الواجهة الرئيسيةترجماتتكنولوجياثقافة ومعرفة

“شات جي بي تي” يفتح جبهة جديدة في حروب الأخبار المزيفة

محركات "الذكاء الاصطناعي التوليدية" تحجب مصادر إجاباتها.. ما يوفِّر أرضية خصبة للمعلومات المضللة

كيوبوست- ترجمات

جيسيكا سيسيل♦

نشر موقع “تشاتام هاوس” مقالة لجيسيكا سيسيل، مؤسسة “مبادرة الأخبار الموثوقة”، تناولت فيها المخاطر الجديدة التي يمثلها ظهور أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة على صعيد الحرب ضد “الأخبار المزيفة”.

بداية، أشارت الكاتبة إلى أن إحدى المؤسسات التي اجتمعت لمكافحة الأخبار المزيفة هي “مبادرة الأخبار الموثوقة” (TNI)، التي أدارتها لمدة عامَين، وضمت تحالفاً يشمل مقدمي الأخبار الأكثر ثقة في العالم -مثل “بي بي سي” و”واشنطن بوست” ووكالة الأنباء الفرنسية وهيئة الإذاعة الكندية و”رويترز”- مع منصات التكنولوجيا الرئيسية؛ “فيسبوك” و”جوجل” و”مايكروسوفت” و”تويتر”.

اقرأ أيضًا: “نيويورك تايمز”: إيطاليا تحظر ChatGPT لمخاوف تتعلق بالخصوصية

تغيير قواعد اللعبة

وتقول سيسيل: “بمجرد أننا بدأنا نشعر بالتفاؤل المعتدل، طرأ طارئٌ جديد مربك. في نوفمبر 2022، أطلقت شركة (أوبن إيه آي) Chat GPT شات جي بي تي، وبعد فترة وجيزة أعلنت (مايكروسوفت) خططاً لربط محرك البحث الخاص بها بما يُسمى نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي. هذا يغيِّر قواعد اللعبة بالكامل. على الرغم من كل فرصه الهائلة الإيجابية -وهناك الكثير- فإن الذكاء الاصطناعي التوليدي يهدد بإرباك العديد من دفاعاتنا الحالية ضد الأخبار المزيفة”.

الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكِّن أجهزة الكمبيوتر من استخدام نماذج لغوية كبيرة، لاستخراج البيانات المتاحة لديه وإنتاج محتوى جديد منها. ستكون العواقب واسعة النطاق. في السابق، إذا سألت محرِّك بحث سؤالاً، فسيوفر مجموعة متنوعة من الروابط التي قد يكون بعضها مليئاً بالمعلومات المضللة، بينما قد يكون البعض الآخر دقيقاً. كان لديك خيار ما تصدقه من عدمه.

ولكن مع شات جي بي تي التوليدية الذكاء الاصطناعي، لا يقدم لك خياراً بل إجابة نهائية مكتملة. يمكن أن يكون هذا المحتوى صوراً أو صوتاً أو فيديو أو نصاً. هنا، المستخدم لا يقيِّم الروابط؛ بل يقوم الكمبيوتر بذلك. ثم يقدم إجابة قصيرة عن السؤال، تتضمن الحقائق الأساسية التي يقول الكمبيوتر إنها تدعم إجابته. ويقدم لك مصادر هذه المعلومات في أحسن الأحوال -بناء على الأدلة الحالية- كحواش.

هل يمكن لشات جي بي تي قراءة الأفكار؟

خطر “الهلوسة”

للوهلة الأولى، لدى المرء إجابة قائمة بذاتها تبدو جديرة بالثقة تماماً؛ ولكن في الحقيقة، ليس لدى القارئ أية فكرة عما إذا كان المصدر هو هيئة “بي بي سي” أو “كوي آنون”، الحركة التي يعتنق أصحابها نظرية المؤامرة، أو روبوتاً روسياً، ولا يقدم لك وجهات نظر بديلة. الخطر هو أن الإجابة قد تكون ما يُسمى “الهلوسة”: إجابة خاطئة تماماً.

في هذا الصدد، وجد نيكولاس دياكوبولوس، الأستاذ المساعد في دراسات الاتصالات وعلوم الكمبيوتر في جامعة نورث وسترن في إلينوي، أخطاء في سبعة من 15 استفساراً متعلقاً بأخبار طرحها على شات جي بي تي. هذا يطرح سؤالاً: بما أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتعلَّم من البيانات المتوفرة لديه، فهل يمكن أن يقدم لك معلومات مضللة، تدَّعي مثلاً أن لقاحات كوفيد أكثر خطورة من الفيروس كـ”إجابة”؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن أولئك الذين يحاربون المعلومات المضللة يواجهون الآن خصماً جديداً خطيراً.

بالنسبة إلى ناشري الأخبار، هناك تحدٍّ مختلف؛ قد تستمد إجابات شات جي بي تي من مصادر الأخبار؛ ولكن مع إشارات ضئيلة إلى المؤسسات الإخبارية نفسها. هذا ليس تحدياً مالياً فحسب؛ بل تحدٍّ لمنظومة الأخبار بأسرها. كيف سيثق المستخدمون في مصادر إخبارية معينة إذا لم يعرفوا ماهيتها؟

اقرأ أيضاً: ستيفن بير يكتب عن مزايا وكيفية دمج الذكاء الاصطناعي في التعلم والتطوير

بطء التنظيم

الإجراءات التنظيمية يمكن أن تكون مفيدة في هذا الصدد؛ ولكنها ليست حلاً سحرياً. في الواقع، يمكن استخدام التنظيم لقمع الحقيقة. كما رأينا في روسيا؛ كثيراً ما يُستخدم مصطلح المعلومات المضللة لخنق حرية التعبير. أما بالنسبة إلى الديمقراطيات الناضجة، فإن المشكلة مختلفة. المشكلة ستكمن في بطء الإجراءات التنظيمية؛ ذلك أن النماذج اللغوية الكبيرة توضح ظاهرة العصر الرقمي: أن التكنولوجيا تتقدم بسرعة فائقة. المشكلات التي لم يتم تصورها؛ حتى قبل عام يمكن أن تلوح في الأفق فجأة. لوائحنا لم تأخذ في الاعتبار هذه النماذج اللغوية. وبعد شات جي بي تي، سوف تحاول الجهات التنظيمية دائماً اللحاق بالركب؛ أي أنها ستكون متأخرة.

ما نحتاجه هو طريقة مرنة ويقظة، والبناء على تلك الروابط الوليدة بين منصات التكنولوجيا ومقدمي الأخبار الموثوق بهم. الأمر متروك للمؤسسات نفسها لتحمُّل المسؤولية عن المعلومات التي تنشئها وتشاركها وتوصي بها، بدلاً من أن تنجذب إلى تيارات التغيير الرقمي الهادرة.

التحديث الجديد لروبوت الدردشة زاد من دقة أدائه- “سيرش إينجن جورنال”

المساءلة العالمية

يجب أن يضم التحالف الجديد المعني بمراقبة الأخبار المضللة منظمات أكثر بكثير مما فعلته “مبادرة الأخبار الموثوقة”؛ يجب أن يشمل مقدمي الأخبار ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء الجنوب العالمي، وكذلك شمال الكرة الأرضية، إلى جانب مجموعة واسعة من منصات التكنولوجيا.

بالنسبة إلى المنصات التقنية، سيوفر هذا طريقة لرؤية المشكلات التي لم تلتقطها أنظمتهم الخاصة، وطريقة لمشاركة الأفكار مع أقرانهم. هذا النظام ناجح بالفعل في مجالات الإرهاب واستغلال الأطفال.

بالنسبة إلى المؤسسات الإخبارية، سيكون التحالف مكاناً لتبادل الأفكار والتحدث مباشرةً مع بعضها البعض ومع شركات التكنولوجيا حول المخاوف. من شأن هذا أن يوفر سلاحاً جديداً لمحاربة المعلومات المضللة في أحدث أشكالها.

♦مؤسسة “مبادرة الأخبار الموثوقة”

المصدر: تشاتام هاوس

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة