الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

شكوك يونانية حول تجنيد تركيا مسلمي تراقيا

رئيس منتدى أئمة فرنسا: "أردوغان ونظامه قاما بالتوسع في استغلال الأقليات المسلمة من أجل تكوين لوبي داعم للتصرفات التركية، بما يمثل أداة ضغط في أوقات الأزمات من الداخل بالنسبة إلى الدول الأوروبية؛ خصوصاً مع دفع الشباب للانخراط في الحياة السياسية بأوروبا والانضمام إلى الأحزاب".

كيوبوست

يقول عدد من المراكز الإسلامية في أوروبا، إن المخابرات التركية تسعى لإثارة الاضطرابات في تراقيا شمال شرق اليونان، وإن تركيا تستغل مسلمي الإقليم؛ من ذوي الأصول التركية، لتنفيذ أجندتها.

وتدور شكوك حول إبراهيم شريف، الذي يتولى رئاسة ما يسمى المجلس الاستشاري للأقلية التركية في منطقة تراقيا، بالعمل مع القنصل التركي في تنفيذ أجندة المخابرات التركية. وظهر شريف مؤخراً ضمن فيلم وثائقي أعدته قناة “الجزيرة” في نسختها الإنجليزية، أظهر المسلمين في تراقيا وكأنهم مضطهدون بشكل يجعلهم خائفين من إظهار هويتهم، في وقتٍ وجهت فيه انتقادات حادة إلى طريقة تصوير الفيلم واقتصاره على شخصيات محددة ودون عرض كامل الحقائق ورصد تنوع الآراء؛ الأمر الذي فسرته الصحف اليونانية باعتباره جزءاً من دعم قطر للنظام التركي وسلوكياته التي تقوِّض الاستقرار في المنطقة.

مشهد من الفيلم الوثائقي على شاشة الجزيرة

مسلمو تراقيا ليسوا جميعاً أتراك

وحسب صحيفة “جريك سيتي تايمز” اليونانية، فإن تراقيا الغربية بها 150 ألف مسلم؛ لكن جميعهم ليسوا من أصول تركية، مشيرةً إلى أنه حسب إحصائية قدمتها الحكومة اليونانية عام 1999، فإن نصف المسلمين بتراقيا فقط كانوا أتراكاً.

 شاهد: فيديوغراف.. قناة “الجزيرة” تخدم أجندة تركيا التخريبية في اليونان

الأب الدكتور أثناسيوس حنين

يفسر الأب الدكتور أثناسيوس حنين، راعي دير القديس نيكتاريوس العجايبي بأثينا، تعيين المفتي من قِبَل الحكومة اليونانية، وتبعيته إلى وزارة التعليم والأديان، لسعي الحكومة لأن يكون الأمر يونانياً خالصاً؛ بحيث لا يُعين من تركيا ولا يتلقى تعليمات من القنصل التركي؛ إذ يتم انتخابه بشكل ديمقراطي من عقلاء اليونانيين المسلمين، بحيث يتمتع بخصال الشخص الذي يبحث عن الاندماج والولاء لليونان، وليس الانعزال والتآمر لصالح الأتراك.

أدوار مشبوهة للقنصلية التركية

يؤكد حنين أن القنصلية التركية في تراقيا تمارس التفرقة والعنصرية تجاه الأقلية المسلمة غير التركية، وهو دور يشرف عليه القنصل التركي شخصياً؛ ما تسبب في وجود مطالبات بإغلاق القنصلية التي تقوم بأدوار مشبوهة، مرجعاً إثارة تركيا قضية الأقلية المسلمة لتكون بمثابة “مسمار جحا” الذي يتم إظهاره عندما تكون هناك أغراض سياسية.

وتقول تركيا إن هناك استهدافاً لمسلمي تراقيا تمثل في إغلاق مدارسهم، وهو ما نفته صحيفة “جريك سيتي تايمز” اليونانية، والتي أكدت أن القرار جاء كجزء من خطة إغلاق شملت مدارس عديدة ضمن خطة التقشف الاقتصادي التي نفذتها أثينا لتجاوز الأزمة الاقتصادية، مع عدم تضرر التلاميذ بنقلهم إلى مدارس أخرى على نفقة الحكومة.

وتواجه عملية بناء المساجد في اليونان ضغوطاً من عدة أطراف؛ في مقدمتها الكنيسة الأرثوذكسية التي تخشى من تحول المساجد لتكون بيئة للمدارس الجهادية والأصولية المتطرفة؛ وهو الأمر الذي تسبب في تعطيل استصدار قرارات لبناء مساجد، حيث اعترض المطران سيرافيم، مطران ضاحية يبريوس، على بناء أول مسجد في أثينا قبل 8 سنوات؛ وهو المسجد الذي تأخر افتتاحه عدة سنوات.

 اقرأ أيضًا: ماكرون يدق ناقوس الخطر في وجه التهديد التركي داخل فرنسا

الأقلية المسلمة في تراقيا

إثارة القضية في الوقت الحالي جزء من محاولات تركية لطمس ما تبقى من حضارة غربية أرستقراطية أرادوا تبديلها على الأرض؛ خصوصاً مع الإصرار التركي على التعامل مع الأقلية المسلمة في تراقيا الغربية باعتبارها أتراكاً فحسب، وفقاً لتعليق الأب الدكتور أثناسيوس حنين، راعي دير القديس نيكتاريوس العجايبي بأثينا، في حديث إلى “كيوبوست”.

وأضاف حنين أن الأتراك يحاولون تصوير الأمر كأن اليونان ألغت هوية المسلمين المهاجرين إليها على الرغم من سعيها إلى دمجهم، وإلغاء التسمية التركية بما تعنيه من تفريق وعنصرية؛ فهم يونانيون مسلمون وتعمل الدولة على دمجهم بشكل طبيعي، وفقاً للمبادئ الديمقراطية المتبعة في البلاد.

وأشار راعي دير القديس نيكتاريوس العجايبي بأثينا إلى أن سياسة الديمقراطية التي تتعامل بها اليونان مع إقليم تراقيا، والأقلية المسلمة الموجودة فيه، جعلت هناك برلمانيين، وأساتذة جامعيين، وأصحاب مؤسسات سياحية، من دون أن يتعرضوا إلى مضايقات أو تمييز سلبي ضدهم.

تركيا تستغل الدين لخدمة مصالحها

رئيس منتدى أئمة فرنسا الإمام حسن شلغومي

جزء من السياسة التركية قائمٌ على استغلال الدين الإسلامي بما يخدم مصالحها في أوروبا، حسب رئيس منتدى أئمة فرنسا الإمام حسن شلغومي، الذي يقول في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن أردوغان ونظامه قاما بالتوسع في استغلال الأقليات المسلمة؛ من أجل تكوين لوبي داعم للتصرفات التركية، بما يمثل أداة ضغط في أوقات الأزمات من الداخل بالنسبة إلى الدول الأوروبية؛ خصوصاً مع دفع الشباب للانخراط في الحياة السياسية بأوروبا والانضمام إلى الأحزاب”.

حسب رئيس منتدى أئمة فرنسا، فإن تركيا تقوم بتعزيز الانعزال للمسلمين ذوي الأصول التركية؛ فعادة ما يعيشون بمفردهم، ودون احتكاك بباقي الجاليات الموجودة، وحتى في الجمعيات الخيرية التي يقومون بالتردد عليها تقتصر عليهم، مشيراً إلى أن تركيا أنفقت على هذا الأمر مالياً بشكل كبير تمثل في عدة مراكز بمختلف أنحاء أوروبا؛ من بينها مركز الديانات في بروكسل.

اقرأ أيضًا: كيف يخترق أردوغان الجالية التركية في فرنسا؟

أردوغان يخلق فتنة بين الأتراك والأكراد

وأكد شلغومي أن السياسات التركية المتبعة من نظام أردوغان تسببت في خلق الفتنة بين الأتراك والأكراد؛ الأمر الذي تسبب في الوصول بالصدامات أحياناً إلى الاشتباك وتدخل الشرطة كما حدث في ألمانيا مؤخراً، مشيراً إلى أن التبعية للفكر الإخواني المسيطرة على التصرفات التركية تسيء بشكل واضح إلى الدين الإسلامي.

وحمَّل رئيس منتدى أئمة فرنسا التصرفات التركية مسؤولية تأجيج الكراهية من الأوروبيين تجاه المسلمين بسبب أساليبهم “القذرة”، والتي أدت إلى نظرة سلبية للمحجبات بشكل خاص والمسلمين بشكل عام.

اقرأ أيضًا: أصابع قطر والإخوان المسلمين تطبع الانتخابات البلدية في فرنسا

وقال موقع “عين أوروبية على التطرف”، في مقالة نشرها أمس الثلاثاء:  “إن نظرة أردوغان العالمية المجافية للتاريخ والمثيرة للانقسام التي يدعمها النظام التركي تعتبر الهوية شيئاً ينتقل عبر العرق، وهي في هذا النهج قصير النظر، لا ترى أن هذا هو بالضبط ما حاولت أوروبا تجنبه بعد إراقة الدماء الوحشية في الحرب العالمية الثانية التي وقعت، وفقاً للنظرة الأوروبية، بسبب الصراعات العرقية”.

وتابع الموقع: “إن تأثير الرواية التركية -التي تدعو الأقليات المسلمة التركية بأن تكون هويتها وولاؤها في المقام الأول للوطن الأم التركي والدولة التركية- يهدف في النهاية إلى إبعاد هؤلاء السكان عن الانتماء إلى الدول التي يقيمون فيها حالياً. وهذا دليل آخر على عدم التوافق بين رؤية أردوغان والقيم الأوروبية، التي تسمح بتعدد الهويات والمصالح، ومن ثمَّ تقود لاستقرار منطقة البحر الأبيض المتوسط. إن محاولة أنقرة إضعاف اليونان عبر تأجيج الانقسامات الاجتماعية والسياسية الداخلية لا ينبغي أن تكون مفاجأة. ولا شك أن التخلص من خصم استراتيجي رئيسٍ من رقعة الشطرنج أمر منطقي تماماً من وجهة نظر أنقرة، وإذا تمكنت من القيام بذلك من خلال الدعاية والحرب السياسية، بمساعدة من حليفتها القطرية، فهذا أسهل بكثير من الحرب”.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة