الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
سوريا: توارت الحرب وبدأت الصفقات
صفقات بين قوى الإقليم في الشمال والجنوب السوري

كيو بوست –
وقد انشق غبار الحرب السورية المستمرة منذ 7 سنوات، يبدو أن الصفقات بدأت تطفو إلى السطح لتشكل معالم النفوذ والسيطرة في الأرض السورية، التي شهدت صراع كبرى قوى الإقليم والعالم.
صفقة كبيرة بين قوتين واحدة عالمية وأخرى إقليمية في الشمال السوري، وأخرى مماثلة بين قوتين مختلفتين في الجنوب، تستحوذان على الساحة السياسية السورية.
صفقة منبج: الولايات المتحدة وتركيا
في حين هدأت جبهة الشمال السوري التي توترت بين تركيا والولايات المتحدة، في أعقاب شن أنقرة عملية عسكرية في مدينة عفرين الكردية السورية، وتهديدها باجتياح مدينة منبج في سياق حربها التي بدأتها ضد أكراد سوريا، تفيد التقارير أن اتفاقًا أبرم بين أنقرة وواشنطن يقضي بحل سلمي.
الصفقة التي أعلن عنها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عنوانها: انسحاب القوات الكردية من منبج على 3 مراحل.
وكشف أوغلو أن الاتفاق يتضمن خريطة طريق من ثلاث مراحل لإدارة مدينة منبج شمالي سوريا.
وقال إنه إذا تم توقيع الاتفاق يوم 4 يونيو/حزيران عندما يلتقي نظيره الأميركي، مايك بومبيو، سينسحب مسلحو “وحدات الحماية الشعب” الكرد خلال ثلاثين يومًا.
وأضاف أن القوات التركية والأميركية ستسيطر على المنطقة لمدة 45 يومًا بعد التوقيع، على أن يتم تنصيب إدارة جديدة بعد شهرين.
في مقابل ذلك، صرح المتحدث باسم المجلس العسكري لمدينة منبج، شرفان درويش، أن الخطة تنقصها المصداقية.
وكانت تركيا قد هددت مرارًا باجتياح منبج التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردية المدعومة من الولايات المتحدة، مما رفع حدة التوتر مع واشنطن.
وتضمن التهديد التركي مهاجمة القوات الأميركية المتحالفة مع “وحدات حماية الشعب”، وقابل ذلك التهديد رد من جنرال أميركي بأن قواته “سترد بقوة” على أي هجوم يحظى بمساندة تركيا.
على صعيد جبهة عفرين، تواصل تركيا توطيد وجودها في المدينة التي تعرضت لهجوم تركي في 18 آذار 2018. وتعمل تركيا على تدريب نحو 800 عنصر سوري موال لها، لبناء جهاز شرطة في عفرين.
ويبدو في ضوء الاتفاق الجديد في منبج، أن تقاسمًا تركيًا أمريكيًا سيتم في الشمال الكردي السوري، ينهي حالة الصراع.
صفقة الجنوب: روسيا وإسرائيل
في الجنوب السوري، حيث التماس مع الجولان المحتل من قبل إسرائيل في محافظتي درعا والقنيطرة، توجت حملة الضغط الإسرائيلية التي استهدفت الوجود الإيراني في نقاط التماس تلك، بصفقة أطرافها الرئيسة إسرائيل وروسيا، وبتدخل أردني أمريكي.
مؤخرًا، أكدت كبرى وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تل أبيب وموسكو اتفقتا على مجموعة تفاهمات حيال التواجد الإيراني في سوريا، كان أبرزها يتمحور حول التمركز الإيراني بالقرب من الحدود مع إسرائيل.
التفاهمات تقضي بعودة جيش النظام السوري إلى الحدود مع إسرائيل في محافظتي درعا والقنيطرة، شريطة إبعاد حزب الله وإيران عن تلك المناطق.
وينطوي الاتفاق على إزالة أي وجود للمعارضة السورية التي ما تزال تسيطر في محافظة درعا عبر عدد من الفصائل المسلحة.
ونقلت القناة الإسرائيلية الثانية، عن مصدر رفيع المستوى قوله إن إسرائيل وافقت على انتشار قوات الجيش السوري على الحدود المذكورة، مع احتفاظها أيضًا باستهداف أي نشاط عسكري من شأنه أن يعزز القوة الإيرانية في سوريا.
وتتقاطع هذه التقارير مع مجمل التطورات في الموقف الروسي حيال وجود إيران في سوريا.
وطالب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات له، الأربعاء 30 أيار، جميع “التشكيلات الأجنبية” بضرورة مغادرة منطقة خفض التصعيد جنوب غربي سوريا.
مراسلة “روسيا اليوم”، أفادت بأن المقصود من التشكيلات الأجنبية، هو المجموعات المسلّحة الموالية لإيران.
“أعتقد أن هذا يجب أن يحدث بأسرع ما يمكن. ونحن الآن نعمل مع نظرائنا الأردنيين والأمريكيين على ذلك”، قال لافروف.
ويتزامن هذا، مع استعدادات للجيش السوري لفتح جبهة القتال في درعا ضد فصائل المعارضة. وأعلنت روسيا الثلاثاء رغبتها في تنظيم لقاء “بأسرع ما يمكن” مع الأردن والولايات المتحدة، لبحث مستقبل محافظة درعا السورية في جنوب البلاد، وذلك بعد تحذير واشنطن لدمشق من تنفيذ أي هجوم في هذه المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام عن وزير الإعلام الأردني في “سهرة رمضانية” أقيمت في سفارة السعودية في عمّان، رفض بلاده “للتدخلات الإيرانية في الدول العربية، ومحاولاتها زعزعة الاستقرار فيها”، مشيرًا إلى “وجود محاولات لإنشاء نموذج شبيه بحزب الله في جنوب سوريا، كما في جنوب لبنان”.
ولا تنفصل هذه الصفقات عن مجمل ما يحدث في سوريا، إذ تمكن الجيش السوري من إعادة بسط سيطرته على معظم أنحاء البلاد، عدا الشمال والجنوب والجنوب الغربي، وهي الجبهات التي تجري فيها الصفقات.