الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفةشؤون خليجيةشؤون عربية

طاش… هل لا يزال عصياً على الزمن؟

كيوبوست- عبيد التميمي

بعد توقفٍ دام لأكثر من عشر سنوات، يعود ناصر القصبي وعبد الله السدحان في جزءٍ جديد من “طاش ما طاش” في هذا الموسم الرمضاني. وبعد مشاهدة عدة حلقات يتبادر سؤال إلى الأذهان، هل هذه العودة ناجحة؟

لكن، قبل الإجابة على هذا السؤال هناك عدة أمور يجب أخذها في الحسبان.

كبداية، يجب أن نسأل هل الأجزاء القديمة والناجحة من “طاش ما طاش” سوف تنجح في يومنا الحاضر؟ أعتقد أن المسلسل في أجزائه القديمة، حتى مع ارتفاع جودته، استفاد بصورة كبيرة من ارتباط المشاهدين به عاطفياً؛ إذ كان حضور المسلسل دائماً على الموائد الرمضانية، مهما كان الموضوع الذي تناقشه الحلقة، بسبب قدرة المسلسل على تعبئة الفراغ بين أذاني المغرب والعشاء.

كما استفاد المسلسل من انعدام المنافسة الحقيقية على المستوى المحلي والخليجي، حيث لم تكن ثقافة المسلسلات الغربية متأصلة كما هو حالياً.

مشهد من المسلسل

عودة محبطة

من الأمور المحبطة التي شاهدناها بعد انفصال ناصر القصبي وعبد الله السدحان هي عدم قدرة الثنائي على الخروج من قالب “طاش ما طاش”. فحتى مع اختلاف الأعمال، كانت تتم مناقشةُ قضايا المجتمع بشكلٍ فكاهي وسطحي، حاضرٍ تحت مظلات مختلفة. لم يكن هناك أي تجديد في طريقة السرد أو محاولة تقديم أفكار جديدة يمكن بدورها إنعاش المسلسل.

خسر الثنائي ارتباط الناس بالشخصيات التي اعتادوا على تقديمها في طاش، وأصبحت الأعمال المُقدّمة مجرد نسخة مجوفة من طاش في أسوأ حالاته، بكوميديا متوقعة ومكررة، وبدون قيمة عاطفية ارتكز عليها المسلسل في وقتٍ سابق.

تبدو الأمور مختلفة الآن بعد عودة الثنائي؛ حيث الارتباط العاطفي ليس كما كان في سابق عهده، والمنافسة في أشدها بسبب مكتبات منصات المشاهدة التي تحتوي على أفضل المسلسلات الكوميدية تاريخياً. لكن هل تغير طاش في جوهره؟ هل اختلف الأسلوب السردي ونوع الكوميديا المقدمة؟

اقرأ أيضًا: دراما رمضان 2023.. اجتماعية وكوميديا وأكشن وأعمال تاريخية

للأسف يبدو أن الأمور متجهة للأسوأ.

في أول عدة حلقات تم تقديم بعض الشخصيات الشهيرة في تاريخ طاش في محاولة لإعادة لهيب الشعلة القديمة التي تربط المشاهدين بهذا المسلسل، ولكن الذوق المجتمعي تطور فوق مستوى الشخصيات والنكت المكررة.

هناك مشكلة حقيقية في طريقة السرد التي اعتمدها الثنائي في أعمالهما في السنوات الأخيرة، وهذه المشكلة تظهر بشكلٍ أوضح تحت مظلة طاش، حيث درجة النقد تكون أكثر حدة. لا تهمنا كمشاهدين عودة «أبو هزار ونزار» أو عودة «فؤاد» إذا كانت هذه العودة بدون أي جهدٍ مبذول في تحديث أسلوب الكوميديا المقدمة.

مشهد من المسلسل

الغياب عن الحاضر

لقد تحول طاش إلى تلخيصٍ رمادي لأحداثٍ حصلت في العام السابق، وكيف تفاعل المجتمع معها، قد يكون هذا الأمر ناجحاً في الماضي، بسبب غياب منصات التواصل الاجتماعي التي ترصد ردة فعل الناس، أما الآن فلم يعد الأمر مجدياً على الإطلاق؛ ففي الوقت الذي تحاول فيه صناعة حلقة عن فيروس كورونا، أو قيادة المرأة مثلاً، سوف يكون المجتمع قد ناقش هذه الموضوعات باستفاضة، ولن تكون قادراً على تقديمها من أي زاوية جديدة.

المشكلة الأخرى هي أن العمل حتى الآن يبدو خالياً من أي حس كوميدي، إذ يقوم الممثلون بأدوارهم «الأيقونية» بنفس الأزياء والمكياج واللهجات، ولكن يتوقف الأمر عند هذا الحد، هناك اعتماد كامل على هذه الشخصيات لكنها تقف أمام الجمهور بدون أي كوميديا موقف، وبدون أي نص هزلي.

أما من ناحية القصص، وبالنظر لكون طاش مسلسل يعتمد اعتماداً كلياً على القصص أكثر من الشخصيات، فقد أصبحت هذه القصص مجرد تصوير للحدث الذي تناقشه الحلقة من وجهة نظر هذه الشخصيات بدون أي بناء درامي حقيقي، بدون بذل أي مجهود في تطوير قصة تتخطى كونها مسودة أولية تمتلك بداية ونهاية، لكن دون خط واضح وملموس يربط بين هاتين النقطتين.

الاختلاف الوحيد يكمن في الإنتاج، محاولات تلميع طاش تظهر في كاميرات أحدث وزوايا تصوير جديدة على المسلسل، الموسيقى محدّثة وعصرية، لكن كل هذه العناصر مبعثرة وتسبب التشتت. تُعزف الموسيقى الجديدة بشكلٍ عشوائي في مشاهد غير مناسبة، وتصور بعض المشاهد من زوايا غريبة ليس لشيء إلا لتجربة هذه الزوايا.

“طاش ما طاش” عمل محفور في ذاكرة المجتمع، وفي وقتٍ من الأوقات كان هو صوت المجتمع بكوميديا كانت سابقة لعهدها، ولكن مع اختلاف الوقت أصبح للمجتمع صوته الخاص الذي يتشكل طوال شهور السنة وليس خلال رمضان فقط، وكوميديا طاش أكل الدهر عليها وشرب.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

عبيد التميمي

كاتب سعودي

مقالات ذات صلة