شؤون دولية

صحفي إسرائيلي: أردوغان والسيسي يأخذان بلادهما مئة عام نحو الخلف

كيف يقيم الإسرائيليون الأوضاع في مصر وتركيا؟

ترجمة كيو بوست – 

نشر الصحفي مردخاي كيدار مقالًا، بتاريخ 31 يناير، في مجلة “ميدا الإسرائيلية”، قال فيه إنه بعد مئة عام من انهيار الإمبراطورية العثمانية، ها هي تعود إلى الحياة، وذلك من خلال احتلال تركيا مجددًا أجزاء من العالم العربي، هذه المرة في سوريا. لقد غزت تركيا، خلال الأسابيع الأخيرة، مناطق سورية تحت ذريعة “الحرب ضد الإرهاب”، واحتلت قطاعًا على طول الحدود المشتركة بين البلدين، بهدف قطع التواصل الجغرافي بين الأكراد.

وذكر الصحفي أن تركيا تنوي تمديد القطاع الأمني على طول الحدود التي يبلغ طولها 818 كيلومترًا، وتوسيعها حتى 30 كيلومترًا إلى داخل المناطق السورية. في حال نجح الجيش التركي بمهمته فستكون مساحة القطاع الأمني هذا أكثر من 24 ألف كيلومتر مربع، أي أكبر من مساحة دولة إسرائيل، وحسب الخطة يفترض أن تكون خالية تمامًا من السكان. 

هذه الخطوة التركية يمكن تعريفها تحت مسمى واحد فقط: تطهير عرقي. الحديث هنا عن عشرات الآلاف من سكان القرى والمدن الذين يقطنون في المنطقة منذ آلاف السنين، وسيرغمون الآن على مغادرة المكان، فقط لأن أردوغان لا يريد أن يرى كيانًا كرديًا، مستقلًا أو غير مستقل، جنوب الحدود التركية. 

إن اعتبار الأكراد سكان سوريا إرهابيين يجب تهجيرهم من مكان سكنهم التاريخي أمر مطابق تمامًا للادعاء العام، الذي لا يقبله أحد، أن كل العرب أو كل اليهود هم إرهابيون ويستحقون نفس المعاملة. عنصرية أردوغان تتخطى كل الحدود.

وتعجب الصحفي قائلًا إن النُقطة المُفاجئة حول السلوك التركي هي صمت العالم. مجلس الأمن لم يجتمع لمناقشة الاحتلال الجديد، وحتى أنه لم يتفوه بكلمة إدانة واحدة بخصوص الأمر. كذلك الشوارع لا تشهد أية تظاهرات، لا في العالم العربي، ولا في أوروبا، ولا في أمريكا الشمالية: صمت تام. 

واستذكر الكاتب احتلال تركيا لـ37% من جزيرة قبرص عام 1974، وتشكيل دولة في هذه المنطقة؛ دولة لا يعترف بها أي أحد في العالم بشكل قانوني، باستثناء تركيا بالطبع. في كل اللغات يسمون هذا الأمر “احتلال”، لكن هل يفكر أحد أن يفرض على تركيا المقاطعة، عقوبات أو سحب الاستثمارات بسبب سلوكها منذ 44 عام في قبرص، أو سلوكها أثناء الاحتلال التركي للأراضي الكردية في سوريا؟ هل يستيقظ العالم الآن كي يرى ما تفعله تركيا؟ يتظاهر؟ أو يدين؟ أو يقاطع؟

لكن الأمر ليس فقط مسألة احتلال، لأن السلوك التركي الإشكالي لم يبدأ فقط في 1974. لا أحد يمكن أن ينسى ما حدث للأرمن المسيحيين في تركيا الذين شهدوا ويلات مجزرتين جماعيتين، في نهاية القرن التاسع عشر خلال الحرب العالمية الأولى. لقد تمت إبادة ملايين الأرمن والمسيحيين بوحشية على يد الأتراك.

يبدو أن العالم يعمل وفقًا لمصالحه؛ ففي الولايات المتحدة يشعرون بالقلق لأن أردوغان المتهور قد يطردهم، إن غضب، من القاعدة الجوية إنجرليك، التي تعتبر بمثابة حجر أساس لأي خطة عملية في الشرق الأوسط، وفي مركز آسيا، بما في ذلك إيران. الرئيس التركي أيضًا لديه ورقة رابحة أمام أوروبا لمنع ملايين المهاجرين الذين يسعون إلى الوصول من الشرق الأوسط للقارة.

وأنهى الكاتب قائلًا: “السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ماذا سيفعل الأكراد في سوريا أمام التهديدات التي تضعها تركيا أمامهم؟ هل سيحافظون على صمتهم وينتظرون موتهم أو سيخرجون للحرب، ويقاومون الجيش التركي؟ سؤال آخر يدور في الخلفية هو ماذا سيفعل ملايين الأكراد في تركيا نفسها في ضوء ما قد يحدث لإخوانهم في سوريا؟ وهل سيجبون الثمن من أردوغان الذي يستطيع ضربهم بقوة؟”.

 

ديمقراطية مصرية

من ناحية أخرى، انتقل الصحفي للحديث عن الوضع في مصر قائًلا إنه في نهاية شهر مارس المقبل ستجري انتخابات للرئاسة المصرية – أربع سنوات بعد أن فاز عبد الفتاح السيسي في الانتخابات الماضية. سيتنافس أمام الرئيس الحالي مرشحون عدة من بينهم شخصيات عسكرية سابقة ورجال أعمال. 

المشكلة هي أن كل من أعلن ترشحه للرئاسة وجد نفسه ملاحقًا من طرف الشرطة، أو تم اعتقاله أو تشويه صورته بشكل علني، حتى الوصول لمرحلة عدم وجود أي مرشح جديّ أمام السيسي. 

وأضاف أن بعض المحللين يدعون أن حالة الحريات السياسية والحقوق الفردية في مصر اليوم أسوأ من الحالة التي كانت سائدة أيام الرئيس مبارك، إذ أن قوة الشرطة والجيش ازدادت خلال أربع سنوات حكم فيها السيسي. السبب الواضح والمعلن هو الحرب ضد الإرهاب في البلاد وهي فترة طويلة، صعبة، ونهايتها لا تلوح بالأفق.

“وبالإضافة إلى الأضرار المباشرة من القتلى والإصابات في هجمات الإرهاب، تأثرت –أيضًا- صناعة السياحة المصرية بشدة، إذ أن السياح يخشون من التوجه لمصر بسبب وضعها الأمني الحالي. كما أن الفساد الإداري والحكومي المتزايد في مصر يزيد من حالة اليأس المتفاقم لكثير من المواطنين” حسب وصف الكاتب. 

وبجانب الإرهاب، تتعامل مصر مع تهديد أكبر بكثير، وهو خطر حدوث انخفاض في كميات مياه النيل المتدفقة لمصر، في أعقاب إقامة “سد النهضة” في منطقة إثيوبيا، قرب الحدود مع جنوب السودان. تعتمد مصر على مياه النهر في الشرب، والري، والصناعة، وهي تحتاج لكميات مياه أكثر وأكثر في ظل ازدياد عدد السكان الذي يصل اليوم إلى 90 مليون نسمة. حتى اليوم فشلت جهود السيسي بإقناع إثيوبيا بالتوقف عن بناء السد، وبذلك، يظل تهديد الجفاف قائمًا.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة