الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

“سنونوات كابول”.. من صفحات الكتب إلى شاشات السينما

 كيوبوست

على خطى مرجان ساترابي في الفيلم الإيراني “بيرسوبوليس”، وواري فولمان في الفيلم الإسرائيلي “فالس مع بشير”، تعود سينما الرسوم المتحركة لتحاكي رواية من أهم روايات الكاتب الجزائري ياسمينة خضرا، والتي تحمل عنوان “سنونوات كابول”.

ياسمينة خضرا

ولمَن لم يقرأ له من قبل؛ فياسمينة خضرا هو الاسم المستعار الذي يكتب تحته الروائي الجزائري الفرنكفوني محمد مولسهول، والذي ولد في جنوبي الجزائر عام 1955، وقد اعتمد هذا الاسم المستعار عام 1988 عندما كان ضابطًا في الجيش الجزائري، ليوقِّع به بعد ذلك عدة روايات؛ هربًا من الرقابة العسكرية.

اقرأ أيضًا: Icarus.. عندما تتدخل السياسة في الرياضة

وتشكِّل رواية “سنونوات كابول” الجزء الأول من ثلاثية تشمل روايتَين أخريين؛ هما “الاعتداء” و”صفارات إنذار بغداد”، لينطلق ياسمينة خضرا من خلال الروايات الثلاث في وصف الشرق المعاصر وعلاقة الصراع التي دخلها مع الغرب، وذلك من خلال التركيز على الاتجاهات المتشددة وموجات التطرف التي ضربت بعض بلدانه.

وهو يقول في هذا الصدد: “هناك جهل هائل في الغرب في ما يتعلق بالثقافة العربية والإسلامية، ونحن في قلب أسوأ سوء فهم وقع على كاهل هاتين الثقافتَين. وأنا أرغب في اصطحاب القارئ الغربي إلى العالم الآخر، ذاك المكان الذي لا يعرفه”.

شاهد: مقطع (1) من فيلم “سنونوات كابول”، عن رواية الكاتب الجزائري ياسمينة خضرا، إخراج: Zabou Breitman, Éléa Gobbé-Mévellec، إنتاج: Les Armateurs، سنة الإنتاج: 2018

بداية مؤثرة

السؤال الذي يطرحه المشاهد في بداية الفيلم هو: ما الذي يدفع بمواطن أفغاني متعلم، عانى كثيرًا من حكم “طالبان” لبلده، إلى المشاركة في رجم امرأة متهمة بالفجور حتى الموت في مدينة كابول، عاصمة أفغانستان الخاضعة لحكم حركة طالبان؟

اقرأ أيضًا: السينما الإيرانية في خدمة سياسة ولي الفقيه: فيلم “بتوقيت دمشق” مثالًا

ذلك هو السؤال المحوري، الذي يحاول الفيلم الإجابة عنه من خلال سلوك أربع شخصيات رئيسية: محسن بامات المعلم  المطرود من عمله بعد أن رفض التدريس في المدارس القرآنية؛ رغبة منه في عدم تلويث عقول الأطفال بالفكر المتطرف الذي فرضته “طالبان”، وزوجته زنيرة، المحامية الموهوبة في الرسم، والتي منعها التطرف الديني من ممارسة مهنتها، وعتيق شوكت، الذي حارب في صفوف “طالبان” ضد الاجتياح الروسي لأفغانستان، وانتهى به الأمر مسؤولًا عن أحد سجون كابول، فضلًا عن زوجته مسرة المصابة بمرض السرطان.

 اقرأ أيضًا: الحكومة الصينية تدعم منتجًا أمريكيًّا للمرة الأولى.. والسبب “مولان”

فيلم يحكي المرأة

 يبقى الذنب يلاحق محسن الذي يلمح صورة المرأة التي رجمها في كل مكان، ويصارح زوجته التي فوجئت بما أقدم عليه زوجها المثقف، وفجأة تبدأ الأمور في التدهور بينهما؛ خصوصًا عندما يحجم محسن عن الدفاع عن زوجته التي عاقبها عنصر من “طالبان” بالوقوف حافية القدمَين تحت حرارة الشمس، بعد أن لمحها تغازل زوجها في الشارع منتعلةً حذاءً أبيض؛ وهو ما تمنعه قوانين “طالبان”، وفي المقابل بادرت زنيرة إلى معاقبة زوجها بارتدائها البرقع أو التشادور الأفغاني الذي فرضته “طالبان” زيًّا على النساء، حتى في المنزل.

اقرأ أيضًا: باكستان تمنع عرض فيلم RAAZI.. والسبب.. كشمير

وبعد أن فاض به الكيل من تصرفات زوجته، يطالبها محسن بخلع النقاب؛ لأنها كما يقول الشمس الوحيدة التي تبقَّت له في هذه الحياة المظلمة، لكنها ترفض ذلك قائلة: “ما من شمس تصمد في ظل كل هذا الظلام الدامس”، كلمات لامست مشاعر محسن الذي حاول أن يخلع النقاب عن زوجته بالقوة، فما كان منها إلا أن دفعته -دون قصد- باتجاه حافة صخرة في منزلهما المتهالك، فسقط صريعًا على الفور.

شاهد: مقطع (2) من فيلم “سنونوات كابول”، عن رواية الكاتب الجزائري ياسمينة خضرا، إخراج: Zabou Breitman, Éléa Gobbé-Mévellec، إنتاج: Les Armateurs، سنة الإنتاج: 2018

في السجن حياة أخرى

في السجن حيث حُكم عليها بالإعدام، تقابل حارسها السجان عتيق، والذي يعيش فترة حرجة من حياته، مع قرب وفاة زوجته المريضة بالسرطان، دون أن يتمكن من فعل شيء.. ينظر عتيق إلى زنيرة التي ترفض وضع الشادور داخل الزنزانة؛ فيُغرم بجمالها الأخاذ ويقع أسيرًا في حبها من النظرة الأولى، تشعر زوجته بذلك وتذهب بنفسها إلى السجن، لترى شكل المرأة التي خطفت قلب زوجها.

اقرأ أيضًا: Once upon a time in Hollywood.. عندما يجتمع الكبار في فيلم واحد

وبينما باءت كل محاولات عتيق لتحرير زنيرة أو تبرئة ساحتها أمام القضاء الشرعي بالفشل، تعرض عليه زوجته قبل ساعات من تنفيذ حكم الإعدام، ارتداء شادور زنيرة، والموت بدلًا منها؛ رغبة منها في أن تطمئن على زوجها الذي وجد أخيرًا مَن ستؤنس حياته.

اقرأ أيضًا: 80 فيلمًا تبدأ التنافس اليوم مع انطلاق “الجونة” السينمائي 

يوافق الثلاثة على مضض، وتنطلق السيارة العسكرية وعلى متنها الزوجة مسرة والزوج عتيق؛ لتتمكن زنيرة من الهرب، لكن العنصر الذي نفَّذ حكم الإعدام في مسرة رميًا بالرصاص، يرفع نقابها ليكتشف أنها ليست المحكومة الحقيقية بالإعدام، فيطلق النارعلى السجان عتيق؛ انتقامًا منه على فعلته، ليغادر الزوجان إلى السلام الأبدي، وتنجو زنيرة التي قال لها عتيق يومًا: “شابة بجمالك لا تستحق سوى الحياة”.

استغرق إنجاز الفيلم نحو ست سنوات؛ بسبب ضعف الإنتاج، لكنه أبصر النور في النهاية ليحصد إحدى أهم الجوائز في مهرجان كان الأخير؛ خصوصًا أن مخرجَيه قد استخدما تقنية جديدة تمثَّلت في جعل الممثلين الحقيقيين يؤدون أدوارهم بشكل كامل وحقيقي، ثم تحويل المشاهد إلى رسوم متحركة، مع الاحتفاظ بالشكل الحقيقي للممثلين. تجربة رائعة قد تسمح لروايات أخرى بالتجسُّد على الشاشة الفضية قريبًا جدًّا.

اتبعنا على تويتر من هنا

 

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة