الواجهة الرئيسيةشؤون عربية

شكوك حول دور تركي في تسلل فلول داعش لحدود الجزائر الجنوبية

بعد أن فشلت تركيا في الشرق، تتجه إلى الغرب

كيو بوست – 

من جديد، عادت وزارة الداخلية الجزائرية تقرع أجراس الخطر، إثر بوادر عن مؤامرة إقليمية كبرى تُحاك ضد البلاد من خلال حدودها الجنوبية مع دولتي النيجر ومالي.

وأفاد المدير المكلّف بملف الهجرة بوزارة الداخلية، حسين قاسمي، في تصريح لوسيلة إعلام محلية، بأن الإرهابيين القادمين من مناطق الحروب الأهلية كالعراق وسوريا يحاولون اختراق حدودها الجنوبية باستعمال جوازات سفر سودانية مزورة.

وحدد قاسمي طبيعة المشتبه بهم، نافيًا في الوقت ذاته أن يكونوا “لاجئين”، وأكد أنهم “جهاديون” قادمون من منطقة “حلب” السورية، وتابعون لما يُسمى “الجيش الحر” الذي يُعتبر الذراع العسكرية لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا، المتهم منذ 2012 بارتكاب جرائم اختطاف وتعذيب وإعدام، بحسب منظمة هيومن رايتس ووتش.

اقرأ أيضًا: مع استمرار أزمتها الاقتصادية: تركيا تتغلغل في إفريقيا

ولكن تحذيرات قاسمي ألمحت إلى الدور التركي في عملية دفع أولئك الإرهابيين للتسلل إلى التراب الوطني الجزائري، عندما أكد في مداخلته الإعلامية أن عناصر الجيش الحر لهم انتماءات لمنظمات متطرفة وإرهابية، وتم دعمهم من دول إقليمية، فبعد تحرير حلب منهم “سافروا إلى تركيا”، بحسب ما صرح به قاسمي.

 

من “جيش حر” إلى مرتزقة!

منذ تأسيس “الجيش الحر” في 29 يوليو/تموز 2011، بعد انشقاقات لجنود وضباط من الجيش السوري، ظهر “الحر” بمظهر التابع والموالي لجماعة الإخوان المسلمين السورية، التي تقيم معظم قياداتها في تركيا. وعلى الرغم من محاولة “الحر” طرح نفسه كجيش وطني مستقل، إلّا أنه بدأ يتلاشى في السنوات الأخيرة، بعدما توقف عنه الدعم المالي القطري، بسبب انشغال قطر بأزمتها الخليجية، وتوقف الدعم التركي أيضًا بسبب التفاهمات التركية – الروسية، التي كانت الجماعات المسلحة -بما فيها الجيش الحر- أول ضحاياها.

ولكن عقائديًا، غلبت على الجيش الحر الصبغة الطائفية، وفشلت محاولاته لتقديم نفسه على أنه مستقل ومنضبط، بسبب الغلو الذي أظهرته بعض قياداته وكتائبه التي اتخذت لنفسها أسماءً طائفية، وأظهرت ممارساتها على الأرض استهجانًا حتى بين المدنيين في المناطق التي سيطر عليها.

اقرأ أيضًا: كيف أصبح الاختطاف أداة السياسة الخارجية التركية في عهد إردوغان؟

وكان تحرير مدينة حلب من الجيش الحر وباقي التنظيمات الإرهابية في ديسمبر/كانون الأول 2016، على يد الجيش السوري، الضربة القاسمة التي أصابت التنظيمات المتشددة، إذ هاجر مقاتلو الحر إلى مناطق إدلب، وبعضهم سافر إلى تركيا، ثم قاتلوا في مقدمة الجيش التركي عند احتلال مدينة عفرين السورية في عملية “غصن الزيتون”، استنادًا إلى فتاوى وتأييد من جماعة الإخوان المسلمين، التي أسمتهم بـ”المجاهدين” في صفوف الجيش التركي، بينما تم وصفهم من معظم الشعب السوري بـ”المرتزقة” الذين يقاتلون ضد وطنهم في صفوف جيش أجنبي جاء لاحتلال أجزاء من سوريا.

القوة الناعمة والصلبة في استهداف تركيا للجزائر

اتجهت تركيا إلى شمال إفريقيا، بعد أن عجزت عن اختراق بلاد الشام والجزيرة العربية، حيث انتهى ما سمي بـ”الربيع العربي” على حدود دمشق، ثم تدحرجت النتائج بشكل عكسي في مصر وليبيا وتونس، مع تقلص دور الجماعات الجهادية المتطرفة الموالية للإخوان المسلمين، وبالتالي الموالية لتركيا على غرار الجيش الحر.

ولذلك، لم يكن الأمر محض صدفة أن ينتقل الضغط التركي بعد الفشل في سوريا والانتصار النسبي للنظام فيها، إلى شمال إفريقيا ووسطها، وأيضًا لم يكن صدفة افتتاح تركيا لعشرات الفضائيات التي تبث من أراضيها للتحريض على دول شمال إفريقيا وجيوشها الوطنية (تونس وليبيا ومصر)، لمحاولة أن تسيطر على الوطن العربي من جهة الغرب، بعد أن فشلت في مد نفوذها من الشرق.

واستعملت تركيا لتحقيق أطماعها في شمال إفريقيا فلول الجماعات الإرهابية التي قاتلت وهُزمت في سوريا، إذ قامت بعمليات تسفير معاكسة للإرهابيين، من سوريا إلى شمال إفريقيا، مما زاد من وتيرة الإرهاب في مصر وتونس وليبيا، إضافة لسفن محملة بالأسلحة جرى إيقافها في موانىء ليبيا، ومحاولات اختراق مستمرة للجزائر، بما تشكله الأخيرة من حلم للإرهابيين، بداية من “العشرية السوداء”، التي كانت أول الاختبارات الفاشلة لوصول الإرهابيين إلى الحكم.

اقرأ أيضًا: هذه هي “أمجاد” الدولة العثمانية التي يريد إردوغان استعادتها!

وفي الوقت ذاته، تنشط القوة التركية الناعمة للتدخل في الشأن الداخلي الجزائري، من خلال المساجد، بترميمها وافتتاحها، من أجل استخدام العامل الديني لإعادة الاستعمار العثماني التركي تحت مسمى “الخلافة”.

وفي الوقت الذي تحاول فيه سوريا استعادة عافيتها من الإرهاب، لم يكن مصادفة أن يطالب قيادات من الإخوان المسلمين (حركة النهضة) في تونس بالسماح لآلاف الإرهابيين التونسيين الذين سافروا إلى سوريا “للجهاد” بالعودة إلى البلاد. وفي الوقت ذاته، ينشط الإرهاب الداعشي على الحدود الجزائرية – التونسية، خصوصًا في منطقة “صفاقس” وجبالها التي تحوي عناصر موالين لداعش، قُتل بعضهم الشهر الفائت.

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة