الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون عربية
عبدالله كامل.. شيخ مصري كفيف عاش ومات مع القرآن
كان المقرئ الراحل يكتب القصائد الدينية التي يمتدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأشهرها "هل صليت اليوم عليه؟"

كيوبوست- سلمان إسماعيل
وكأنه رأى النور أخيراً، بعد نحو أربعة عقود من إظلام البصر، ودع المستمعون القارئ الكفيف، صاحب الشهرة الواسعة والصوت المميز في تلاوة القرآن الكريم، عبدالله كامل، الذي تعود أصوله لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم المصرية.
توفي كامل، الأربعاء، في غرفة استراحة كانت مخصصة له في مسجد التوحيد، بولاية نيو جيرسي في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كان يؤم المصلين في عدد من مساجد أمريكا خلال شهر رمضان المبارك.
وروى رفيقه في أيامه الأخيرة، الشيخ مصطفى أبو سيف، إمام مسجد التوحيد، كيف كان الشيخ الراحل يحب غرفته في المسجد، وكيف كان يحرص على ختم القرآن فيها.. وكان آخر ما قاله للناس في المسجد، خاطرة عن الإنصاف، بعد صلاة فجر الأربعاء.
يقول أبو سيف، إن الشيخ عبدالله كامل وصل إلى مسجد التوحيد يوم العيد، وكان يحب الغرفة كثيراً لأنه ختم فيها القرآن مرات عديدة، وعلى الرغم من أن الغرفة الملحقة بالمسجد للاستضافة مفتوحة لكل الضيوف، إلا أنهم أطلقوا عليها غرفة الشيخ عبدالله، لكثرة ما أقام فيها.
كتاب “فقه بناء الإنسان في القرآن” دفع الشيخ عبدالله كامل إلى البكاء الشديد، وكانت روحه أفضل ما يكون، وكان شخصاً شديد التأثر، وراح يهتز حين جاؤوا على ذكر الوصول إلى سن الأربعين، وأثر فيه هذا الأمر كثيراً، فبالحساب الهجري تجاوز كامل الأربعين بشهور، بحسب رواية “أبو سيف” الذي يوضح أن آخر ما جمعهما كان جلسة ذكر وتدبر في القرآن الكريم ومعانيه.
اقرأ أيضًا: الطبلاوي.. آخر سلالة الحناجر الذهبية
هل حقاً تشتاق إليه؟
تقدم كامل المصلين في ظهر الأربعاء، ثم طلب الاستراحة حتى صلاة العصر، ونام نوماً طبيعياً جداً، وبطريقةٍ مؤثرة يقول أبو سيف: “نام ونمت، وقمت وما قام”.
كان المقرئ الراحل يكتب القصائد الدينية التي يمتدح فيها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأشهرها “هل صليت اليوم عليه؟”، والتي يقول فيها: “هل حقاً تشتاق إليه.. ترجو أن تسقى بيديه.. أرَغم أنف الظلم وقلها.. هل صليت اليوم عليه.. الفائز حقا من صلى.. والخاسر من عنه تخلى”.
اقرأ أيضًا: الشيخ محمود سكر.. القرَّاء المكين
ظهر حب الشيخ الراحل للقرآن الكريم وعلوم الدين، منذ نعومة أظفاره، كما يروي شقيقه، حيث كان يستخدم أي أداة في البيت ويتقمص دور الإمام الواعظ، ومن نوادره أنه كان يذهب لصلاة الفجر على الرغم من حرص والده على إغلاق باب الدار، عبر الخروج من نافذة بها أسياخ من الحديد.
في سن الرابعة، كان الوالد يخشى على سلامته لخروجه في الفجر، لكنه واصل طريقه وختم القرآن، وتخرج في مدرسة النور والأمل للمكفوفين، والتحق بكلية دار العلوم، ولشدة حرصه على تحصيل دروسه في الجامعة، كان يضطر لتسجيل المحاضرات على شرائط كاسيت؛ بسبب عدم توفر المقررات الدراسية بطريقة برايل في ذلك الوقت، لحين تخرجه في العام 2005.
وانتشرت على منصات التواصل الاجتماعي في مصر، صور ومقاطع فيديو للمقرئ الراحل، وترحم عليه رواد هذه المواقع، ومن المفارقات العجيبة في الشيخ عبدالله، قصيدته الأخيرة التي ينعى فيها نفسه.
يقول كامل فيها: “لا أستحق ثناءكم.. لكن أريد دعاءكم.. فأنا بحالي أبصر.. وبكيت من نفسي على نفسي.. أجل.. أنا ميت في ثوب حي يظهر.. تتشابه الأسماء والأفعال فيما بيننا.. كل يموت ويقبر.. يا قوم عبدالله ليس بكامل.. فالموت حق والفراق مقدر”.
بدأت شهرة الشيخ عبدالله كامل، بعد مشاركته في مسابقة “المزمار الذهبي” للقرآن الكريم، حيث أبهر اللجنة المحكمة، في عام 2015، بأدائه المؤثر، وتلاوته العذبة، التي أسرت قلوب المحكمين.
وروى كامل طرفة خلال مشاركته في المسابقة، ذكر فيها أنه كان يؤم الناس للصلاة، وكان من المصلين خلفه رجل يدندن وراءه كلما توقف عند آية معينة.
وكان الشيخ عبد الله كامل كثير السفر إلى أكثر من دولة لإمامة المصلين، حيث سافر إلى دولة الكويت، وجرى نقل صلواته خلال شهر رمضان الكريم على التلفزيون الكويتي. كما سافر إلى بعض الدول الأخرى، مثل المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة التي مات ودفن فيها.