شؤون عربية

شباب الجزائر يغامر بحياته في المتوسط بحثًا عن حياة أفضل

إحصائيات صادمة حول أعداد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين

كيو بوست – علي ياحي

يعيش الشارع الجزائري على وقع وقفات احتجاجية مصاحبة لمراسم تشييع جنائز شباب جزائريين في مقتبل العمر جرى العثور عليهم في البحر الأبيض المتوسط، بعد أن لاقوا حتفهم وهم يحاولون الهجرة إلى السواحل الأوروبية، بطرق غير شرعية عبر قوارب الصيد، في حراك وضع السلطات الجزائرية في حرج، خصوصًا مع ارتفاع حدة الانتقادات الموجهة لها من طرف الأحزاب والحقوقيين.

اقرأ أيضًا: 4 أسباب وراء رفض بعض الدول لميثاق الهجرة العالمي

وجاءت الوقفة الاحتجاجية لعائلات 10 شباب هاجروا نحو سواحل جزيرة سردينيا الإيطالية بطريقة غير شرعية، عثرت عليهم قوات خفر السواحل الإيطالية، بعد مسيرة الغضب التي شهدتها شوارع وسط العاصمة الجزائرية، تنديدًا بإهمال السلطات لملفي التشغيل والشباب، لتؤكد الغليان الذي بدأت تشحنه ظاهرة الهجرة غير الشرعية، خصوصًا أن التوتر جاء بعد سكوت الحكومة الجزائرية عن ملف الهجرة غير الشرعية، أمام حقيقة الأرقام الخطيرة المعلن عنها في الداخل والخارج، من جهات رسمية وإعلامية حول قوارب الموت.

وبحسب الإحصائيات التقديرية، يركب عشرات الجزائريين من مختلف الفئات الاجتماعية، بشكل يومي، قوارب الصيد البسيطة باتجاه سواحل أوروبا، التي توثقها مواقع التواصل الاجتماعي من خلال مشاهد درامية لشباب جزائريين بالغين وقصر وفتيات وعائلات، وحتى الرضع، وهم يشقون البحر المتوسط نحو أوروبا.

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، انتقدت الوضع الذي بات يعانيه الشباب، إذ قال رئيسها “الهواري قدور” في تصريح خاص إلى “كيو بوست”: “الأمور أصبحت خطيرة وتستدعي تحرك الجميع”، مشيرًا إلى أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية تكشف عن توسع الهوة بين الشباب والسلطات “التي لا تتعامل مع الظاهرة بسن تشريعات قانونية، ودون اتخاذ مقاربة توحي بالمعالجة السياسية والمجتمعية”.

“وعلى الرغم من محاولات الحكومة الجزائرية الترويج لجهودها لصالح الشباب في قطاعات التشغيل والتعليم والترفيه، إلا أن ما يحدث في الأسابيع الأخيرة مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية -التي ارتفعت حدتها واستفحلت بشكل لافت- أبطل كل خطابات السلطة وشعاراتها، وفضح كل سياساتها الترقيعية، وكشف عن واقع مرير لشباب من أعمار مختلفة اختاروا الإبحار عبر “قوارب الموت”، يضيف المتحدث الذي أكد أن “أسباب اختيار الشباب للانتحار وسط البحر الأبيض المتوسط، ترجع إلى عجز السلطات العمومية عن حل مشاكل قطاع واسع من الفئات الاجتماعية الهشة، التي تعاني من أزمات السكن، والشغل، وتفشي الفساد، والطبقية، والمحسوبية، بالإضافة إلى الإحساس بالظلم”.

اقرأ أيضًا: هجرة الجزائريين إلى إسبانيا: حلم الرفاهية يتحطم على أسوار بلاد الأندلس

وتابع: “إن إعلان الحكومة عن إجراءات تقشفية عقب انهيار أسعار النفط والغاز، وتراجعها عن دعم الفئات الهشة، ساهم في تشجيع الشباب على الهجرة… عدد المفقودين من المهاجرين الجزائريين الذين اختاروا الإبحار عبر قوارب الصيد، يفوق كثيرًا الأرقام التي يجري تداولها… في ظل غياب بيانات وإحصائيات رسمية”.

الهواري قدور

من جهته، أكد الحقوقي مصطفى بوشاشي، في تصريح إلى “كيو بوست”، أن السبب الحقيقي لارتفاع عدد الذين يختارون الهجرة غير الشرعية من الجزائريين، هو غياب أفق اقتصادي – اجتماعي في البلاد، مبرزًا أن رمي الشباب نفسه في عرض البحر من أجل البحث عن الكرامة، “يكشف مدى الإحباط الذي يعيشه هؤلاء، وأن الوضع الاقتصادي وكذا السياسي في الجزائر، أدى إلى اختناق المواطنين، في ظل دولة بترولية مداخيلها بلغت خلال الـ10 سنوات الأخيرة حوالي 1000 مليار دولار، ذهبت بين الاستيراد والاختلاسات، ولم يستفد الوطن ولا المواطنين منها شيئًا”، على حد وصفه.

مصطفى بوشاشي

وأوضح النائب البرلماني سليم سطارة، في حديث مع “كيو بوست”، أن “تفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، أو كما يطلق عليها “الحرقة” بين الشباب، سببه غياب مشروع اقتصادي من شأنه تحسين المستوى المعيشي لهؤلاء، إضافة إلى انهيار القدرة الشرائية للمواطنين، الذي دفع حتى بالعائلات إلى خيار الهجرة غير الشرعية، وبات الجميع يتابع صورًا وفيديوهات لعائلات بكاملها تركب قوارب الموت باتجاه أوروبا بحثًا عن الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، بعدما أصبح الأجر في الجزائر لا يضمن العيش الكريم للمواطنين”.

اقرأ أيضًا: إخوان الجزائر: تشتت وصراع من أجل المصالح والزعامة

وحمل النائب الحكومات المتعاقبة في الجزائر مسؤولية تفشي هذه الظاهرة بين الشباب، كرد فعل على الخطابات الاستفزازية والمتناقضة لبعض المسؤولين الجزائريين، مشيرًا إلى أن خروج شباب العاصمة في مسيرات احتجاج عن سكوت الحكومة بخصوص تفشي ظاهرة الهجرة غير الشرعية، يعتبر مؤشرًا خطيرًا.

بعض الإحصائيات

الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان تقول:

– عدد المهاجرين الجزائريين غير الشرعيين بلغ بين عام 2009 إلى غاية منتصف 2018 حوالي 26 ألف مهاجر أغلبهم دون الثلاثين.

– إحباط محاولات هجرة غير شرعية لـ3109 أشخاص، من بينهم 186 امرأة و840 قاصرًا، عبر البحر الأبيض المتوسط، في الفترة الممتدة بين 1 يناير/كانون الثاني و31 ديسمبر/كانون الأول 2017، استنادًا إلى إحصاءات قيادة حرس السواحل التابعة للقوات البحرية الجزائرية.

– يجني تجار البشر نحو 6 مليارات و800 مليون دولار سنويًا، ونحو 60 ألف دولار أسبوعيًا.

– يقدر سعر تذكرة الهجرة غير الشرعية بين ألف إلى 10 آلاف دولار أميركي.

– احتكار الثروة في يد فئة لا تتجاوز 10% من الأشخاص.

– ارتفاع نسبة البطالة بين أوساط الشباب لأكثر من 35%.

 

أما تقرير لجنة الشؤون الأوروبية بالبرلمان الفرنسي فيكشف أن عدد الجزائريين الذين عبروا الحدود البرية الأوروبية الشرقية، أي بين اليونان وبلغاريا وقبرص، بلغ 20 ألف شخص، بين عامي 2009 و2017.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة