لتلبية رغبات المحاور الدولية التي يدين لها بالولاء.
تعرضت إلى الاعتداء مرتَين في اليوم نفسه بمبنى البرلمان، يوم 30 يونيو 2021، إضافة إلى هتك شرفي بعد تصدي نواب “الدستوري الحر” لاتفاقية توطين صندوق قطر للتنمية في تونس، ضمن اتفاقية استعمارية، وإلى اليوم لم يُحاسب المعتدون رغم أنها جريمة مبرمجة ومنظمة.
اقرأ أيضاً: “الدستوري الحر” يصعد تحركاته ضد فرع اتحاد القرضاوي بتونس
إضافة إلى أن رئيس الجمهورية قيس سعيد، كان قد صرَّح بعلمه بهذا الاعتداء قبل 3 أيام، وأن التونسيين اليوم على علم بأن العنف المسلط ضدي من الإخوان يتم توظيفه لإرساء منظومة “ديكتاتورية” يقودها قيس سعيد، وتستهدف الحزب الدستوري الحر.
المنظومة الانتخابية وحتى الدستور الذي وضعه الرئيس قيس سعيد، بشكل انفرادي، يحتوي على فصول تستهدفني شخصياً، على غرار الفصول المتعلقة برفع الحصانة في صورة تعطيل نشاط البرلمان، وكأنه يريد تحميلي مسؤولية ما حصل في البرلمان رغم أنني كنت ضحية عنف، وهو لا يريد إلى اليوم الاعتراف بأنني ضحية عنف رغم اطلاعه على صور الاعتداءات ضدي في البرلمان.

*هناك حديث حول مبالغتك في اتهام حركة النهضة..كيف تردين على هذه الاتهامات؟
انتقادات “الدستوري الحر” والقضايا التي رفعها ضد حركة النهضة، والمعركة التي خضناها ضدهم كانت قانونية، واستندت إلى حجج وأدلة ووثائق ولم نتهم حركة النهضة بأية تهمة دون تقديم الأدلة، وبالتالي لا يمكن الحديث عن مبالغة وإنما إصرار على كشف جرائمهم للرأي العام، في ظل حالة اللا مبالاة التي كانت تشهدها تونس تجاه ما اقترفوه من جرائم متواصلة في حق الشعب التونسي.
مَن يتهمنا بالمبالغة في مناهضة الإخوان في تونس استغل هذه النقطة لاتخاذ إجراءات 25 يوليو عام 2021.. كيف سوَّق رئيس الجمهورية قيس سعيد، لهذه الإجراءات؟ تم تسويقها على أنها لمحاسبة الإخوان وإقصائهم من المشهد السياسي، على خلفية ارتكابهم جرائم؛ وهو ما جعل جزءاً كبيراً من التونسيين يستبشرون بإجراءات 25 يوليو والملفات التي تفتح كل يوم، وإيهام التونسيين بإيقاف راشد الغنوشي والقيادات الإخوانية في تونس يدخل ضمن الاستيلاء على جهود “الدستوري الحر” في التصدي للإخوان في تونس، دون أن تكون هناك محاسبة فعلية.
اقرأ أيضاً: أصابع “النهضة” و”اتحاد القرضاوي” تعبث بقطاع التعليم في تونس
الفرق بيني وبين هؤلاء هو صدقي في كل ما أقوله عنهم وأتهمهم به، وإرادتي لمحاسبتهم محاسبة قانونية دون أي توظيف سياسي وبعيداً عن التلاعب بمشاعر الشعب التونسي. ظاهرياً، تتم إحالة القيادات الإخوانية إلى القضاء في تونس، لكن في حقيقة الأمر يتم تبييضهم.
*ما تقييمكم لإجراءات 25 يوليو التي اتخذها الرئيس قيس سعيد؟ هل أنقذت تونس من حكم الإخوان؟
إجراءات 25 يوليو 2021 تم التسويق لها على أساس أنها قطعت الطريق أمام الإخوان، وانتزعت ”الأصل التجاري” الخاص بمناهضة حركة النهضة من حزب الدستوري الحر؛ وهي مجرد شعارات اكتشف التونسيون بعد مرور سنة أنها مجرد لعبة، إضافة إلى أنها أنقذت منظومة الإخوان في تونس من الانهيار؛ خصوصاً أنه تم إنقاذهم من الغضب الشعبي، إضافة إلى إنقاذ الغنوشي من الصورة السيئة التي أظهرها خلال تقلده منصب رئيس البرلمان، واليوم أرجعوا له مجده كمرشد عام للإخوان في تونس ورمزيته ”النضالية” بإدخاله يومياً إلى المحاكمات ومن ثمَّ يتم إطلاق سراحه.
الشعب التونسي يُخيل له أن هذه المحاكمات بمثابة المحاسبة لقيادات الإخوان، في حين أنها تبييض لهم وفتحت الباب للمصالحة بين عبدالفتاح مورو وراشد الغنوشي، وهما من القيادات التاريخية لحركة النهضة.
نواب كتلة حركة النهضة في البرلمان وشركاؤه في الجرائم التي اقترفوها يُسمح لهم بتكوين أحزاب جديدة بإمكانها المشاركة في المشهد السياسي القادم. إذن فإن إجراءات 25 يوليو 2021 هي بمثابة التنويم للشعب التونسي ومغالطة له ومحاولة لإيهامه بتخليصه من الإخوان ومنظومتهم ومحاسبتهم؛ لكن في الواقع هي عملية تبييض وإنقاذ وإعادة تدوير للإخوان في تونس، وكل ما يجري اليوم هدفه ضمان خروج آمن للغنوشي من المشهد السياسي وإخراجه في صورة المرشد والفقيه وزعيم من زعماء الحركة الإخوانية في العالم.

*تونس أمام استحقاق انتخابي في 17 ديسمبر.. لماذا اختار “الدستوري الحر” عدم المشاركة في هذه الانتخابات رغم الشعبية التي يحظى بها في تونس؟
“الدستوري الحر” لم يعلن مقاطعته هذه الانتخابات، وإنما قرر عدم الاعتراف بشرعية هذه الانتخابات؛ لأن العملية التي ستجرى يوم 17 ديسمبر 2022 ليست انتخابات ولا ترتقي إلى مرتبة العملية الانتخابية، ونعتبرها جريمة دولة ستُمارس في حق الشعب التونسي وعملية اغتصاب ممنهج أمام أنظار العالم للإرادة الشعبية التونسية.
“الدستوري الحر” لن يعترف بأية نتائج لهذه الانتخابات، ولن يعترف بأية مؤسسة تنبثق عن مثل هذه العملية، والبرلمان الذي سيتم إرساؤه لا يمثل الشعب التونسي.
حزب الدستوري الحر لديه حظوظ للفوز في أية عملية انتخابية وأي نظام اقتراع؛ لكنه اختار عدم المشاركة في هذه الجريمة، خصوصاً في ظل إقصاء الأحزاب والخرق الفاضح للمعايير الدولية، رغم أن تونس تلتزم بالشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة والقرارات المنبثقة عن هياكلها والاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي صادقت عليها.
اقرأ أيضاً: بعد محاصرته سياسياً.. الغنوشي يحاول كسر عزلته إعلامياً
المعاهدات والاتفاقيات ومدونة السلوك الانتخابي الدولية ومنظومة سلامة رقابة الانتخابات، تنص على عدم إمكانية تغيير قوانين اللعبة ليلة المباراة، ورئيس الجمهورية ليس له الحق في إصدار مرسوم انتخابي قام من خلاله بتغيير الدوائر الانتخابية وشروط الترشح وأدرج فيه فصولاً إقصائية تستهدفني شخصياً، وليس له الحق في التراجع عن الحقوق المكتسبة للمرأة التونسية.
لا يمكنني تزكية هذه الجريمة وإعطاءها الشرعية والانخراط فيها، و”الدستوري الحر” اختار المعارضة من خارج المؤسسات غير الشرعية التي ستنبثق عن انتخابات 17 ديسمبر 2022، وسيعمل على إسقاطها؛ لأنه لا يمكن تطبيق المنظومة التي يرغب رئيس الجمهورية قيس سعيد، في تطبيقها بتونس، ولن يرضى بها الشعب التونسي، كما أن المنظومة الاقتصادية التي يقترحها قيس سعيد، تعود إلى القرن الماضي، وكل ما ستقوم به هو تفجير النعرات الجهوية والعروشية والقبلية التي تخلصت منها تونس بموجب السياسة البورقيبية.

*أعلن “الدستوري الحر” تحركاً احتجاجياً أمام وزارة المرأة.. ما رمزية هذا المكان؟ وهل تعتبرون أن مكاسب المرأة التونسية مهددة بعد 25 يوليو؟
لأول مرة يتجرأ مسؤول حكومي في تونس على تعيين هيئة ذكورية صرفة تقصي المرأة من تركيبتها؛ مثل ما حصل صلب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات. و”الدستوري الحر” خاض العديد من التحركات للتصدي لهذه الهيئة وطعن في أمر تعيينها؛ لأنها ضربت مبدأ التناصف ومسَّت حقوق المرأة.
اليوم هناك حديث في تونس عن رئيسة حكومة ليس بإمكانها اتخاذ أي قرار مهما كانت بساطته وتفتقد الشخصية أمام رئيس الجمهورية قيس سعيد، وهذا الأمر بمثابة الإهانة للمرأة التونسية ويُبين أن المرأة توضع في مواقع حتى تكون مطيعة للرئيس؛ في إطار تكريس مبدأ الطاعة ومبدأ دونية المرأة أمام الرجل، فضلاً عن أن الاستهداف المتواصل لي كرئيسة للحزب الدستوري الحر يدخل ضمن هذا الإطار؛ خصوصاً في ظل عمليات التنمر والتمييز والعنف المادي الذي تعرضت إليه بعد 25 يوليو 2021.
اقرأ أيضاً: عبير موسى تحاصر حركة النهضة التونسية وتفضح تزويرها
المنظومة الانتخابية التي وضعها الرئيس قيس سعيد، أيضاً تلغي مبدأ التناصف، وكل الضمانات الموجودة للمرأة، كما أنها تخرق الدستور الذي وضعه والذي نص في فصله (عدد 51) على ”التزام الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة، والعمل على دعمها وتطويرها، وضمان الدولة لتكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات”.