الواجهة الرئيسيةشؤون دولية

شركة تركية خاصة لتنفيذ العمليات في الخارج.. مرحلة جديدة من التحايل على القانون الدولي

الهدف المعلن من التوجه إلى إنشاء شركة خاصة للقتال مقابل الأموال هو التدخل في ليبيا تنفيذًا للاتفاقية الأمنية الموقعة مع حكومة السراج بديلًا عن الجيش التركي لتجنب الصدام الخارجي مع دول العالم ومع البرلمان في الداخل

كيوبوست

كشف موقع “نورديك مونيتور” السويدي، عن تصريحات للمستشار العسكري للرئيس التركي، عدنان تانريفدي، الذي تحدث عن ضرورة أن تقوم تركيا بتأسيس شركة عسكرية خاصة للمساعدة في تدريب الجنود الأجانب، مشيرًا إلى أنه يمكن إرسال المقاتلين المتعاقدين إلى ليبيا بموجب مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة الوفاق.

وعلى الرغم من انتقاد أردوغان علنًا لشركة “فاجنر” الروسية، قبل أيام؛ فإن مستشاره العسكري أكد حاجة تركيا إلى شركة خاصة مماثلة لها؛ لتكون أداة جديدة بالسياسة الخارجية لتركيا، بحيث يمكن إرسال القوات إلى الخارج؛ وهي وسيلة أيضًا يمكن استخدامها لتجاوز أية اتفاقيات دولية، معتبرًا أن هذا الأمر سيكون مفيدًا لتركيا وبديلًا عن إرسال ضباط وجنود الجيش الأتراك.

جلسة سابقة للبرلمان التركي – رويترز

لكن المشرع التركي والسفير الأسبق لدى إيطاليا إيدين عدنان، اتهم الحكومة بالبحث عن طريقة لنقل الإرهابيين من إدلب السورية إلى ليبيا، معتبرًا أن مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة السراج جاءت كمحاولة لتجاوز السلطة التشريعية وإرسال قوات إلى الخارج من دون موافقتها، فضلًا عن دورها لإخلاء الطريق أمام شركة “سادت” لتنفيذ هذه المهمة، وهي الشركة التي يمتلكها تانريفدي، ويعتقد أنها قوة شبة عسكرية موالية للرئيس التركي.

اقرأ أيضًا: تركيا ترحِّل الإرهابيين الأجانب إلى أوروبا

ويأتي الحديث عن إنشاء هذه الشركة بعد أسابيع من تحليل نشرته صحيفة “واشنطن بوست“، تحدثت فيه عن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، حول قيام بعض الدول بالقضاء على الإرهابيين الذين تعتبرهم تهديدًا لأمنها القومي أينما وجدوا، وهو ما يعني أن على هذه الدول أن تقبل لتركيا نفس الحق، وذلك في أعقاب تنفيذ الولايات المتحدة استهداف زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي، في سوريا.

اقرأ أيضًا: أقارب أردوغان يخططون السياسة الخارجية لتركيا

حيث جاءت هذه التصريحات وسط تكهنات واسعة بأن أنقرة تخطط لتنفيذ عمليات اغتيال للمعارضين في الخارج، وربما قد تكون نفذت بعض هذه العمليات بالفعل، والتي كان أشهرها واقعة اغتيال ثلاث كرديات في باريس عام 2013، وهي الحادثة التي يتم تفسيرها على نطاق واسع بأن مَن قام بتنفيذها هو جناح داخل الدولة التركية لتخريب مفاوضات السلام التي كانت تجري بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني؛ لكن هذا التفسير ليس السيناريو الوحيد حتى الآن مع إعادة الشرطة الفرنسية التحقيق في الواقعة.

وقبل عامين في ألمانيا، نقلت معلومات عن وصول فرقة مؤلفة من ثلاثة أفراد إلى الأراضي الألمانية لاستهداف مواطنين أتراك معارضين؛ حيث جرى تعزيز الحماية على بعض الشخصيات التركية المقيمة هناك، بينما اعترفت الحكومة التركية بإعادة 80 شخصًا مؤيدًا لعبدالله غلون، الذي تتهمه تركيا بدعم الانقلاب الفاشل في 2016، إلى البلاد من 18 دولة حول العالم.

اقرأ أيضًا: هل تستطيع ألمانيا منع تحوُّل ليبيا إلى سوريا جديدة؟

الدكتور إبراهيم مسلم، الباحث والأكاديمي السوري المقيم في باريس، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن تركيا تريد العمل بهذه الطريقة؛ من أجل إيجاد مبرر قانوني لهذه المسألة أمام المجتمع الدولي، وهو إطار شكلي فقط ليس إلا؛ فالتدخل في ليبيا مختلف بشكل كامل عن التدخل في سوريا، نظرًا لبُعد المسافة، وفضلًا عما يعانيه حزب العدالة والتنمية من تشققات حدثت خلال الفترة الماضية وستنعكس نتائجها في الانتخابات التركية المقبلة”.

الدكتور إبراهيم مسلم

وأضاف مسلم أن العناصر موجودة بالفعل والراتب يصل إلى ألفَي دولار، وهذه الفرص تم الإعلان عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بشكل واسع، مشيرًا إلى أن هناك أخبارًا عن وصول بعض عناصر الجيش إلى ليبيا؛ لكنها تظل أنباء غير مؤكدة بشكل كامل.

ولفت الباحث والأكاديمي السوري إلى أن هناك محاولة تركية لاستغلال الوضع السوري وإرسال المقاتلين إلى ليبيا وإغرائهم بالأموال؛ خصوصًا أن هذه الأموال المدفوعة للمقاتلين ستكون أقل بكثير من كلفة إرسال الجيش بشكل مباشر، فضلًا عما يوفره إرسالهم من قدرة في التغلب على عدم الموافقة المتوقعة من البرلمان لإرسال عناصر خارج البلاد.

اقرأ أيضًا: اتفاق السراج- أردوغان.. دعم للميليشيات الإرهابية المسلحة!

وتابع مسلم بأن تركيا يمكنها تنفيذ عمليات اغتيال لمعارضيها عبر هذه الشركات بشكل مباشر؛ حتى لا تكون هناك مسؤولية على الدولة التركية، وهو نهج متبع بشكل واضح منذ فترة طويلة؛ فالجميع يعرف أن نجل أردوغان وصهره كانا متورطين في عمليات تجارة وشراء مباشر من تنظيم داعش؛ لكن لم يتحرك أحد ضد تركيا لأنهما فردان لا يمثلان الدولة.

اقرأ أيضًا: اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركي- الليبي يهدد شرعية حكومة السراج

المحلل السياسي الكردي المقيم في ألمانيا فايق ديلو، قال خلال تعليقه لـ”كيوبوست”: “إن القرار ليس غريبًا على نظام أردوغان الذي يسعى باستمرار للتحايل على المجتمع الدولي، واستخدام قنوات وأساليب غير شرعية”، مشيرًا إلى أن ما يسعى له عبر هذه الشركات هو محاولة استغلال الإرهابيين الموجودين في سوريا ونقلهم للقتال في ليبيا تحت غطاء هذه الشركة.

المحلل السياسي الكردي المقيم في ألمانيا فايق ديلو

وأضاف ديلو أن أردوغان يعرض على المقاتلين ألفَي دولار شهريًّا؛ للانتقال والقتال في ليبيا، وهذا الأمر حدث بعد التوغل التركي في الأراضي السورية، لافتًا إلى أن الحكومة التركية تحت مظلة أردوغان تقوم بأعمال عديدة غير مشروعة؛ في مقدمتها استخدام المساجد للأنشطة السياسية بأوروبا، وكذلك بعض المنظمات والجمعيات التركية التي تقوم بأنشطة مخالفة للتصاريح التي أُنشئت على أساسها.

اقرأ أيضًا: تركيا تبحث عن 18 مليار دولار في ليبيا

وأكد المحلل السياسي الكردي ضرورة وجود تحرك للمجتمع الدولي تجاه هذه التصرفات التركية؛ خصوصًا أن الإرهاب الذي تتم ممارسته يتجاوز حدود الدولة التركية ويمتد إلى خارجها ويؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، لافتًا إلى أن هناك اتساعًا للمعارضة في الداخل خلال الفترة الأخيرة.

اقرأ أيضًا: إدانة أممية لخرق تركيا قرارات الأمم المتحدة بشأن ليبيا

الباحث المتخصص في الشأن التركي بمركز الأهرام، كرم سعيد، قال في تعليق لـ”كيوبوست”: “إن شركة (سادت) قائمة بالفعل منذ سنوات، وكان يُسند إليها تنفيذ مهام معينة بالداخل التركي عندما كان الجيش التركي يتمتع بالاستقلالية؛ لكن في الوقت الحالي أصبح هناك بحث عن دور أكبر لها خلال الفترة المقبلة”، مشيرًا إلى أن تركيا ستلجأ إلى هذه الشركات وغيرها من الشركات التي سيتم تأسيسها بطابع مدني؛ لتنفيذ مهام سرية خارج الدولة، بحيث يكون تنسيق مهام هذه الشركات مع الأجهزة الأمنية والاستخباراتية.

الباحث في الشأن التركي كرم سعيد

وأضاف سعيد أن الوقت الحالي بمثابة بيئة خصبة لنمو مثل هذه الأفكار في الداخل التركي؛ بسبب وجود معارضة داخل البرلمان لإرسال قوات عسكرية تتورط في ليبيا، وتوسع حالة الرفض للقرارات المنفردة التي يتخذها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ومن ثَمَّ تضمن مثل هذه الشركات استمرار الدور التركي في ليبيا دون الدخول في مشكلات مع المجتمع الدولي باعتبار أن أفراد هذه الشركات لا يمثلون الدولة على عكس ضباط وجنود الجيش، وفي الوقت نفسه تكون هناك مساهمات عسكرية على الأرض لتنفيذ ما وعد به أردوغان، فايز السراج.

اقرأ أيضًا: تركيا تعبث بالقانون الدولي في غاز المتوسط

وتابع الباحث المتخصص في الشأن التركي بأنه وَفقًا للقانون التركي فإن هذه الشركات تنشأ كشركات مدنية للأمن والحراسة؛ لكن المهام الأخرى لها يفترض أن تبقى سرية، وأي تعاون بينها وبين الأجهزة الأمنية لا يتطلب موافقة البرلمان أو الحكومة، ولكن الأجهزة المتعاونة معها فحسب، والتي تقع تحت سيطرة أردوغان بشكل كامل.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة