الواجهة الرئيسيةشؤون عربية
سلاح العشائر المنفلت في العراق.. تحد آخر لهيبة الدولة!
فتحت النزاعات العشائرية الباب واسعاً أمام أسواق مافيا السلاح.. لا سيما في مناطق جنوب العراق

كيوبوست- أحمد الفراجي
تشهد المحافظات والمدن الجنوبية في العراق نزاعات عشائرية مسلحة في ما بينها بين الوقت والآخر؛ تُستخدم فيها أنواع الأسلحة الخفيفة والثقيلة.
ومؤخراً، استُخدمت فيها الطائرات المسيرة، وذهب ضحيتها العشرات من المدنيين بين الطرفَين المتحاربَين، وأغلب هذه المعارك أحياناً يقع داخل الأحياء والمدن والمناطق المكتظة بالسكان، وتنشب بسبب خلافات بسيطة، لتتطور إلى معارك طاحنة تستمر ساعات وأياماً، وبعضها يحصل أمام مرأى ومسمع من الأجهزة الرسمية الحكومية التي لا تحرك ساكناً لإيقافها وردع المتجاوزين وفرض هيبة الدولة والقانون.
اقرأ أيضاً: مراقبون عراقيون لـ”كيوبوست”: “على السياسيين استلهام تجربة الشيخ زايد ودولة الإمارات في بناء العراق”
سلاح منفلت
وفتحت النزاعات العشائرية الباب واسعاً أمام رواج أسواق الأسلحة المتوسطة والخفيفة في تلك المناطق من البلاد؛ حيث يتنافس تجار مافيا السلاح على بيع الأسلحة التي تتضاعف أسعارها يوماً بعد آخر؛ خصوصاً أن غالبية هذه الأسلحة تشترك في تجارتها فصائل مسلحة شيعية وأطراف تتبع أحزاباً سياسية نافذة، وينقسم السلاح المبيع إلى نوعَين؛ نوع حصلت عليه الميليشيات من تنظيم داعش والثاني يدخل المحافظات الجنوبية عن طريق التهريب والمهربين.

هيبة الدولة
وعلق الشيخ عباس الفضلي، أحد شيوخ مجلس عشائر البصرة، لـ”كيوبوست”، قائلاً: إن هذه النزاعات العشائرية في جنوب العراق تضعف مع قوة الدولة وتقوي مع ضعفها، وإن الصراعات العشائرية ليست وليدة اللحظة؛ الموضوع قديم لكن كان مسيطراً عليه من قِبل الدولة بعد 2003، ومع كثرة الخلافات بين العشائر، يُضاف إليها ضعف سلطة القانون وعدم هيمنة الدولة، برزت تلك النزاعات بقوة وعلى نحو متزايد؛ تارة تكون نزاعات على الأموال والأراضي، وتارة أخرى مشكلات متنوعة.

وأضاف الفضلي أن مَن يلجؤون إلى العشائر وحكم العشيرة بدلاً من الدولة والقانون، هم أولئك الأفراد الذين يعتقدون أن القانون لن يوفر لهم الحماية؛ خصوصاً إذا كانوا أصحاب قضية ومظلومية، فيسلكون طريق العشيرة حتى يأخذوا حقهم ومن ثمَّ إنصافهم.
وتابع: كلما شرعت السلطات الأمنية في القيام بحملات أمنية لتطبيق القانون، خَفَّت هذه النزاعات وقلَّ السلاح المنفلت. في البصرة تحديداً عمل العديد من القادة في القوى الأمنية بجد وإخلاص، فانحسرت النزاعات العشائرية وتلاشت.
ويعتقد الشيخ الفضلي أنه إذا تمكنت أجهزة الأمن من إلقاء القبض على مثيري النزاعات الحقيقيين، وتم وضعهم في السجون وطُبق عليهم القانون، سنشهد تراجع الصراعات العشائرية.
اقرأ أيضاً: عصابات مخربة تستهدف الكهرباء في العراق.. وإيران تترك بصماتها
وأصبح السلاح المنفلت بيد العشائر موازياً للدولة العراقية، وتكاد خطورته لا تقل عن سلاح مسلحي تنظيم داعش الإرهابي؛ خصوصاً أن كثيراً من العشائر باتت تمتلك ترسانة ضخمة من الصواريخ والمدافع الرشاشة وأسلحة أخرى ثقيلة وطائرات مسيرة؛ ولكن يبدو أن السلطات الحكومية غير قادرة على سحبها من أيديهم وفرض سلطة القانون.

خلل قانوني

الخبير القانوني محمد العبيدي، علق لـ”كيوبوست” قائلاً: هناك خلل واضح في القانون الذي صدر في عام 2017 الخاص بقانون الأسلحة؛ إذ أتاح بيعها في الأسواق والمحلات وأصبح يتداول بشكل كبير وعلى نحو خطير، وهو عكس القانون الذي صدر عام 1992 ويحصر الموافقة الأمنية للسلاح بيد محافظي المناطق.
وأضاف العبيدي أن انتشار السلاح بهذه الطريقة الهمجية يعتبر تهديداً لأمن الدولة والبلد برمته، ويبعث برسائل غير مطمئنة عن الأوضاع داخل العراق باعتبار العراق بلداً متمدناً.
اقرأ أيضًا: نائب عراقي يكشف لـ”كيوبوست” كيف حولت ميليشيا “حزب الله” العراقي “جرف الصخر” إلى قواعد عسكرية وسجون سرية
وأكد الخبير القانوني لـ”كيوبوست” أن فوضى السلاح المنتشر سيقود البلاد إلى مزيد من التناحر والنزاعات وزعزعة الأوضاع أمنياً، وبدلاً من أن يسود القانون ستسود شريعة الغاب، وسيُشجع العراقيون على الاقتتال في ما بينهم والبقاء للأقوى، ولا بد من أن تقوم الدولة العراقية بتعديل القانون وحصر السلاح بيد الدولة فقط عن طريق منح مكافآت مالية لكل مواطن يسلم سلاحه، وفي نفس الوقت لا بد من صدور قانون يجرِّم مَن يحمل السلاح دون رخصة ومنع أسواق الاتجار بالأسلحة.