الواجهة الرئيسيةشؤون خليجيةشؤون عربية
سوريا محور حراك عربي مهَّدت له الإمارات.. هل يحضر الأسد قمة الرياض؟
الجفا: معظم الدول العربية وصلت إلى قناعة بأن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على تقطيب الجراح السورية؛ عبر مركزية قرارها وقدرتها على تطبيق أي حلول سياسية أو تسويات مهما كانت مؤلمة للجميع.

كيوبوست
دعا مجلس التعاون الخليجي إلى اجتماعٍ يبحث إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية. ومن المقرر أن ينعقد الاجتماع في جدة بالسعودية، الجمعة 14 أبريل، بمشاركة وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والعراق.
بالتزامن؛ وفي زيارة لم يُعلن عنها، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، إلى جدة، الأربعاء، بدعوة من نظيره السعودي فيصل بن فرحان، وفقاً لما ذكرته وكالة “سانا” السورية، في ما يُعد أحدث تطور لمسيرة التقارب السوري مع المحيط العربي؛ خصوصاً مع العواصم المؤثرة في الجامعة العربية، وعلى رأسها الرياض.
اقرأ أيضًا: الزلزال أعطى دفعة جديدة لتطبيع العلاقات العربية مع سوريا
أثناء ذلك؛ كانت دمشق ترسل سفيراً إلى تونس بعد قطيعة امتدت لأكثر من 10 سنوات، وجاء القرار السوري “استجابةً لقرار الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي طلب، في الثالث من الشهر الحالي، من وزارة الخارجية بدء إجراءات تعيين سفير تونسي في دمشق”، وفقاً لـ”سانا”.
ويرى متابعون للشأن السوري أن هذه التطورات تتوِّج الجهود الحثيثة التي بذلتها دولة الإمارات العربية المتحدة لإعادة سوريا إلى حاضنتها العربية، والتي بدأت مساعيها قبل أكثر من 4 سنوات، وتحديداً منذ ديسمبر 2018، عندما أعادت أبوظبي فتح سفارتها في دمشق.
وزار الرئيس السوري بشار الأسد، الإمارات، في مارس الماضي، للمرة الثانية خلال أقل من عام. وأكد الرئيس الإماراتي، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، خلال استقباله الأسد، ضرورة عودة دمشق إلى محيطها العربي. وقال إن “غياب سوريا عن أشقائها قد طال، وحان الوقت لعودتها إليهم وإلى محيطها العربي”.
ليس وليد الصدفة
يقول الباحث والمحلل السياسي كمال الجفا، في تعليق لـ”كيوبوست”: إن الحراك الخليجي والعربي نحو سوريا ليس محض صدفة أو حدثاً مستجداً؛ بل نتيجة تراكم جهود مضنية ومتأنية بدأتها الإمارات منذ سنوات، وامتدت خلال مؤتمر القمة العربية الماضي، والذي خاضت فيه الجزائر إلى جانب الإمارات، جهوداً جبارة لإقناع عدد من الدول العربية الفاعلة التي وضعت “فيتو” على مشاركة سوريا في قمة الجزائر .
وأضاف أن التوجه الخليجي والعربي، اليوم، جاء بعد عدة انفراجات بينية مع سوريا، وكانت التعليقات الرسمية السورية تشير إلى ترحيب سوريا بعودة العلاقات مع الدول العربية بشكل فردي ومستقل وليس بالضرورة عبر إجماع عربي أو حتى عبر منصة الجامعة العربية.
اقرأ أيضًا: بشار الأسد في أبوظبي للمرة الثانية خلال عام
الإمارات فتحت الباب
يؤكد الجفا أن الإمارات كانت أول مَن فتح باب الحوار المغلق مع سوريا، وذلك تماشياً مع دورها وجهودها في دعم الاستقرار في المنطقة، وفي محاربة التطرف الديني ومكافحة الإرهاب بمختلف صنوفه. وقال إن أبوظبي باعتمادها سياسة تصفير المشكلات، أسست لنفسها قاعدة عمل متينة كصانعة قرار في المنطقة، بينما تعتمد في جهودها على إرث سياسي ودبلوماسي وإنساني قام منذ عقود على الواقعية وعلى حل الأزمات في المنطقة بالحوار.
الانفتاح على سوريا، وفقاً للجفا، شاركت فيه عدة عواصم إقليمية؛ خصوصاً موسكو التي نسَّقت مع أبوظبي خطوات مدروسة وخارطة طريق لحلحلة تدريجية للملف السوري، وكان للدور الصيني أثر مهم في تحقيق قفزة مهمة في المواقف العربية؛ خصوصاً عقب المصالحة السعودية- الإيرانية التي أنهت الكثير من العقبات وأزالت العديد من التحفظات في ما يتعلق بموقف الرياض من عودة سوريا إلى الجامعة العربية، مع إضافة تقدم الموقف المصري بشكل إيجابي بعد زيارة وزير خارجية مصر سامح شكري، إلى دمشق.

هل يحضر الأسد قمة الرياض؟
ويرى المحلل السياسي السوري أن التغييرات المتسارعة في التحالفات الدولية والاصطفافات الإقليمية بين محور روسيا والصين، والمصالحة السعودية- الإيرانية، دفعت مسار العلاقات العربية مع سوريا إلى مرحلة إيجابية متقدمة يُعوَّل عليها في مشاركة سوريا في قمة الرياض .
ويتوقع الجفا أن اجتماع مجلس التعاون الخليجي ومصر والعراق والأردن في جدة؛ لمناقشة الموضوع، ستنتج عنه دعوة سوريا لشغل مقعدها في مؤتمر القمة المقبل في الرياض؛ “ولكن دون تحديد مستوى التمثيل السوري في هذه القمة، إذ إنه من غير المعلوم إن كان الرئيس السوري سيحضر القمة أم أن هناك مَن سينوب عنه ويمثل سوريا في هذه القمة”.
ويؤكد الباحث الجفا أن ثمة مقاربة جديدة لما جرى ويجري في سوريا حالياً؛ إذ تلاشت كل السقوف العالية التي نسجت مواقف بعض الدول العربية من المؤسسة الحاكمة في سوريا، و”بتنا نتابع مواقف إيجابية في آلية التعامل والتعاطي مع الدولة السورية؛ الممثل الشرعي للشعب السوري، مع تحاشي الإشارة إلى أي مكون معارض أو أي جسم سياسي معارض، وأصبح معظمها خارج اهتمام جميع رعاتها السابقين”.
اقرأ أيضاً: بعد قطيعة دامت عقداً من الزمن.. ترقب لعودة العلاقات السعودية- السورية
ويرى أن معظم الدول العربية وصلت إلى قناعة بأن الدولة السورية هي الوحيدة القادرة على تقطيب الجراح السورية؛ عبر مركزية قرارها وقدرتها على تطبيق أي حلول سياسية أو تسويات مهما كانت مؤلمة للجميع، ولامتلاكها قوى عسكرية وأمنية على الأرض قرارها موحد لا يخضع لضغوطات قوى عسكرية وميليشياوية متعددة؛ كما هي الحال مع فصائل المعارضة وأدواتها السياسية المتناثرة والمتناحرة في ما بينها، حسب الجفا.

حل سياسي شامل
من جهته؛ يقول الكاتب والمحلل السياسي مازن بلال، في تعليق لـ”كيوبوست”، إنه يصعب رؤية دور سوري دون تفكير جدي بحل سياسي شامل. ويضيف أن هناك قراراً دولياً بهذا الأمر، ولا يمكن الهروب منه، أو على الأقل رسم ملامح لحوار جدي يمكن أن يدفع العديد من الدول لكسر الحصار المفروض على سوريا.
ويوضح: “ليس بالضرورة أن يكون الحل على قياس الدول الغربية؛ لكن جوهر الحل هو الحوار والدستور والانتخابات، وهذه الأمور يمكن تحقيقها بشكل يتوافق مع مصالح السوريين وليس على التوازنات الدولية المتناقضة في هذه اللحظة نتيجة الحرب الأوكرانية”.
ويرى بلال أنه “يمكن في المقابل تسهيل تعافي سوريا حتى ولو لم يبدأ الحل السياسي، عبر التعامل مع الانفراج في العلاقات العربية- السورية؛ وذلك عبر بناء مصالح داخلية وتسهيلات تساعد في تصفية النزاعات التي ظهرت، وبناء حوار لتكريس مصالحة سياسية في الداخل السوري تساعد لاحقاً في منح الدولة أوراقاً إضافية ضمن الحل السياسي الشامل”.
وأشار الكاتب السوري إلى أن العلاقات السورية- العربية لا تساعد فقط على التعافي، بل تشكل أيضاً جسراً للحوار، سواء على المستوى الداخلي أو في إعادة قنوات التواصل الدولي مع دمشق، ويمكن ملاحظة هذا الأمر من خلال عودة العلاقات مع الإمارات التي شكلت حالة دفع أولية باتجاه باقي الدول العربية.
ويختم بلال بالقول: “إن ما يمكن البحث فيه اليوم هو نوعية التوازن التي تشكلها العلاقة مع الإمارات في ظل استقطاب دولي حاد؛ حيث يمكن أن تشكل هذه العلاقة معادلة إقليمية جديدة مع سوريا، أساسها الأمن الإقليمي عبر التنمية، ويشكل هذا الأمر جوهر التعافي المبكر في سوريا”.
اقرأ أيضًا: زيارة الأسد إلى الإمارات.. خطوة مهمة على طريق عودة سوريا إلى الجامعة العربية
ارتباط الاقتصادي بالسياسي
تعيش سوريا في ظل أزمة اقتصادية خانقة؛ ضاعف من آثارها الزلزال الأخير، ما يحتِّم إيلاء الاقتصاد أولوية في عودة العلاقات السورية- العربية.

حول ذلك، يقول الباحث كمال الجفا: إن الوضع الاقتصادي الصعب مرتبط بالوضع السياسي؛ وبالتالي لا يمكن أن نشهد انتعاشاً اقتصادياً إلا بعد الاستقرار والتسوية السياسية، أو ربما مصالحة داخلية مؤلمة للبعض؛ لكنها مربحة لسوريا الدولة والشعب.
ويرى الجفا أن “عودة سوريا إلى مجلس الجامعة العربية هي قرار عربي، وحتماً دولي، بإنهاء الحرب فيها؛ ما يعني أنه سيكون للشق الاقتصادي حيِّز ضمن هذا القرار، لأن قرار إنهاء الحرب ومشاركة سوريا في اجتماعات مجلس الجامعة يعني أن هناك تعويضات وإعادة إعمار ومصالحات وعودة رؤوس أموال مهاجِرة، وأيضاً ضخ عشرات المليارات في دورة الاقتصاد المشلولة منذ عام 2011.