الواجهة الرئيسيةترجماتشؤون دولية

صحافة دولية: كيف تجاوزت حملات التضليل الإعلامية الإيرانية الخطوط الحمراء؟

سياسة الأخبار الزائفة مكون أساسي من مكونات آلة الدعاية الإيرانية

ترجمة كيو بوست –

ازداد حديث الصحافة العالمية في الآونة الأخيرة حول ظاهرة “الأخبار الزائفة” التي تمارسها طهران ضد الدول المجاورة، كجزء من سياستها الإعلامية الإقليمية والدولية. وقد تحدث عدد من الخبراء حول الأساليب التي يتبعها الساسة الإيرانيون في نشر المعلومات المضللة، فضلًا عن الأسباب التي تدفعهم إلى القيام بذلك.

في 22 آب/أغسطس، قالت مجلة “بزنس إنسايدر” الأمريكية إن “السياسة الإيرانية في نشر الأخبار الزائفة تجاوزت حدود فيس بوك وتويتر وغوغل”، وأكدت أن هناك دلائل دامغة على أن “حملات التضليل الإيرانية عبر الإنترنت استهدفت الأفراد في الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، وأميركا اللاتينية، والشرق الأوسط، بشكل أكبر بكثير مما كان يعتقد سابقًا”. وأضافت المجلة أنها “حصلت على براهين جديدة حول حسابات إيرانية زائفة على يوتيوب وغوغل، تعمل على التلاعب بالأخبار بشكل منسق مع الأجهزة الإيرانية الرسمية”.

اقرأ أيضًا: منظمة “أوج” الإيرانية: الثقافة والفن في خدمة دعاية الحرس الثوري

وأيضًا في 22 آب/أغسطس، قالت صحيفة “ذا سن” البريطانية إن “إيران تدير شبكات أخبار زائفة سرية، تستخدمها في نشر أكاذيب ضد السعودية ودول أخرى”. وقال الكاتب “غين كان” إن “طهران لحقت بركب الكريملين في خلق إعلام متخصص في نشر الأخبار الزائفة، من أجل الدفع بأجندتها في الشرق الأوسط والغرب”.

كما نشرت مجلة “فوربس” الأمريكية تقريرها تحت عنوان “آلة الدعاية الإيرانية تنتج أخبارًا زائفة، وتنسبها إلى قناة بي بي سي البريطانية منذ عام 2011”. ووفقًا للكاتب توماس بروستر، توجهت القناة البريطانية بشكاوى عدة للأمم المتحدة إزاء نشر أخبار مضللة باستخدام اسمها وشعارها. وأضاف بروستر أن “جميع التحقيقات التقنية تثبت أن المواقع الإلكترونية والحسابات الوهمية التي تنشر أخبار زائفة باسم القناة البريطانية مرتبطة بإيران، إذ جرى توثيق ذلك في كتيب مؤلف من 52 صفحة”.

وعلى المنوال ذاته، قالت صحيفة “إندبندنت” البريطانية إن “إيران تلاعبت بمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مطولًا قبل أن يلتفت مديرو المنصات الاجتماعية إلى هذه الممارسة، التي تضمنت تزييف أخبار ضد السعودية ودول أخرى”.

وفي 24 آب/أغسطس، أشارت صحيفة “إنديا تايمز” الهندية في تقرير مصور إلى أن “عمليات التأثير الإيرانية تخطت الحدود الحمراء، ما دفع أشهر المواقع الإلكترونية العالمية إلى التحقيق بالحسابات الوهمية التي تروج لسياسات النظام الإيراني، وإغلاقها في نهاية المطاف”.

اقرأ أيضًا: تاريخ إيران الطويل من التجسس والاغتيالات في أوروبا

وكذلك في 24 آب/أغسطس، أفردت مجلة “يوراسيا ريفيو” الأمريكية مقالة تحت عنوان: “ما هي الأسباب التي تدفع إيران إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لنشر المعلومات المضللة؟”، أوردت فيها ما أسمته “الأغراض الإيرانية الخفية وراء حملات التضليل والأخبار الزائفة”. وبحسب الصحيفة، يستخدم النظام الإيراني حملات دعائية وعمليات إلكترونية متطورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل نشر معلومات مضللة وأخبار زائفة، بمساعدة مكونات الدولة الإيرانية المهمة، مثل المنافذ الإخبارية المملوكة للدولة، بما فيها قناة “برس تي في” الناطقة بالإنجليزية، فضلًا عن مؤسسات إعلامية أخرى.

 

ما الذي تحاول إيران تحقيقه؟

تشير “يوراسيا ريفيو” إلى أن طهران تحاول صياغة الخطاب السياسي في الدول الأخرى، وتضليل الناس بشكل متعمد، من خلال نشر أخبار زائفة، من أجل الدفع بالمصالح الثورية والأيديولوجية والجيوسياسية الخاصة بالنظام الإيراني.

وبالاعتماد على أحدث التقنيات، واستخدام أساليب مختلفة مثل توليد ونشر عناوين ومقاطع فيديو ملفقة، وأخبار غير دقيقة، تتدخل المؤسسة الدينية الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، لأسباب متعددة، منها ما يلي:

أولًا: إثارة المشاعر المعادية للمملكة العربية السعودية والدول الأخرى، من أجل تصعيب مهمة نقل الأخبار الحقيقية عبر المؤسسات الإخبارية المشروعة والصحفيين الموثوقين، الذين يحاولون إيصال الحقائق السياسية والاجتماعية والثقافية من الشرق الأوسط إلى الجمهور العالمي.

اقرأ أيضًا: 300 ألف جواز سفر من جزر القمر اشتراها الإيرانيون للالتفاف على العقوبات الدولية

ثانيًا: الترويج لسياسات محددة في بلدان أخرى، معادية لمصالح تلك الدول، بينما تستفيد طهران من توتير الأوضاع الإقليمية عبر الأخبار الزائفة.

ثالثًا: الترويج لروايات “إنسانية” زائفة بما يتناسب مع مصالح طهران، تبرر تدخلاتها في العديد من المناطق، مثل اليمن. هذا ينطوي على إظهار “الدور الإنساني” و”الشعبية العارمة” للنظام الإيراني، مقابل “التواطؤ الخليجي العربي” مع الدول الغربية.

 

كيف تنشر طهران الأخبار الزائفة؟

من أجل تعزيز الروايات المضللة، تستخدم الوكالات الإيرانية مختلف وسائل الإعلام الاجتماعية بلغات متعددة مثل الإنجليزية والعربية والإسبانية والفارسية. وتجدر الإشارة إلى أن إيران توظف إستراتيجية ذات شقين؛ فمن ناحية، تعمل على التلاعب بالروايات وتغيير تفاصيل الأخبار حسب اللغة والجمهور المستهدف، وبما يعزز السياسة الإيرانية العليا.

ومن ناحية ثانية، توظف أفرادًا للخوض في تفاصيل الأخبار ودعم الروايات المختلقة عبر حسابات وهمية، بما يدعم السلوكيات الإيرانية والمغامرات العسكرية من خلال تصويرها كـ”مهمات إنسانية”.

 

تاريخ طويل من الأخبار الزائفة

نشرت مجلة “فورين أفيرز” الأمريكية، في 24 آب/أغسطس، مقالة تحت عنوان “نبذة تاريخية حول الأخبار الإيرانية الزائفة” بقلم المحللة السياسية أرياني تابتاباي. وحسب الكاتبة، تشير جميع الدلائل إلى أن إيران تبذل جهودًا من أجل تشكيل “المشهد المعلوماتي المحلي” في العديد من بلدان العالم، بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية.

ومما لا شك فيه هو أن قيام “فيس بوك” و”تويتر” وغيرهما من المنصات بحذف المئات من الحسابات الإيرانية المشبوهة لم يكن صدفة، بل ارتبط بتحقيقات أفادت أن طهران قامت فعلًا بتنظيم حملات تضليل منظمة في الخارج. ووفقًا لشركة الأمن السيبراني (فاير آي)، عملت المجموعات الإيرانية على تقديم أنفسها كمنافذ إخبارية مستقلة، إلا أنها ارتبطت بشكل كامل بالإعلام الحكومي الإيراني. وقد جرى تصميم محتواها للدفع بقضايا وروايات تتماشى مع السياسة الخارجية الإيرانية، وتعزيز المواضيع المعادية للمملكة العربية السعودية.

وبحسب “أفيرز”، ينطوي التلاعب الإيراني بالأخبار على حذف أو تعديل الكلمات الفعلية لتصريحات المسؤولين، وإضافة كلمات أخرى تلقى رواجًا سهلًا لدى الجماهير الغربية. ويمكن القول بأن الإستراتيجية الإيرانية نجحت جزئيًا في الماضي، لأن الصحفيين الغربيين اعتمدوا سابقًا على المعلومات والترجمات المقدمة من قبل مستشاري الخامنئي، وساهموا في بث الرسائل الإيرانية عبر وسائل الإعلام بأشكالها كافة.

اقرأ أيضًا: دراسة جديدة: هكذا تحرك إيران وكلاءها في المنطقة العربية

لقد ظهرت العديد من المنظمات الإيرانية كـ”وسيط معلومات”، مثل وزارة الاستخبارات والأمن، التي لعبت دورًا رئيسًا في تأطير وتنفيذ حملات الرسائل الخاصة بالنظام. كما أن الحرس الثوري الإيراني شكل وحدة خاصة تسيطر بشكل غير مباشر على العديد من وسائل الإعلام، بما فيها وكالة فارس للأنباء، ووكالة تسنيم المتشددة.

في الحقيقة، استخدم الحرس الثوري هاتين الوسيلتين لنشر أخبار زائفة ضد كل من يعارض سياسات النظام، داخليًا وخارجيًا، وفي الوقت ذاته، استخدم قناة “برس تي في” الناطقة بالإنجليزية لجذب المشاهدين المتعاطفين من الغرب. ومن اللافت للانتباه أن جميع أخبار هذه المنافذ مزيفة بشكل جزئي أو كلي، ومع ذلك، تستضيف بعض المعلقين الأوروبيين والأمريكيين الذين يظهرون دعمًا لروايات طهران. ومن المثير للاهتمام أن إيران ربطت وجهات النظر المعادية للسعودية بآراء يسارية في الولايات المتحدة، مما جعل الجهود الإيرانية لتشكيل المشهد الإعلامي الأمريكي مختلفة عن مواقفها الرسمية.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة