الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
شيكات قطر المفتوحة: هكذا تشتري الدوحة الصحفيين والكتّاب
لماذا تشتريهم ثم توجههم؟

كيو بوست –
لا تنتهي “شيكات” قطر عند عقد صفقات تسلح من أجل شراء مواقف سياسية، أو عند شراء أصوات للمنافسة على رئاسة اليونسكو، أو حتى عند الرشاوى التي دفعتها من أجل الحصول على حق البث الحصري لمباريات كرة القدم لصالح “بي إن سبورت”، وتقديم الرشاوى من أجل استضافة المونديال؛ بل تخطتها لشراء أصوات صحفيين عرب وأجانب وكتّاب كبار، لدعم سياسات الدوحة الخارجية التخريبية ضد الدول العربية.
وظهرت بوادر تلك الإستراتيجية القطرية، في انقلاب الكثير من الكتاب والصحفيين، من انتقاد سياسة قطر في أحداث “الربيع العربي” المدمرة، إلى الثناء عليها وتمجيدها.
تغير رأي الكثير من الكتّاب جاء بعد انتقاداتهم الحادة للسياسة القطرية، مثلما حدث مع الصحفي الفرنسي في صحيفة “لوفيجارو” جورج مالبرنو، الذي شارك فيما سبق في فعاليات مناهضة للسياسة القطرية، وحذر مرارًا من النفوذ القطري بين المثقفين الفرنسيين، والفساد الذي يتسبب به المال القطري في فرنسا. وقد ألّف مالبرنو كتبًا بهذا الخصوص مثل كتاب “أمراؤنا الأعزاء جدًا”، الذي فضح تواطؤ الساسة الفرنسيون مع النظام القطري، عبر الهدايا والشيكات التي حصلوا عليها من السفارة القطرية في باريس.
كما أصدر الصحفي، مالبرنو، المختص بشؤون الشرق الأوسط، العديد من الكتب الأخرى التي ركزت على فضح التعامل القطري مع الإرهاب ودعم المنظمات المتشددة، مثل كتاب “قطر: سر الخزائن المغلقة”. وكانت مواقف جورج مالبرنو المعادية لقطر نتيجة لتجربة شخصية مر بها، فقد أصدر الكاتب مؤلَفًا بعنوان “ذاكرة الرهينة”، تحدث فيه عن تجربته عندما اتخذ كرهينة لدى جماعات إرهابية متطرفة عام 2004، وكشف في كتابه أن تلك الجماعات كانت مدعومة من قطر، وأنها هي التي توسطت لدفع الفدية”.
إلّا أن مالبرونو، وقع فيما حذر منه في كتبه ومؤلفاته -حسب مقولة نيتشه، الذي حذّر من “يقاتل الوحوش أن يصبح واحدًا منها- ففي 2017 كتب مقالة أيد فيها صفقات التسلّح التي تعقدها قطر مع فرنسا، وأشاد بالعائدات المادية التي تعود على فرنسا من تلك الصفقات، ثم توالت التغيرات في تناوله للعلاقات القطرية-الفرنسية، التي أيد دفئها، بعدما كان يحذر منها.
والأمر ذاته تكرر مع الصحفي نيكولا فاليز، الذي أبدع في تقاريره التي تندد بالنظام القطري، والفساد الرياضي الذي أثبته أكثر من مرة ضد ناصر الخليفي، بالإضافة لتركيزه الإنساني على قضية العمالة في قطر، لينقلب بعدها إلى الإشادة بالسياسة الداخلية لقطر، وصار من أشرس المهاجمين لمقاطعة قطر!
وعلى الرغم من عدم ثبوت منافع مادية تلقاها هؤلاء الكتّاب، إلّا أن الشكوك تتضح يومًا بعد يوم فيما يتعلق بقوة قطر في استخدام إمكانياتها المالية في شراء معارضين وسياسيين وإعلاميين، بما ينطبق عليه توصيف اللواء محمود خلف، حين قال إن قطر دولة عبارة عن “قناة تلفزيونية وقاعدة أمريكية ودفتر شيكات”!
ورفض الإعلامي اللبناني سالم زهران عرض الجزيرة لاستخدامه صوتًا ضد سوريا، وأظهر في إحدى المقابلات -على الهواء مباشرة- أحد الشيكات التي عرضتها عليه قناة الجزيرة، مقابل تماشيه مع سياسات القناة، في تنفيذ أجندة الدوحة الخارجية، ومطامعها في تفتيت الدول العربية الكبرى، عبر إثراء نزعات الحروب الأهلية فيها، وزعزعة استقرارها.
إمارة قطر، التي أسست قناة الجزيرة لتصبح مثل العاصمة المصرية القاهرة، في الستينيات، حسبما صرّح الإعلامي السابق في الجزيرة، يسري فودة، على لسان الأمير السابق حمد بن خليفة، تسعى إلى هدف طموح هو أن تتولى الدوحة إدارة الدول العربية الكبرى، بما لا يتوافق مع مساحتها وتاريخها ودورها.
وفي مقارنة بين العاصمة المصرية القاهرة فترة الستينيات، والدوحة اليوم، فإن القاهرة كانت محج زعماء دول العالم الثالث، الباحثين عن الاستقلال والتحرر، مدعومين بإذاعة “صوت العرب” التي توجه ثورات الشعوب ضد الاستعمار، بينما سلكت قناة الجزيرة في السنوات الاخيرة مسلكًا مغايرًا من الدور الوطني والقومي الذي لعبه صوت العرب من القاهرة؛ فالجزيرة، ومن خلال استخدامها للنخب الطموحة ذات المنافع الشخصية، وشرائها للمعارضين بالمال، وتمويلها لإعلاميين ثم توجيههم، جلبت أكثر من احتلال للدول العربية، كما ودعمت قناة الجزيرة وروجت للحروب الأهلية في تلك الدول.