الواجهة الرئيسيةشؤون خليجية
سيناريوهات متتابعة ترسم ملامح حرب حقيقية بين إيران والولايات المتحدة
معطيات تؤكد أن المواجهة العسكرية قريبة!

كيو بوست –
منذ قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مايو/أيار الماضي الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بدأت الحرب الكلامية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، ليتفاقم الصراع على المستويات كافة للبلدين، مما ينذر بحرب مرتقبة يمكن أن يشهدها العالم خلال الفترة المقبلة.
وجاء تصاعد الخلاف الأمريكي – الإيراني بعد توجه واشنطن لإجبار طهران على وقف برنامجها النووي، ودعمها لجماعات إرهابية في الشرق الأوسط، مما جعل الرئيس ترامب يعلن فرض عقوبات على طهران، بدأها بإبلاغ الدول بضرورة وقف وارداتها من النفط الإيراني، ابتداء من الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وإلا واجهت إجراءات مالية كبيرة، بينما حذرت طهران باتخاذ إجراءات مضادة.
اقرأ أيضًا: في حال حصلت مواجهة عسكرية بين إيران والسعودية، لمن ستكون الغلبة؟
تهديدات متبادلة على مستوى القادة
مع تكهنات الحرب المرتقبة بين البلدين، نجد أن السيناريوهات المتتابعة من الغريمتين ترسم ملامح أزمة حقيقية ترتكز على عدد من المعطيات الأساسية؛ أولها يكمن في تصاعد حدة التصريحات من قيادة الطرفين، إذ وجه الرئيس الإيراني حسن روحاني تهديدًا صريحًا للولايات المتحدة، حين قال إن الحرب مع إيران هي “أم الحروب”، ليأتي رد ترامب بعد يوم واحد من التصريح عبر تغريدة قال فيها: “إياك أن تهدد الولايات المتحدة مرة أخرى، وإلا فستواجه عواقب لم يختبرها سوى قلة عبر التاريخ. لم نعد دولة تقبل كلماتكم المختلة عن العنف والموت… احترسوا!”.
وأذكت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، التوترات، حين قال: “الرئيس ترامب أبلغني بأنه إذا فعلت إيران أي شيء سلبي فستدفع ثمنًا لم تدفع مثله على الإطلاق سوى قلة من الدول”. وفي المقابل، هدد قادة الحرس الثوري الإيراني بتدمير القواعد العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط في غضون دقائق من تعرضهم لهجوم، إذ حذّر قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني الولايات المتحدة من الدخول في حرب مع بلاده، موجهًا خطابه للرئيس الأميركي بالقول: “قد تبدأ أنت الحرب لكننا سننهيها”.
وأشار سليماني إلى أن البحر الأحمر لم يعد آمنًا بوجود القوات الأميركية: “البحر الأحمر كان بحرًا آمنًا، حولتموه إلى بحر غير آمن، الرياض كانت مدينة آمنة الآن تسقط فيها القذائف… واجبي كعسكري يحتم علي الرد على تهديدات ترامب، وعليه أن يعي أنه إذا كان يريد استخدام لغة التهديد فعليه أن يوجه كلامه لي وليس للرئيس روحاني”.
إيران توجه رسائل تحذيرية
الحرب الكلامية لم تنته عند هذا الحد، فقد تصاعدت المعطيات سريعًا، خصوصًا من الجانب الإيراني. وعملت طهران على توجيه رسائل تحذيرية عبر ميليشياتها الحوثية في البحر الأحمر، باستهداف ناقلتي نفط سعوديتين تابعتين للشركة الوطنية السعودية للنقل البحري، خلال عبورهما مضيق باب المندب، وبذلك تكون طهران قد بدأت فعليًا بتنفيذ تهديداتها، بعد أن أكد روحاني هذا الشهر أن منع بلاده من تصدير النفط يعني أن لا نفط سيصدر من المنطقة برمتها، وهي التصريحات التي أيدها المرشد علي خامنئي وصفق لها الجنرالات في طهران.
اقرأ أيضًا: ماذا يعني ضرب الحوثيين ناقلات نفط سعودية في مضيق باب المندب؟
واعتبر وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش أن الهجوم على شحنات النفط له أبعاد تتجاوز المنطقة، مبديًا استعداد بلاده لتحمل المزيد من العبء الأمني في الشرق الأوسط، لأنها لا تستطيع الاعتماد بعد الآن على العمليات العسكرية لحليفتيها الولايات المتحدة وبريطانيا، معبرًا عن أمله في أن يؤدي الضغط الأميركي على إيران إلى عودتها إلى طاولة المفاوضات للتوصل لاتفاق أوسع من الاتفاق النووي – اتفاق يشمل الصواريخ الباليستية لإيران وتدخلاتها الإقليمية.
تشكيل تحالف جديد مع دول عربية للتصدي للتوسع الإيراني
في المقابل، وضعت إدارة الرئيس دونالد ترامب قدمًا في مساع لتشكيل تحالف أمني وسياسي جديد مع دول عربية، بهدف التصدي للتوسع الإيراني في المنطقة، حسب ما صرح به مسؤولون أميركيون، حين أشاروا إلى أن البيت الأبيض يريد تعزيز التعاون مع تلك البلدان بخصوص الدفاع الصاروخي، والتدريب العسكري، ومكافحة الإرهاب، وقضايا أخرى مثل دعم العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية الإقليمية.
وترمي الخطة إلى تشكيل ما وصفه مسؤولون في البيت الأبيض والشرق الأوسط بنسخة عربية من حلف شمال الأطلسي أو “ناتو عربي” لوقف التدخل الإيراني في شؤون المنطقة. وقالت مصادر عدة إن إدارة ترامب تأمل أن تتم مناقشة ذلك التحالف الذي أُطلق عليه مؤقتًا اسم “تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي” خلال قمة تقرر مبدئيًا أن تعقد في واشنطن في 12 و13 أكتوبر/تشرين الأول المقبل.
في الواقع، هذا ما أكده البيت الأبيض حين أشار إلى أنه يعمل على فكرة التحالف مع “شركائنا الإقليميين الآن، ومنذ أشهر عدة”. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض: “تحالف الشرق الأوسط الإستراتيجي سيشكل حصنًا في مواجهة العدوان والإرهاب والتطرف الإيراني، وسوف يرسي السلام بالشرق الأوسط”، كما أشار مصدر مطلع على الخطة إلى أن إقامة درع دفاع صاروخية في المنطقة سيكون من بين أهداف التحالف، إضافة إلى التدريب لتحديث جيوش تلك الدول.
تسريبات أسترالية لقصف أمريكي يستهدف منشآت نووية إيرانية
تستعد الإدارة الأميركية لقصف المنشآت النووية الإيرانية في وقت مبكر من شهر أغسطس/آب المقبل، حسب ما ذكرت مصادر أمنية أسترالية رفيعة المستوى، إذ ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الوطنية “إيه بي سي”، نقلًا عن مسؤولين كبار في المخابرات، لم تفصح عن هويتهم، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد يكون “جاهزًا” لشن ضربة على إيران، مضيفة أن قاعدة “باين غاب” السرية في الإقليم الشمالي، وغيرها من المرافق الدفاعية الأسترالية يمكن أن تلعب دورًا في تحديد أهداف الضربة.
لكن رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم تيرنبول، قلل من أهمية التقرير، واصفًا إياه بأنه مجرد “تكهنات”، حسب ما صرح به لراديو شبكة “إيه بي سي”، كما رفضه وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، واصفًا إياه بأنه “من نسج الخيال”.
وقال تيرنبول للصحفيين: “أنا واثق أنه ليس أمرًا محل بحث في الوقت الراهن”، مؤكدًا أن هدف بلاده هو تغيير سلوك إيران المصدع للاستقرار داخل منطقة الشرق الأوسط، وإنهاء التهديدات التي تمثلها كافة.
مصالح روسيا أكبر من تحالفها مع إيران
رغم أن إيران تعتبر روسيا حليفتها الإستراتيجية في المنطقة، خصوصًا في سوريا، إلا أنها من الممكن أن تخسرها في حال تعلق الوضع بالعلاقات الإسرائيلية – الإيرانية، أو في ظل تقارب المصالح الأمريكية – الروسية.
العلاقات الإسرائيلية – الإيرانية على الساحة الروسية شهدت توترًا في الآونة الأخيرة، إذ انخرطت طهران، مثل تل أبيب، في الحرب السورية منذ البداية، ولم تكن هناك مشكلة بين الطرفين، لكن مع مرور الوقت تحولت المنافسة إلى نزاع حاد، مما سيجبر روسيا على حماية سوريا من الهجمات الإسرائيلية بإبعاد إيران عن المشهد، وهذا ما أجبر طهران إلى التوجه نحو إعداد إستراتيجية وقائية ثنائية الجانب للحفاظ على مصالحها في سوريا، مع احتمال حصول تعاون بين الرئيسيْن بوتين وترامب من جهة، ومواصلة إسرائيل شن ضربات جوية على مواقع في سوريا من جهة ثانية.
اقرأ أيضًا: مترجم: ما مدى قوة “التحالف” بين إيران وروسيا؟
وأشار تقرير نشره موقع «مونيتور» الأميركي إلى الزيارة التي قام بها علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، إلى موسكو في 11 يوليو/تموز الجاري، لافتًا إلى أنّه حمل رسالتيْن إلى بوتين، الأولى من خامنئي والثانية من الرئيس حسن روحاني.
وكشف التقرير -الذي لفت إلى أنّ الحديث بين الجانبين تركّز حول الملف السوري والشراكة الإيرانية/الروسية في سوريا- أنّ فحوى الرسالتين الإيرانيتين تضمن شقّين أساسييْن: الأول يتمثل بتشديد طهران على الالتزام بمواصلة تنسيق خطواتها في سوريا مع موسكو، ودعوتها الروس إلى عدم القلق بشأن احتمال حصول تحركات إيرانية غير متوقعة قد تؤدي إلى تقويض المصالح والمبادرات الروسية، لا سيّما على مستوى عزم موسكو على مراعاة المخاوف الأمنية الإسرائيلية في جنوب سوريا.
أما الشق الثاني فيتضمن تحذيرًا لموسكو من مغبة المساومة مع واشنطن بشأن الوجود الإيراني، ومن أنها ستكون التالية التي تطلب منها واشنطن الانسحاب من سوريا بعد إيران.
وفي هذا السياق أيضًا، أبلغت طهران موسكو أنها ستحتاج إلى التعاون الوثيق معها على الأرض، إذا كانت تريد الحفاظ على كفتها المرجحة في ميزان القوى في سوريا.
في المقابل، على صعيد العلاقات الأمريكية – الروسية، أظهرت موسكو منحنى متقاربًا مع الولايات المتحدة، وذلك بعد إعراب بوتين، الجمعة، عن “استعداده للتوجه إلى واشنطن” للقاء ترامب، وأكد أنه دعا نظيره الأميركي إلى موسكو، وذلك بعد قمة أولى بينهما أثارت اعتراضات كثيرة في الولايات المتحدة.
وأشاد بوتين بنظيره قائلًا: “الميزة الأساسية لترامب هي أنه يسعى إلى تحقيق وعوده للناخبين الأميركيين”.
وكان ترامب وبوتين قد أبديا خلال قمة في هلسنكي في 16 تموز/يوليو الجاري موقفًا موحدًا نادرًا خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، خصوصًا بعد دعم واشنطن لموقف روسيا السياسي تجاه أوكرانيا، إذ أعلن ترامب خلال قمة “مجموعة الدول السبع الكبار” في حزيران/يونيو الماضي، “أن شبه جزيرة القرم تعود لروسيا لأن غالبية سكانها من الناطقين بالروسية”، وهذا أمر حساس للغاية في أوروبا، إذ ينظر الأوروبيون إلى أعمال روسيا في أوكرانيا باعتبارها عبثًا بالأمن الأوروبي برمته لا يمكن التسامح معه، كما ينظرون إلى تصريح ترامب باعتباره أمرًا بالغ الخطورة على قارتهم، فهو يعني أن تهدم روسيا الحدود والخريطة الأوروبية من جهة الشرق.
اقرأ أيضًا: لهذه الأسباب قد تُجبر إيران على الخروج من سوريا
بالإضافة إلى ذلك، دعا ترامب، في يونيو/حزيران الماضي نظراءه في مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى إلى التفكير في إعادة روسيا إلى المجموعة. وقال ترامب قبل أن يتوجه إلى كندا للمشاركة في قمة المجموعة في لامالبيه في مقاطعة كيبيك: “طردوا روسيا، وعليهم إعادة روسيا لأنه يجب أن تكون معنا على طاولة المفاوضات”. وكانت روسيا استبعدت من مجموعة الثماني بعد ضمها شبه جزيرة القرم، وأصبحت المجموعة تضم سبع دول فقط.
هذه المصالح الروسية في تقاربها مع الولايات المتحدة يمكن أن تجبرها على التخلي عن حليفتها إيران، أو التغاضي عن موقف واشنطن الحاد تجاه طهران في منطقة الخليج العربي، مما سيجعل إيران في مواجهة جبهات عدة في وقت واحد، ما يعني خسارة نفوذها في المنطقة تدريجيًا في حال استمرت بالعبث مع الولايات المتحدة الأمريكية.