الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة
“سيدة المسرح” تترجل… وداعاً سهير البابلي

كيوبوست
عرفها الجمهور على أنها ممثلة بتاريخٍ فني كوميدي طويل وعريق على المسرح بالدرجة الأولى، ثم السينما والتلفزيون، لكن الذي لم يكن معروفاً أن الفنانة المصرية سهير البابلي، والتي توفيت يوم الأحد عن عمرٍ ناهز الـ86 عاماً بعد تعرضها لنوبة سكّر، كانت أيضاً غاوية موسيقى، ويمكن الاستدلال على ذلك عبر بحّة صوتها الجميلة، ودراستها الموسيقى إلى جانب التمثيل، مع ذلك بقي التمثيل شغفها الأول.
طفولة مبشرة
ظهرت موهبة سهير البابلي، التي ولدت بتاريخ 14 فبراير 1935م في محافظة دمياط، بوقتٍ مبكر من طفولتها، فقد كانت تحب أن تُضحك من حولها عبر التقليد، كما أنها كانت تتقن التمثيل على من حولها في صغرها الذي أمضته برفقة عائلتها في مدينة المنصورة.
ومع إنهائها الثانوية العامة، وكانت حينها متزوجة، قررت أن تدخل المعهد العالي لفنون التمثيل، لم يعارض زوجها محمود الناقوري حينها وهو والد ابنتها الوحيدة “نيفين”، كما وافق والدها الذي كان مدرّس رياضيات وناظر مدرسة، بعد أن أقنعته، وكان من الداعمين لها.
اقرأ أيضًا: دلال عبدالعزيز وسمير غانم.. الحب جمعهما والموت لم يفرقهما
ومن الواضح أن والدها كان له بالغ التأثير على شخصيتها، ففي إحدى مقابلاتها ذكرت أنها تعلمت من والدها الحلم والتواضع والأخلاق التي كان يعامل طلابه بها، فقد كان يلعب معهم كرة القدم، ويساعد الفقراء منهم، كما أنه كان خفيف الدم، وصاحب عقلية منفتحة.
أما والدتها فقد كانت معارضة لدخولها عالم التمثيل بشدة، لدرجة أن سهير في إحدى المرات وبينما كانت تقف على المسرح خلال أداء دورها الأول والصغير في مسرحية “الصفقة” للكاتب توفيق الحكيم، سمعت صوتَ صراخٍ عالياً، وإذ بها والدتها، فما كان من سهير إلا أن هربت باتجاه دار الأوبرا القريبة من المسرح، واختبأت بمساعدة أحد العاملين، الذي أكد لوالدة سهير أنه لم يرَ ابنتها.
اقرأ أيضاً: رحلت شويكار.. الكوميديانة الفاتنة صاحبة الأدوار المتنوعة
سوسكا… سيدة المسرح
لم تنهِ سهير البابلي تعليمها في معهد التمثيل الذي بدأته إلى جانب دراستها في معهد الموسيقى أيضاً، فهي كما وصفت نفسها “غاوية بيانو”، لكنها امتهنت التمثيل الذي كان يستحوذ على شغفها. ورغم دخولها إلى ملعب السينما والتلفزيون، فإن سهير تُعتبر نجمة مسرح بالدرجة الأولى، وهذا ما توقعه لها زوجها الثاني، الملحّن منير مراد أخو المطربة ليلى مراد، الذي قال لها: “ستكونين نجمة مسرح يا سوسكا”.

من جانبها، كانت سهير منتمية للمسرح الذي وصفته بـ”الأب الشرعي”، وقالت في مقابلة قديمة عن شعورها حياله: “بلاقي نفسي بالمسرح، وببقى مجلجلة على خشبة المسرح، وفاردة نفسي… بتسلطن، ببقى مش حاسة بحد خالص”.
وفي المسرح كانت سهير البابلي تجد نفسها فعلاً، فلم تفشل يوماً بأن تحجز لنفسها مكانة خاصة في ذهن المُشاهد في المسرحيات التي شاركت فيها، فلا يمكن تخيّل “مدرسة المشاغبين” بدون “أبلة عفت”، ولا مسرحية “ريا وسكينة” بدون “سكينة”. كما قدّمت الراحلة مسرحياتٍ؛ مثل “على الرصيف” والتي منعت من العرض لأسبابٍ سياسية، ومسرحية “العالمة باشا”، و”الدخول بملابس رسمية”، و”سليمان الحلبي”.
فيما كانت تجربتها السينمائية أقل توهجاً من تجربتها في المسرح، لكنها بالمحصلة شاركت في عشرات الأفلام، كان أولها فيلم “إغراء”، وفيلم “يوم من عمري” الذي عبّرت في مقابلة لها مع المذيعة عمرو الليثي، عن مدى سعادتها بالدور الذي كان مع عبد الحليم حافظ، لكنه لم يتكرر بعدها.

ومن الأفلام التي شاركت بها؛ “فجر يوم جديد”، و”حدوتة مصرية”، و”ليلة القبض على بكيزة وزغلول” في دور “بكيزة هانم الدرملّي”، الذي تلا مسلسل “بكيزة وزغلول”، وكان أشهر أدوارها، وقدمت سهير البابلي أعمالاً تلفزيونية؛ منها: “قانون سوسكا”، و”ألف ليلة وليلة”، و”شهادة ميلاد”، وغيرها..
مع أنها ممثلة كوميدية وشخصية مبهجة، وتحب الضحك، فقد قالت عن نفسها “أنا عندي ملكة إني ما بحبش الحزن أوي”، إلا أنها كانت شخصية جادة في نفس الوقت، فكانت تميل للانضباط، وتنزعج من خروج زملائها عن النص، وهذا ما أوقعها في خلاف مع الفنانيْن عادل إمام وسعيد صالح، إلا أنها صرحت ذات مرة: “أنا أخرج عن النص.. لكن أحب أن يكون الخروج لصالح العمل نفسه”.
اقرأ أيضاً: المرأة على خشبة المسرح.. معركة لا تزال قائمة
اعتزلت سهير البابلي العمل الفني عام 1997م، لكنها عادت للعمل عام 2006م عبر مسلسل “قلب حبيبة”، ثم اختفت عن الساحة الفنية من جديد.
تزوجت البابلي خمس مرات، كان آخرها زواجها من الممثل أحمد خليل، والذي رحل هو الآخر قبل أيامٍ من رحيلها.