شؤون عربية

سيناريو ما بعد الهدنة بين ميليشيات طرابلس

ما هي المخاطر التي يمكن أن تجرها الهدنة؟

كيو بوست –

من جديد، بدأت هدنة جديدة بين الميليشيات المتقاتلة في العاصمة الليبية طرابلس، بعد سقوط ما يقارب الـ59 قتيلًا وأكثر من 150 جريحًا، دون تحقيق أي إنجاز لصالح أمن المدنيين، لأن الهدنة التي تمت برعاية المبعوث الأممي، غسان سلامة، بعد عقده للقاءات مطولة مع قادة الميليشيات في “الزاوية”، نصّت على ضرورة تثبيت وقف لإطلاق النار، و”وضع خطة لانسحاب التشكيلات المسلحة من المواقع السيادية والمنشآت الحيوية وإحلال قوات نظامية”. ولم يوضح سلامة آلية تنفيذ بنود الاتفاق، وهو ما يعتبر اجترارًا لعشرات الهدن السابقة، دون أن تؤدي تلك الجهود إلى حل جذري ينقذ العاصمة الليبية من سيطرة الميليشيات المسلحة.

وبعد إعلان مخرجات اجتماع الزاوية بساعات، أكدّ اللواء السابع مشاة أنه “لن يترك العاصمة طرابلس وليبيا تعاني من الويلات نتيجة سيطرة الميليشيات عليها”. وجدد الناطق باسم اللواء السابع، سعد الهمالي، تصريحاته بأن اللواء “مستمر في عملية تطهير ليبيا من الميليشيات”.

اقرأ أيضًا: طرابلس تحت الطوارىء: اللواء السابع يعلن الحرب على “دواعش المال العام”

وبحسب مراقبين، يعتبر اجتماع الزاوية لتثبيت الهدنة، بمثابة حل منقوص، لأنه يطيل أمد الأزمة بدل حلها، إذ أن الحل الذي يطالب به سكان العاصمة -بحسب وكالات الأنباء العالمية- هو حل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة، ورفع يدها عن مؤسسات الدولة التي تسطو عليها، مثل وزارة الداخلية والبنك المركزي الليبي.

وعارض اللواء السابع منذ بداية شهر أغسطس/آب تحالف ميليشيات العاصمة، التي تعمل تحت يد حكومة “الوفاق”، بسبب سيطرتها على البنك المركزي والعملة الأجنبية فيه، فيما أسمى اللواء حملته العسكرية لتطهير العاصمة بأنها “حرب على دواعش المال العام”.

 

هدنة على الورق؟

على الرغم من إقرار مخارج للأزمة، فإن تصريحات الناطق باسم اللواء السابع، جاءت غير مطمئنة لنجاح جهود البعثة الأممية، وهو ما أكده تحليل إخباري من داخل العاصمة لوكالة “رويترز“. ووصف تقرير الوكالة الهدنة بـ”الهشّة”، وأكد أن الميليشيات “احتفظت بأسلحتها الثقيلة في مواقع رئيسة مثل مطار معيتيقة وعند الوزارات وبعض الشوارع الرئيسة”. ونقل التقرير عن بعض السكان أن الطرفين لا يزالان يتمركزان في الأحياء.

وبالرغم من هشاشة الهدنة، وسهولة اندلاع المواجهات مرة أخرى، فإن مخرجات اجتماع الزاوية تحمل في طياتها بذور فنائها، فبرغم تحذير مسؤول البعثة الأممية، غسان سلامة، عن ضرورة معاقبة من يخترق الهدنة، إلّا أنه لم يوضح الآلية التي سيجري فيها تطبيق الحساب، خصوصًا في ظل اعتماد حكومة الوفاق على تلك الميليشيات في إدارة شؤون العاصمة الأمنية والمالية والعسكرية، وعدم وجود جيش تعتمد عليه حكومة طرابلس، بالإضافة لغياب قوات أممية تستطيع إجبار المقاتلين على الالتزام بعدم خرق وقف إطلاق النار.

اقرأ أيضًا: هل تُقاتل حكومة الوفاق نفسها في طرابلس؟

 

الأبعاد الإقليمية للهدنة

مع إقرار الهدنة، لا شيء تغير في العاصمة التي ما تزال منهوبة من قبل الميليشيات؛ فالهدنة تعطيهم وقتًا إضافيًا لتثبيت نفوذها في طرابلس، واستمرارها بدفع رواتب أفرادها من المال الليبي العام.

وتحدثت تقارير إعلامية عن تدخلات قطرية وتركية من أجل تثبيت الهدنة، إذ تعتبر ميليشيات العاصمة من الموالية لتركيا وقطر، بفكرها الإخواني الذي يرفع شعارات “الجهاد”، مثل ميليشيا “ثوار طرابلس” و”الأمن بوسليم” وميلشيا “النواصي” و”غنيوة” و”كارا”، وجميعها ميليشيات تتبع الفكر المتطرف للمفتي الإخواني المعزول المقيم بتركيا، صادق الغرياني، المعروف بفتاويه التكفيرية المتطرفة.

وتسعى كل من قطر وتركيا وإخوان طرابلس، لتثبيت الهدنة، من أجل استقدام ميلشيا “البنيان المرصوص” من مدينة “مصراتة” ودمجها مع ميليشيات العاصمة. ولذلك، دعمت تلك الدول الهدنة، وحاولت تثبيتها لتحييد اللواء السابع وإخراجه من العاصمة، حتى يتم دمج الميليشيات، ومواجهة الجيش الوطني الليبي، الذي تحدثت أنباء عن أن العاصمة طرابلس ستكون هدفه التالي بعد تحرير مدينة “درنة” من الميليشيات التكفيرية، وهو ما أكده المشير خليفة حفتر في لقاء له مع أعيان ومشايخ ومنسقي الشؤون الاجتماعية.

اقرأ أيضًا: هل تكون طرابلس الوجهة التالية للجيش الليبي بعد تحرير درنة؟

ويؤكد خبراء في الشأن الليبي، أن المحور التركي القطري الإخواني، يسعى لإيجاد قوة عسكرية مسيطرة على الشرق الليبي، بعد خسارتهم لنفوذهم في الغرب، بعد تحرير الجيش الوطني معظم المناطق الغربية. وسعى ذلك المحور إلى دمج تلك الميليشيات من أجل تشكيل “جيش” من المتطرفين، يكون رأس حربة لتنفيذ حلم الإخوإن:

  • بتحويل ليبيا إلى “بيت مال” الإخوان حول العالم، نظرًا لأن ليبيا تمتلك 3.76% من الاحتياطي النفطي في العالم، إضافة 1.5 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي.
  • بتحويل طرابلس إلى حاضنة إرهابية ومعسكرات تدريب لضرب شمال إفريقيا ومصر والدول التي تناهض الفكر الديني المتشدد.

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة