الواجهة الرئيسيةشؤون دوليةشؤون عربية

شكوك حول مسؤولية أسلحة “حزب الله” عن انفجار مرفأ بيروت

وزير الداخلية اللبناني يرفض إجراء تحقيق دولي في الحادث.. ورؤساء الحكومات السابقون يطالبون بمحققين من الجامعة العربية أو الأمم المتحدة

كيوبوست

على الرغم من أن التحقيقات الأولية التي تجريها السلطات اللبنانية في حادث انفجار مرفأ بيروت، أول من أمس، تشير إلى أن الإهمال هو السبب الرئيسي الذي أدى إلى انفجار قرابة 2750 طناً من نترات الأمونيوم كانت مخزنة منذ 6 سنوات في عنبر 12 بالميناء؛ فإن شكوكاً تُثار حول دور “حزب الله” ومسؤوليته عن استمرار تخزين هذه الكمية الكبيرة من المواد الخطرة في مرفأ بيروت منذ 2014 وحتى اليوم؛ خصوصاً أن المرفأ من المواقع التي يسيطر عليها ويديرها الحزب منذ سنوات.

آثار التدمير نتيجة الانفجار في بيروت – وكالات

انفجار يؤجل الصدام

واهتمت التحليلات في الصحف الإسرائيلية بالمساعدات التي عرضتها تل أبيب على بيروت، ولم تلقَ رداً حتى الآن من الحكومة اللبنانية، بينما ركزت تحليلات عديدة على تأثير الانفجار على “حزب الله” بشكل رئيسي خلال الفترة المقبلة؛ فتحدثت “تايمز أوف إسرائيل” عن احتمالية تسبب الحادث في تخلِّي “حزب الله” أو على الأقل تأجيله أي انتقام من إسرائيل، خصوصاً بعد أن أصبح لبنان على حافة الهاوية؛ بسبب الانفجار المدمر الذي يستحيل التنبؤ بتداعياته على المدى الطويل.

اقرأ أيضًا: نكبة بيروت.. ربع مليون مشرد ومئات المفقودين

وتطرقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” إلى التحديات التي تواجه “حزب الله” بعد التفجير وعدم قدرته على استفزاز إسرائيل مجدداً، على الأقل خلال الفترة الحالية؛ خصوصاً في ظل اضطراره إلى قبول شروط الدول الغربية في ما يتعلق بالمساعدات، من أجل إنقاذ لبنان، مشيرة إلى أن تداعيات الانفجار قد تدفع إلى المطالبة بنزع الأسلحة التي يمتلكها الحزب من بعض المناطق المدنية التي يوجد فيها لحمايتها من هجوم إسرائيلي محتمل.

خسائر كبيرة طالت السيارات – وكالات

وحذَّرت الصحيفة من احتمالية إرسال إيران بعض المكونات اللازمة لخطوط إنتاج الصواريخ التي يصعب توفيرها عبر سوريا في المساعدات التي ستصل إلى لبنان جواً وبحراً، مشيرةً إلى أن تصريحات ترامب الأولى بأن الانفجار نتج عن هجوم أو قنبلة من نوع ما ألقى باللوم على إسرائيل، وقوّض تصريحات الحكومة الإسرائيلية التي كانت عكس ذلك بشكل حاسم، ومن ثمَّ تسبب ترامب بضررٍ بالغ لإسرائيل بسبب بيانه “المتسرع”، علماً بأن وزير الدفاع الأمريكي مارك إسبر، أعلن، أمس، اعتقاده بأن الانفجار كان حادثاً بعكس تصريحات ترامب قبلها بيوم واحد فقط.

وذهبت تحليلات نشرت في “هآرتس” إلى نفس الأمر تقريباً؛ خصوصاً في ما يتعلق باستعداد “حزب الله” فور تلاشي آثار الانفجار إلى استئناف الخلاف مع إسرائيل على الحدود؛ خصوصاً أن أساس وجود الحزب هو مواجهة إسرائيل.

اقرأ أيضًا: هل تستطيع حكومة “حزب الله” إنقاذ الاقتصاد اللبناني من الانهيار؟

“حزب الله” ونترات الأمونيوم

دعمت شكوك تبعية الشحنة إلى “حزب الله” واحتفاظه بها في الميناء لصالح أعماله العسكرية، الخلفيات السابقة عن قيام أعضاء تابعين لـ”حزب الله” بحيازة كميات من نترات الأمونيوم؛ لاستخدامها في أعمال إرهابية، حيث سبق أن ضبط منها مئات الكيلوجرامات في مخزن بجنوب ألمانيا بداية العام الحالي، بالإضافة إلى ضبط كميات منها بحوزة أعضاء في الحزب عام 2015 في بريطانيا قبيل استخدامها في أعمال تخريبية.

دمر مرفأ بيروت بشكل شبه كامل – وكالات

وفي العام نفسه، ضبطت السلطات في الكويت وقبرص أشخاصاً تابعين للحزب وبحوزتهم كميات من نترات الأمونيوم مع مواد متفجرة أخرى؛ حيث نجحت السلطات في البلدين في تفكيك الخلايا التي كان يُعتقد تخطيطها لتنفيذ عمليات إرهابية، بينما عزز هذه الشكوك مقطع فيديو تم تداوله على نطاق واسع بين اللبنانيين بمواقع التواصل الاجتماعي، يتحدث فيه الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، عن تهديد إسرائيل باستخدام نترات الأمونيوم عبر استهدافها بصاروخ بعد إرسالها إلى ميناء حيفا؛ مما يؤدي إلى مقتل الآلاف على الفور.

تسبب الحادث في تشريد 300 الف شخص – وكالات

انتظار التحقيقات

زياد بارود

يؤكد وزير الداخلية اللبناني الأسبق والمحامي زياد بارود، في تعليق لـ”كيوبوست”، أن استباق نتائج التحقيقات لن يكون مجدياً؛ خصوصاً أن الحكومة اللبنانية وضعت سقفاً زمنياً محدداً بـ5 أيام؛ من أجل كشف الحقائق للرأي العام، مشيراً إلى أن أزمة الثقة الموجودة عند اللبنانيين في الحكومة سيكون وضعها مختلفاً هذه المرة بشكل جذري؛ لأن الضرر واسع وطال الجميع.

وأضاف بارود أن هناك مراقبة من الناس والإعلام للتحقيق وبشكل دقيق، وليس بإمكان أي شخص أن يحاول “تمويع” الموضوع أو التذاكي، فكشف الحقيقة سيكون واجباً لا مفر منه، وإلا سيقابل الأمر بغضب شعبي، مؤكداً ضرورة أن يذهب التحقيق إلى أبعد مدى في ما يتعلق بتحميل المسؤولية للأشخاص والمسؤولين ذوي الصلة.

التحقيق الدولي

تعرضت الآف المحلات للتدمير

وكان مجلس الوزراء اللبناني قد أعلن تولي الجيش تسيير مهام العاصمة بيروت خلال فترة فرض حالة الطوارئ المستمرة لمدة أسبوعين، والحفاظ على مسرح الجريمة لمنع طمس الأدلة، بينما أكد وزير الداخلية رفضه إجراء تحقيق دولي في الحادث، متعهداً بأن يكون التحقيق شفافاً لمحاسبة المسؤولين، وهو عكس ما صرحت به وزيرة الإعلام اللبنانية منال عبدالصمد، بعدم الممانعة في تحقيق دولي بعد موافقة مجلس النواب.

يفرِّق وزير الداخلية اللبناني الأسبق زياد بارود، لـ”كيوبوست”، ما بين المساعدة الدولية التي يمكن أن يحصل عليها لبنان في التحقيق، والتي قد تكون مرتبطة بجانب علمي عبر الاستعانة بخبرات محددة، وبين التحقيق الدولي الذي يستوجب قراراً من مجلس الوزراء وموافقة مجلس النواب قبل البدء فيه؛ خصوصاً أن الموافقة عليه تعني تعليق العمل ببعض القوانين المحلية لصالح القانون الدولي.

وأكد بارود أن هناك ثقة في الجيش اللبناني الذي يتعامل مع الأمر الآن بموجب حالة الطوارئ المفروضة، والتي تسمح للقضاء العسكري أيضاً بمحاسبة المقصرين ومن تثبت إدانتهم، مؤكداً أن التحقيق إذ لم يؤدِّ إلى نتائج مرضية سيكون هناك أحاديث أخرى.

تقدر الخسائر بأكثر من 10 مليار دولار – وكالات

وكان رؤساء الحكومات اللبنانية السابقون سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام ونجيب ميقاتي، قد طالبوا الأمم المتحدة أو الجامعة العربية بتشكيل لجنة قانونية تتميز بالنزاهة؛ لكشف الحقيقة في ما حدث، مؤكدين ضرورة عدم طمس موقع الحادث.

فادي عاكوم

ويرى الكاتب الصحفي اللبناني فادي عاكوم، أن الحكومة الحالية من المستحيل أن تقوم بأي تحقيق جدي يُدين “حزب الله” المسؤول الأول عما حدث؛ لكونها حكومة من تشكيل الحزب، مشيراً إلى أن الأمر لن يتجاوز تحميل المسؤولية لموظفين بدرجاتٍ متفاوتة باعتبارهم المسؤولين عما حدث.

وأكد عاكوم أن الحكومة الحالية لديها رغبة في إنهاء الملف بأسرع وقت وتحميل أشخاص دون غيرهم المسؤولية؛ الأمر الذي ظهر بوضوح بتحديد الأيام الخمسة لتحديد المسؤوليات عما حدث، وهو أمر شبه مستحيل في ظل ضخامة الفاجعة التي حدثت، مشدداً على أن وجود تحقيق دولي سيكون الضمانة الوحيدة لتقديم المتهمين الحقيقيين للقضاء.

صدم المواطنون بعد مشاهدة آثار الانفجار – وكالات

تساؤلات بلا إجابات

يشير عاكوم إلى أن ثمة تساؤلات لا تجد لها إجابة حتى اليوم، مرتبطة بالجهة التي كان يفترض أن تتسلم شحنة النترات في موزمبيق، ولماذا لم تقُم السلطات اللبنانية بمخاطبة الإنتربول بشأنها وملاحقتها، واكتفت بتخزينها طوال الفترة الماضية في الميناء من دون أن يكون هناك أي إجراء لتأمينها.

وأضاف الكاتب الصحفي اللبناني أن المعلومات عن كمية النترات المخزنة معلومة ومعلنة منذ سنوات؛ لكن انفجارها بهذه الطريقة يقول إن هناك مخزن أسلحة أدى إلى تفجيرها، فهي لا تنفجر بمفردها، مشيراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، تحدث عن هذا الموقع أمام الأمم المتحدة في 2018 باعتباره من المواقع التي تضم صواريخ تابعة لـ”حزب الله”؛ الأمر الذي يطرح تساؤلات عن طبيعة ما كان بجوارها وقت الانفجار، ومدى علم السلطات الأمنية به.

 اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة