الواجهة الرئيسيةترجماتصحة
طريقة قيادتك قد تكشف عن العلامات المبكرة للإصابة بألزهايمر

كيوبوست- ترجمات
كريس بارانيوك♦
يتغير أسلوب قيادة الناس لسياراتهم مع تقدمهم في السن؛ لكن قد تظهر عند بعض الأشخاص اختلافات طفيفة في كيفية التحكم بالسيارة. ويقول العلماء إن هذه التغيرات مرتبطة بالمراحل المبكرة من مرض ألزهايمر.
في تجربةٍ لمعرفة إذا ما كان من الممكن اكتشاف هذه التغيرات في أسلوب القيادة باستخدام أجهزة تتبع وتحديد المواقع عبر الأقمار الاصطناعية، وافقت مجموعة ممن تزيد أعمارهم على 65 عاماً في ميسوري، على مراقبة أسلوب قيادتهم عن كثبٍ لمدة عام كامل. ما أراد الباحثون معرفته هو ما إذا كانت مجرد دراسة عادات القيادة لهذه المجموعة يمكن أن تكشف عن بداية الإصابة بالمرض، من دون الحاجة إلى إجراءات طبية مباشرة ومكلفة. وبعد 365 يوماً من تجميع المعلومات أصبحوا واثقين من إمكانية ذلك.
من بين 139 شخصاً شملتهم الدراسة، أظهرت الاختبارات الطبية أن نحو نصفهم قد أظهروا علاماتٍ مبكرة للإصابة بمرض ألزهايمر، بينما لم تظهر مثل هذه العلامات على النصف الآخر.
اقرأ أيضاً: مكونات غذائية تُجنبك الإصابة بمرض ألزهايمر
وقد أظهر تحليل أسلوب قيادة هؤلاء الأشخاص وجود اختلافات ملموسة بين المجموعتَين. وعلى وجه التحديد، فقد كان مَن يعانون أعراضَ ما قبل السريرية لمرض ألزهايمر يميلون إلى القيادة ببطء والقيام بتغييرات مفاجئة، والتنقل أقل في أوقات الليل وقطع مسافات أقل بشكل عام. كما كانت الأماكن التي يزورونها أقل تنوعاً وكانوا أكثر التزاماً بمسارات محددة.

تقول ساية بيات؛ طالبة الدكتوراه في جامعة تورونتو، التي قادت الدراسة: “إن كيفية تحرك الناس في بيئاتهم اليومية ابتداءً من الأماكن التي يزورونها، ووصولاً إلى أسلوب قيادتهم سياراتهم، يمكنها أن تخبرنا الكثير حول وضعهم الصحي”. وقد كشفت أجهزة التعقب وتحديد المواقع التي تم تركيبها في سيارات المشاركين عن هذه التحركات ووقت حدوثها بالتفصيل.
في بداية الدراسة، قام الباحثون بتحديد المشاركين المصابين بأعراض ألزهايمر ما قبل السريرية عن طريق اختبارات السائل الشوكي والتصوير المقطعي البوزيتروني (P.E.T Scan)، وقسموا المشاركين إلى مجموعتَين؛ الأولى للأشخاص المصابين، والثانية للأصحاء.
اقرأ أيضاً: 5 طرق طبيعية لحماية نفسك من مرض ألزهايمر: ما الأطعمة التي عليك تناولها؟
وباستخدام نتائج بيانات القيادة تمكن الباحثون من تصميم نموذج يمكن أن يتنبأ باحتمال إصابة شخص ما بمرض ألزهايمر بالنظر إلى عمره وبيانات القيادة الخاصة به. وثبت أن هذه الطريقة دقيقة بنسبة 85%. قالت بيات: “يمكنك باستخدام هذه المؤشرات القليلة أن تحدد بثقة كبيرة ما إذا كان هذا الشخص يحمل أعراضاً ما قبل السريرية لمرض ألزهايمر”.
أصبح النموذج أكثر دقة (90%) عندما أُضيفت إليه نتائج الاختبار الجيني لمرض ألزهايمر المعروف باسم (APOE)، الذي يشير إلى الاستعداد الوراثي عند الشخص للإصابة بالمرض. وعلى الرغم من أنه يجدر الأخذ بعين الاعتبار أن هذه الدراسة تمثل عدداً قليلاً من الذين أُصيبوا بمرض ألزهايمر، فإن توقع الإصابة بناء على العمر وأسلوب القيادة فقط كان دقيقاً إلى حد كبير.

لا تزال هنالك حاجة إلى دراسات عشوائية أكبر لإظهار صلة مؤكدة بين سلوكيات القيادة وأعراض مرض ألزهايمر ما قبل السريرية. ومع ذلك، فإن الأمر الحاسم هنا هو أن هذه الطريقة ستكون وسيلة منخفضة التكاليف لاكتشاف المرض في مراحله المبكرة؛ مما قد يساعد في العلاج؛ ولكن هذا الأمر أيضاً يطرح تساؤلات حول ما إذا كان كبار السن يقبلون بمراقبة تحركاتهم بشكل دقيق حتى مع وجود فوائد صحية.
إن حقيقة تغير أسلوب القيادة عند المصابين بمرض ألزهايمر هو أمر مؤكد. يقول المعهد الوطني الأمريكي للشيخوخة إن أفراد الأسرة قد يلاحظون أن أحباءهم المسنين يستغرقون وقتاً أطول في إتمام رحلة بسيطة، أو أنهم يقودون بشكل غير منتظم أو يعانون الارتباك أثناء القيادة على سبيل المثال.
اقرأ أيضاً: خرافات حول الشيخوخة
ومع ذلك، يبقى من الصعب اكتشاف التغيرات الأكثر دقة كالقيادة ببطء مثلاً. تقول بيات إن تمييز مثل هذه التغيرات يحتاج إلى تجميع بيانات على مدى فترة من الزمن، وإخضاعها لتحليل مفصل. وتشير إلى أن المشاركين في الدراسة المصابين بالأعراض قبل السريرية للمرض في بعض الأحيان يميلون إلى تجنب القيادة في الليل أو يقتصرون على القيادة في المناطق القريبة من بيوتهم ويقودون ببطء أكثر من المعتاد.
وترى بيات أن أفضل طريقة للتوقع، من خلال بيانات القيادة، ما إذا كان شخص ما لا يحمل أعراضاً ما قبل السريرية لمرض ألزهايمر معرضاً للإصابة بالمرض، ربما تكون بمراقبة طريقة استخدامه الطريق لفترة زمنية طويلة. وذلك من المرجح أن يكشف عن التغيرات في أسلوب قيادته. وتقول لورا فيبس، من مركز أبحاث ألزهايمر في المملكة المتحدة، إن هذه الدراسات مهمة للغاية، وتشير إلى أن التغيرات في أسلوب القيادة غالباً ما يلاحظها أفراد عائلة المريض قبل أن يتم تشخيص إصابته.

تقول الدكتورة فيبس: “غالباً ما يقول لنا أفراد أسرة المريض إنه قد بدأ يضل طريقه”. وتشير إلى أنه في الوقت الحالي هنالك القليل من الأدوية التي تستخدم في علاج مرض ألزهايمر؛ ولكنها تأمل أن هذا سيتغير في المستقبل. وفي هذه الحالة، فإن تحديد الأشخاص المعرضين للإصابة -دون الحاجة إلى إجراء فحوصات شخصية مكلفة جداً- سيكون بمثابة مساعدة كبيرة للأطباء عندما يصفون العلاج. وتقول: “أظهر البحث أن المرض في الواقع يمكن أن يبدأ بالتطور في الدماغ قبل ما يصل إلى عشرين عاماً من ظهور أعراضه”.
يمكن أيضاً أن تؤدي المعلومات المستمدة من القيادة أو السلوكيات الأخرى، مثل طريقة الكلام، إلى اقتراح تغييرات في أسلوب الحياة من شأنها أن تسيطر على مرض ألزهايمر. تنصح خدمة الصحة الوطنية في المملكة المتحدة بالعناية بصحة القلب والمحافظة على النشاط الاجتماعي والعقلي إلى جانب مجموعة من الإجراءات الوقائية لتجنب الإصابة بالمرض.
إن فكرة أن تحليل طريقة القيادة يمكنه أن يساعد في التحكم في المرض، وربما تأخير ظهور أعراضه الأكثر حدة تبدو فكرة محيرة؛ ولكن هنالك دائماً إمكانية لوقوع أخطاء في الدراسة أو أن تحمل نتائجها عواقب سلبية.
اقرأ أيضاً: الكتابة.. مهارة وحيدة لا تهزمها الشيخوخة
يسمح الكثير من السائقين من مختلف الأعمار لشركات تأمينهم باستخدام تقنيات التتبع أو الصندوق الأسود؛ لمراقبة قيادتهم مقابل الحصول على تخفيض في أقساط التأمين التي يدفعونها. فهل يمكن لهذه الأجهزة في المستقبل أن تتوقع بدقة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، وأن تأخذ هذه التوقعات بعين الاعتبار أيضاً؟
على الرغم من أن هذا السيناريو بعيد المنال بالنسبة إلى أسواق التأمين؛ فإنه قد يقلق أصحاب الصناديق السوداء الذين عانوا مشكلات تتعلق بدقة هذه الأجهزة في الماضي.
ترى رودا آو، من جامعة بوسطن، أن العملاء يجب أن يتمتعوا بمزيد من السيطرة في ما يتعلق بالمكان الذي تذهب إليه بياناتهم بشكل عام؛ لتجنب التمييز غير العادل نتيجة عاداتهم وسلوكهم. وتقول: “يجب أن يكون لهم الحق بأن يقرروا ما الذي تتم مشاركته وما الذي لا تتم مشاركته من المعلومات”.

وتشير مازحة إلى أن طريقة قيادتها يمكن أن تصنف على أنها غير طبيعية، وتقول: “يا إلهي لا بد أن هؤلاء الناس في (جوجل) يعتقدون أني مجنونة، أنا ليس لدي إحساس بالاتجاه”.
وترى البروفيسورة آو أنه بشكل عام يمكن لأنظمة جمع البيانات الجديدة المصممة لإيجاد الروابط الدقيقة بين السلوك والحالة الصحية أن تعاني بعض العيوب؛ ولكن بالنظر إلى الفوائد المتوقعة من قدرتها على تحديد الأشخاص المعرضين للإصابة بمرض ألزهايمر في وقت مبكر، تعطينا سبباً وجيهاً للبحث بعناية في هذه الإمكانية. وتضيف: “عليك أن تبدأ من مكان ما”.
♦مراسلة “بي بي سي” لشؤون الاقتصاد والتكنولوجيا
المصدر: بي بي سي