الواجهة الرئيسيةشؤون دولية
سياسة الاغتيالات الإيرانية في الولايات المتحدة.. التاريخ يعيد نفسه!
لطهران تاريخٌ طويل من الاغتيالات التي تستهدف معارضين لنظامها ورجال سياسة من دولٍ أخرى سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها وهو ما يشكل تهديداً عالمياً

كيوبوست
لم يكن إعلان وزارة العدل الأمريكية عن تخطيط الحرس الثوري الإيراني لاستهداف مستشار الأمن القومي الأسبق جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، سوى جزء من سلسلة أسماء وشخصيات، سعَت طهران لاستهدافها على الأراضي الأمريكية، خلال السنوات الماضية، علماً بأن الكشف عن مخطط استهداف بولتون وبومبيو جاء بعد أكثر من 20 شهراً على إعلان الحرس الثوري -رسمياً- من خلال قائده إسماعيل قاآني استهداف واشنطن من الداخل.
وأعلنت الولايات المتحدة -رسمياً- اتهام عضو الحرس الثوري الإيراني، شهرام بورصافي، بالتخطيط لاغتيال بولتون وبومبيو، رغم أنه ما زال متوارياً ولم يتم توقيفه، وسيواجه عقوبة السجن لمدة 10 سنوات، حال إدانته بالاتهامات الجنائية الموجهة إليه، بالتخطيط للجريمتين اللتين يُعتقد بأنه جرى التخطيط لهما؛ انتقاماً لمقتل قائد الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بغارةٍ أمريكية في العراق.

وأصدرت السلطات الفيدرالية إعلاناً؛ للبحث عن المتهم، بالإنجليزية والفارسية، بوقتٍ وصف فيه المتحدث باسم الخارجية الإيرانية الكشفَ الأمريكي عن تلك المخططات “المزعومة” بغير الصحيح، وله دوافع سياسية.
تساؤلات قائمة
تكشف التفاصيل الرسمية المعلنة عن المخطط، الكثيرَ من الأمور، بحسب المحامية الأمريكية المختصة بشؤون الأمن القومي، آيرينا تسوكرمان، التي تقول لـ”كيوبوست”: إن إيران سعَت لتنفيذ عملية اختراق لأجهزة الأمن الأمريكية، حتى تتمكن من الانتقام لقاسم سليماني، قبل أن يتم إحباط عمليتها، لافتة إلى أن هناك كثيراً من التفاصيل والأمور التي لم يتم الكشف عنها، المرتبطة بتفاصيل ما حدث، وما إذا كانت هناك معلومات جرى تسريبها، أو أمور أخرى جرت خلال فترة التخطيط لهذه العمليات.
اقرأ أيضًا: لماذا تقلل إيران من شأن اغتيال إسرائيل لمسؤوليها؟

وأضافت أن طهران لها تاريخ طويل من الاغتيالات، التي تستهدف المعارضين والسياسيين، من دول أخرى، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، وهو أمر أصبح يشكِّل تهديداً عالمياً، يجب التعامل معه، والتصدي للثغرات التي يستغلها النظام الإيراني من أجل تحقيق مكاسب سياسية، لافتةً إلى أنها لا تستبعد أن يكون إحباط مخططات الاغتيال جرى أيضاً من طهران، باعتبار أنها تحتاج -فقط- لإثبات قدرتها على تنفيذ التهديدات، دون أن يكون هناك اضطرار أمريكي للرد عليها، وبالتالي زيادة التعقيدات في وقتٍ سيكون فيه إحباط العملية قبل تنفيذها انتصاراً للطرفين.
وهذه ليست المرة الأولى، التي تكشف فيها واشنطن عن محاولات لاستهداف مسؤولين على أراضيها، من جانب طهران؛ فقد كشف وزير الدفاع الأمريكي الأسبق جيمس ماتيس عن محاولةٍ إيرانية؛ لاغتيال السفير السعودي بواشنطن عام 2011، عادل الجبير، من خلال استهدافه بمنطقة ميلانو داخل العاصمة الأمريكية، وهي العملية التي أحبطتها أجهزة الأمن الأمريكية.

نهج متعمد
الكشف عن مخططات إيران؛ لاستهداف بولتون وبومبيو، أمر ليس غريباً على السياسة الإيرانية، بحسب الكاتب والمحلل السعودي، زيد بن كمي، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن هذا الأسلوب في صلب السياسة الإيرانية الخارجية، وهو سبب وصف النظام الإيراني بـ”المارق”؛ لكونه لا يحترم الأعراف والمواثيق الدولية، ومن ثَمَّ يتوجب التأكيد على ضرورة استمرار الضغط الدولي من أجل تعديل السلوك والانخراط في المجتمع الدولي.

يحمل الإعلان الأمريكي في الوقت الحالي رسالة مهمة، بحسب الكاتب والمحلل غسان العطية، الذي يقول لـ”كيوبوست”: إن واشنطن أرادت إرسال رسالة لطهران مفادها أن جميع الأنشطة التي تحاول القيام بها قيد المراقبة والمتابعة، وأن الإعلان يحدث في التوقيت المناسب للرأي العام.
يقول بن كمي إن العلاقات الأمريكية-الإيرانية مرتبطة بملف واحد؛ هو الملف النووي، والوضع به شديد التعقيد، مشيراً إلى أن توقيت الإعلان عن الحادث ربما يكون مرتبطاً بالمفاوضات الجارية بالوقت الحالي، خاصة أن القضية قديمة وليست حديثة، ولا توجد مستجدات مرتبطة بها في الوقت الحالي.
اقرأ أيضاً: نظرة فاحصة على رد الفعل الإيراني على مقتل سليماني

يتفق معه في الرأي غسان العطية، الذي يؤكد أن ما تريده الولايات المتحدة هو تغيير سياسة النظام الإيراني، وليس إسقاطه، ومن ثَمَّ تأتي جميع المبادرات القائمة من أجل تحقيق السلام -من وجهة النظر الأمريكية- في ظل استمرار الشد والجذب على مختلف المستويات.
تختتم آيرينا تسوكرمان حديثها بانتقاد الموقف الأمريكي الذي وصفته بالمزدوج في التعامل مع إيران؛ ففي الوقت الذي يتم الإعلان فيه عن مخططات الاغتيال، يجري الحديث عن تفاؤل واضح بالتوصل إلى اتفاق بشأن الاتفاق النووي، وهو أمر تراه ليس في الصالح الأمريكي، خاصة أن طهران من الوارد أن تكرِّر مثل هذه المحاولات في المستقبل.