الواجهة الرئيسيةثقافة ومعرفة

سمير سيف.. مخرج الأكشن الذي وثَّق تاريخ أفلام الحركة بالسينما المصرية

لم يكتفِ سمير سيف بعمله كمخرج لأفلام الحركة بالسينما المصرية.. ولكنه وثَّق بدراسة علمية تاريخ أفلام الحركة وأسباب تراجعها وكيفية تأثرها بالأفلام النقدية

كيوبوست

برحيل المخرج المصري سمير سيف (1947- 2019) تفقد السينما المصرية والعربية واحدًا من أهم مخرجي أفلام الحركة خلال الثمانينيات والتسعينيات، والذي قدَّم مجموعة من الأفلام السينمائية المهمة؛ منها “المولد” و”دائرة الانتقام” و”النمر والأنثى”، بينما لم يكن اهتمام سمير سيف بأفلام الحركة قائمًا على التنفيذ فحسب؛ ولكنه استغل اهتمامه وشغفه بها ليقدم واحدة من أهم الدراسات العلمية التي تناولت تاريخ أفلام الحركة بالسينما منذ نشأتها وحتى عام 1975، وهو العام الذي سبق تقديمه فيلمه الأول “دائرة الانتقام” للفنان الراحل نور الشريف، الذي راهن على تقديم المخرج الجديد، آنذاك، بعدما قام ببطولة وإنتاج الفيلم.

في حياة المخرج المصري الراحل جانب أكاديمي؛ فهو أستاذ الإخراج بالمعهد العالي للسينما، وحصل على درجة الماجستير عام 1991 في الدراسة التي قدمها بعنوان “أفلام الحركة في السينما المصرية 1951- 1975″، وتناولت أفلام الحركة بالسينما المصرية، وشكَّلت مرجعًا مهمًّا عن هذه الأفلام خلال هذه الحقبة الزمنية.

اقرأ أيضًا: في “Angel Has Fallen” روسيا بريئة من محاولة اغتيال الرئيس الأمريكي

لم يغفل سمير سيف السنوات الطويلة التي سبقت فترة الدراسة، وقسَّمها منذ بداية السينما الصامتة وحتى عام 1951 إلى أربع مراحل، وَفقًا لخصائصها التاريخية والفنية؛ فالمرحلة الأولى هي السينما الصامتة التي امتدت خلال الفترة من 1927 حتى 1930، والتي شهدت ظهور أول فيلم حركة مصري “قبلة في الصحراء”، حاول فيه الأخوان “لاما” تقديم مغامرات شرقية على غرار أفلام الغرب الأمريكية؛ حيث ظلت أفلام الحركة في مصر خلال تلك الفترة تدور حول النموذج الأمريكي، وشهدت هذه الفترة فيلمَين للحركة فقط من أصل 14 فيلمًا تم عرضها.

أفيش فيلم شمس الزناتي للمخرج سمير سيف

أما المرحلة الثانية، فخلال الفترة من 1931 حتى 1939، والتي شهدت ميلودراما مليئة بالتعقيدات المبالغ فيها وإضافة لمحة صراع جسماني؛ كما في أفلام “الهارب” و”شبح الماضي”، بينما جاءت الفترة الثالثة من 1939 حتى 1945، لتشهد ظهور رواد أفلام الحركة؛ مثل نيازي مصطفى الذي درس الإخراج والتصوير في ألمانيا، وكمال سليم. بينما جاءت المرحلة الأخيرة خلال الفترة من 1945 حتى 1951، والتي شهدت ظهور موجة من أفلام تافهة، كما يصفها، لم يكن لها تأثير لتنفيذها من أجل تحقيق عائد مادي فحسب.

يقول سمير سيف إن فترة ازدهار فيلم الحركة المصري كانت من 1952 حتى 1962، والتي عالجها في رسالته بأسلوب محكم علمي وشيق فنيًّا، متضمنًا عديدًا من الوثائق والمعلومات والتحليلات النقدية؛ بدأها بأفلام المخرج نيازي مصطفى، واقترح تقسيمها إلى ثلاث تقسيمات؛ هي: أفلام المغامرات البدوية، والمغامرات الشعبية، والمغامرات المعاصرة، مرورًا بتناول أعمال فرسان أفلام الحركة في السينما المصرية خلال تلك الفترة؛ ومنهم صلاح أبو سيف وعاطف سالم وكمال الشيخ.

اقرأ أيضًا: A Twelve-Year Night :فيلم بطعم السجن

لكن الفترة التالية زمنيًّا شهدت تراجعًا وانحسارًا لهذه النوعية من الأفلام؛ وهو ما أرجعه إلى أسباب معقدة ومتشابكة تدور على المستوى السياسي والاقتصادي والأيديولوجي؛ فالتراجع كيفي لا كمي، نظرًا لأن الاتجاه الفكري كان مرتبطًا بقضايا المجتمع ومناقشة القضايا الاجتماعية. أما أفلام الحركة القليلة التي أنتجها القطاع العام فتميزت بنبرة سياسية وطنية واضحة تبرز قيام الدولة بإنتاجها؛ ومنها “شياطين الليل” و”جريمة في الحي الهادي”؛ ما جعل الكوميديا تنتشر، خصوصًا أنها قليلة التكلفة إنتاجيًّا.

أفيش فيلم الراقصة والسياسي للمخرج سمير سيف

يصف سمير سيف، المخرج حسام الدين مصطفى بأنه أبرز فرسان فترة الانحسار، خلال الفترة من 1963 حتى 1975؛ حيث تنقل بين عديد من نوعيات الأفلام؛ منها “الإخوة الأعداء” و”الشياطين الثلاثة” من ضمن 9 أفلام قدمها خلال تلك الفترة.

اقرأ أيضًا: البؤساء.. الدرون توثِّق عنف الشرطة الفرنسية

وخلص سمير سيف، في الدراسة، إلى أفلام الحركة المصرية تدور حول النموذج الأمريكي، وهو ما نجح في إثباته بالتحليل التفصيلي للأفلام؛ لكنه انتهى إلى أن الأفلام الجديدة لم تقع في فخ الاستسهال ومحاكاة الأصل الأمريكي دون تمييز، وإنما عملت على خلق شخصيات مصرية وأجواء محلية صميمة ومواقف تنبع من صراعات لصيقة بالمجتمع المصري، وهو ما فسره بالقول إنه إذا تم اعتبار النموذج الأمريكي هو الهيكل العظمي للإنسان، فإن البيئة المحلية هي التي تعطي الجسد الروح؛ ليعبر عن خصوصيته الوطنية.

وأكد سيف أن وجود تيار نقدي مستنير لا يحمل “تقديسًا لنوعية محددة من الأفلام، واحتقارًا لنوعيات أخرى، بل يُقَيِّم الفيلم في إطار نوعيته”، يسهم في تهيئة المناخ لظهور أفلام حركة تتناولها مواهب جادة، مشيرًا إلى أن التيار النقدي الغالب في دوائر الصحافة السينمائية في فترة تراجع فيلم الحركة ساعد على خلق جو من الحصاد الفكري دفع عديدًا من كبار المخرجين والكتاب إلى الانصراف عن أفلام الحركة إلى الأفلام الأخرى “المهمة” وَفق هذه الآراء.

اتبعنا على تويتر من هنا

تعليقات عبر الفيس بوك

التعليقات

مقالات ذات صلة