الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
عبدالحميد دبيبة يبحث عن بصيص الضوء في آخر النفق الليبي
سيكون على رجل الأعمال الليبي الذي حظي بترحيب ودعم دوليين العمل لتمهيد إجراء الانتخابات وتسليم السلطة بحلول 24 ديسمبر المقبل بعد انتخابات برلمانية ورئاسية

كيوبوست
بدأ رئيس الحكومة الليبية الجديد عبدالحميد دبيبة، في مباحثات تشكيل حكومته التي يفترض أن تبصر النور خلال ثلاثة أسابيع، بعدما فازت قائمة رجل الأعمال الليبي بالانتخابات التي جرَت لأعضاء ملتقى الحوار السياسي في جنيف، الجمعة الماضية. سيكون مناطاً بحكومته المرتقبة مسؤولية استكمال المرحلة الانتقالية التي يُفترض أن تنتهي في 24 ديسمبر المقبل، بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، تحت رعاية أممية ودولية.
وتعهد رئيس الحكومة الجديدة بالعمل على إعادة إعمار البلاد، والاستماع إلى أصوات جميع الليبيين، داعياً المواطنين إلى الالتفاف حول الحكومة من أجل إعادة بناء البلاد التي تعاني أزمات متعاقبة.
جاء ذلك وسط ترحيب دولي بانتخاب الحكومة الجديدة من قِبل دول عدة؛ على رأسها الإمارات العربية المتحدة، التي أثنت، في بيان لوزارة الخارجية والتعاون الدولي، على جهود الأمم المتحدة في تشكيل السلطة، مؤكدةً تعاون أبوظبي مع الحكومة الجديدة.

تحديات كثيرة

لكن ثمة تحديات كبيرة تواجه الحكومة الجديدة، حسب المحلل السياسي الليبي فرج زيدان؛ في مقدمتها أن تكون حكومة معبرة عن جميع الليبيين، وأن تفرض سيطرتها على جميع المناطق، مشيراً إلى أن الحكومة الجديدة عليها أن تختار مدينة سرت مقراً لها؛ حتى لا تخضع لسيطرة الميليشيات المسلحة، والتي تسيطر على طرابلس، فيتكرر سيناريو حكومة السراج.
وأضاف زيدان، خلال حديثه إلى “كيوبوست”، أن لجوء الحكومة المنتخبة إلى سرت سيوفر مناخاً مستقلاً لها من أجل العمل؛ لا سيما في ضوء وجود تيارات سياسية إخوانية تسعى للاستحواذ على الحكومة وجرها إلى الصراع مع الجيش الليبي، والذي بات يسيطر على أكثر من 80% من الأراضي، ويحظى باحترام غالبية الشعب، مؤكداً أن هناك أطرافاً تسعى لإحداث صدام بين المؤسسة العسكرية والحكومة الجديدة؛ نظراً لاستفادتها من الوضع القائم.

ما هو مطلوب من الحكومة الجديدة بشكل أساسي في الوقت الحالي هو تحسين حياة المواطنين ومعالجة الخلل الكبير في الخدمات، حسب الكاتب والمحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي، الذي يؤكد لـ”كيوبوست” أن المطالب الشعبية مرتبطة بضرورة توفير الأمن لخفض معدلات الجريمة، ووقف السرقات التي تحدث، مشيراً إلى أن الاستقرار السياسي سيدفع نحو الاستقرار الأمني عبر تطبيق القانون على الجميع من دون استثناء.
وأضاف الحاجي أن الحكومة الجديدة ستكون عليها معالجة المشكلات الاقتصادية خلال الفترة المقبلة؛ لا سيما في ظل وجود عجز واضح لدى المواطنين في الحصول على الأموال، والخلل الواضح بسعر صرف الدينار الليبي أمام الدولار، وما تبعه من مشكلات انعكست على الحياة اليومية، لافتاً إلى أننا أمام حكومة انتقالية مؤقتة لديها عشرة أشهر فقط لتسليم السلطة، وسينعكس سلوكها الإيجابي حتماً على نسبة المشاركة في الانتخابات.

وبموجب الخريطة السياسية، فإن رئيس الوزراء الجديد سيكون عليه تشكيل حكومته بغضون ثلاثة أسابيع، على أن يكون أمام مجلس النواب مهلة مماثلة من أجل منح الثقة للحكومة، وفي حال تعذر اجتماع المجلس فإن عبدالحميد دبيبة سيحصل على ثقة الحكومة من أعضاء ملتقى الحوار السياسي.
اقرأ أيضًا: بريد هيلاري كلينتون يكشف عن علاقات الإخوان مع واشنطن
يشير فرج زيدان إلى أن مسألة تشكيل الحكومة قد تتأخر قليلاً لأسبابٍ عدة؛ لكن في المقابل فإن رئيس الحكومة لن يخضع كثيراً لابتزاز أعضاء مجلس النواب في مسألة اختيار الوزراء لوجود إمكانية نيل الثقة عبر آلية ملتقى الحوار التي انتخب من خلالها، مرجعاً احتمالية تأخر التشكيل الحكومي عن المهلة المحددة بثلاثة أسابيع إلى وجود كثير من الأمور التي يجب مراعاتها؛ من بينها التوازنات السياسية، والكفاءات المختارة.
يرى إسلام الحاجي أن جزءاً من نجاح الحكومة سيكون على تحقيق التناغم بين رئيس الحكومة وأعضاء المجلس الرئاسي؛ خصوصاً في ما يتعلق باختيار الوزراء وَفق آلية توافقية، مؤكداً أن التوافق سيكون هو الطريق الوحيد لإنجاح مهمة عمل الحكومة الجديدة.

مسار دستوري
وتلتزم الحكومة بمخرجات اجتماعات المسار الدستوري التي تُستأنف اليوم في مدينة الغردقة المصرية، بجانب الاجتماعات التي تجري بشأن آليات تسمية رؤساء المناصب السيادية؛ وهي من الأمور التي لم يتم حسمها حتى الآن، بينما سيكون من أولويات الحكومة توحيد مؤسسات الدولة المنقسمة بسبب الحرب خلال الأعوام الماضية.
اقرأ أيضاً: تنسيق أمني وتعاون اقتصادي.. ماذا يخفي التقارب التركي- الجزائري في ليبيا؟

يرى عضو الهيئة التأسيسية لكتابة الدستور عمر النعاس، أن المشكلة الحقيقة من الناحية الدستورية ترجع إلى عدم رغبة البعض في الالتزام بالمسار الدستوري وما جرى التوافق عليه من السعي للتصويت على الدستور، والذي استغرقت كتابته ثلاث سنوات على الرغم من وضوح الرؤية في هذا المسار، وحصوله على ثلثي أصوات المصوتين مع شرط الحصول على 51% من الأصوات بكل من الأقاليم الليبية الثلاثة.
وأضاف النعاس لـ”كيوبوست” أنه في حال رفض مشروع الدستور، فإن الهيئة التأسيسية تعود للاجتماع مجدداً، ويكون أمامها مدة شهر واحد لإنهاء التعديلات المقترحة قبل التصويت على الدستور مجدداً، لافتاً إلى أن القضاء الليبي أقر في وقت سابق عدم وجود ولاية قضائية على أعمال الهيئة التأسيسية التي انتخبت بهدف وضع الدستور.
اقرأ أيضاً: مستقبل مرتزقة تركيا بعد هدوء الأوضاع في ليبيا يقلق الجزائر
يشير عمر النعاس إلى أن عملية الاستفتاء على الدستور ستستغرق بعض الوقت، يرتبط بفتح مفوضية الانتخابات باب تسجيل الأسماء لمَن لم يسجل من قبل، أو كل مَن بلغ 18 عاماً منذ آخر انتخابات، بجانب ضرورة توفير الأمن في جميع الأنحاء لضمان سلامة عملية الاستفتاء.

يشدد النعاس على أن وجود شرط عدم تعديل الدستور لمدة 5 سنوات في مشروع الدستور، يعتبر بمثابة ضامن حقيقي لتحقيق الاستقرار مع السلطة الجديدة، ومن أجل تحقيق الوعي السياسي قبل الشروع في العمل على مشروع آخر للدستور، لافتاً إلى أن الليبيين بحاجة إلى فترة من الاستقرار؛ حتى يتمكنوا من إعادة بناء الدولة خلال الفترة المقبلة.
اقرأ أيضاً: صراع بين نسختين من النظام الإقليمي في ليبيا
يرجع فرج زيدان الانقسام حول المسار الدستوري إلى ما سببته نصوص الدستور المقترح من انقسام مجتمعي قبل أن يكون سياسياً؛ لا سيما مع شعور بعض الفئات في ليبيا بالتهميش والإقصاء، مشيراً إلى أزمة جوهرية تغيب عن المسار السياسي؛ وهي المرتبطة بغياب التصور حال الرفض الشعبي للدستور بعد التصويت على الدستور مرتَين.