الواجهة الرئيسيةحواراتشؤون دولية
سفير موسكو بالمغرب لـ”كيوبوست”: دول الغرب تخطط لإضعاف روسيا

كيوبوست من المغرب
تنصهر السفارة الروسية في العاصمة المغربية الرباط مع الموقف الرسمي لموسكو بخصوص الحرب الجارية على الأراضي الأوكرانية، حيث تعتبر أن روسيا لم تقرر مهاجمة أوكرانيا من فراغ، وبأن هذه الأخيرة هي التي بدأت قصف البنيات التحتية والسكانية والمدنية لمنطقة دونباس طيلة 8 سنوات خلَت.
وفي هذا السياق، أجرى موقع “كيوبوست” حواراً قصيرا مع السفير المفوض فوق العادة لفيدرالية روسيا الاتحادية لدى المملكة المغربية، فاليريان شوفاييف، بشأن هذا الحدث الذي طغى على غيره من الأحداث في العالم، حيث تشرئب أعناق الملايين نحو أوكرانيا كل يوم لمعرفة جديد العملية العسكرية التي باشرتها موسكو منذ الرابع والعشرين من فبراير/ شباط الماضي.
اقرأ أيضًا: الإعلام في الحروب متجاوزاً دوره التقليدي
ووفق الدبلوماسي الروسي، فإن ما حصل هو أكبر من أن يكون أزمة بين موسكو وكييف، باعتبار أن جوهر القضية تكمن أساساً في محاولات الغرب تطويق روسيا الاتحادية بالقواعد العسكرية، والتلاعب بالمشاعر القومية لجزء عريض من سكان أوكرانيا.
لا لإضعاف روسيا الاتحادية
وفي التفاصيل، وجواباً عن سؤال “كيوبوست” بشأن خلفيات قرار روسيا الهجوم على أوكرانيا، هل هي دوافع سياسية أم أمنية أم تاريخية، أجاب السفير شوفاييف بالتأكيد -في البداية- على أن روسيا لم تقرر مهاجمة أوكرانيا، بل إن أوكرانيا هي من قامت بالقصف خلال 8 سنوات لمناطق سكنية، ومستشفيات، ومدارس، ورياض أطفال، في منطقة دونباس.

واستطرد الدبلوماسي الروسي ذاته بأن النظام الأوكراني كان يقتل سكان دونباس الذين لم يقبلوا بالانقلاب غير الشرعي سنة 2014 للإطاحة حينها بالرئيس المنتخب ديمقراطياً لأوكرانيا؛ فيكتور يانوكوفيتش.
وأشار السفير المفوض فوق العادة لفيدرالية روسيا الاتحادية لدى المغرب، إلى ملايين الناس في دونباس، وفي العديد من المناطق الأخرى، هم روس يتحدثون اللغة الروسية، ويعلمون أطفالهم اللغة الروسية، للحفاظ على العلاقات مع روسيا”، مبرزا أن “النظام الجديد في كييف كان يضطهد السكان الروس في أوكرانيا، وينتهج بشكلٍ علني وصريح ”النازية الجديدة”، وبأن الإبادة العرقية التي ارتكبتها الحكومة الأوكرانية في حق سكان دونباس الروس منذ عام 2014 مثال حي على ذلك”.
اقرأ أيضًا: قصف محطة “زابوريجيا” النووية في أوكرانيا يذكِّر العالم بكوارث نووية سابقة
ووفق المتحدث ذاته، لم يكن الانقلاب العسكري عام 2014 شيئًا حصل من تلقاء نفسه، بل إن الحكومات الغربية غذَّت وسعرت المشاعر القومية، بهدف الإطاحة بالرئيس الشرعي لأوكرانيا، في ذلك الوقت، يانوكوفيتش الذي كان يعمل على تعزيز العلاقات مع روسيا، وأنفقت هذه الحكومات قدراً كبيراً من أموال دافعي الضرائب لتحقيق ذلك الهدف.
والسبب وراء كل ما يحدث، يستطرد السفير الروسي، هو رغبة الغرب ودول “الناتو” في إضعاف روسيا الاتحادية من خلال القدوم مباشرة إلى حدوده، وقبول أوكرانيا عضواً جديد في “الناتو”، لافتاً إلى أن مسؤولين في “الناتو” والقادة الغربيين رددوا -مراراً وتكراراً- أن هدفهم الرئيسي هو “احتواء روسيا”.

دحر “النازية الجديدة”
ويكمل السفير الروسي بأن الأمر يتجاوز مجرد أزمة بين روسيا وأوكرانيا، “بقدر ما هي محاولة من الغرب لتطويق روسيا الاتحادية بإنشاء قواعده العسكرية”، مشددا على أنه “لم يكن أمام الاتحاد الروسي خيار آخر سوى الاعتراف بـجمهوريات دونباس: جمهورية دونيتسك الشعبية ولوغانسك”.
ورداً على سؤالٍ آخر بخصوص الأهداف الحقيقية لموسكو من العملية العسكرية ضد أوكرانيا، هل الإطاحة بالحكومة الأوكرانية أم توجد غايات أخرى، أجاب السفير الروسي بأن “الإعلان عن أهداف الجيش الروسي جاء بصوت عالٍ وواضح من طرف الرئيس فلاديمير بوتين في خطابه للأمة الروسية في 24 فبراير 2022”.
وشدد فاليريان شوفاييف على أن الأهداف الرئيسة تتمثل في دحر النازية، ونزع السلاح من أوكرانيا، وحماية سكان دونباس، وكذلك حماية روسيا الاتحادية من التهديد العسكري الذي تسببت به دول “الناتو” التي تحاول استخدام أراضي أوكرانيا كقاعدة عمليات عسكرية ضد روسيا.
اقرأ أيضًا: أولكسندر ميريزكو لـ”كيوبوست”: أوكرانيا تعوِّل على الدور الإماراتي في مجلس الأمن لعودة السلام
وجواباً عن سؤال “كيوبوست” بشأن قراءته لردود فعل الدول الغربية، على الخطوة العسكرية الروسية، شدد السفير المفوض فوق العادة لفيدرالية روسيا الاتحادية لدى المملكة المغربية على أن “ما رأيناه من الدول الغربية ليس رد فعل، بل بالأحرى دعاية فاضحة، ولم يكن “رد فعلها” مفاجئاً لأحد”، على حد تعبيره.

جبهات السفارة الروسية في المغرب
وعلى صعيدٍ ذي صلة، كتب السفير الروسي بالمغرب قبل أيام قليلة مقالاً اتهم فيه النظام الأوكراني الحالي بارتكاب “جرائم حرب بشعة” ضد السكان المدنيين في دونباس، مشيراً إلى أن الجيش الروسي لا يستهدف المدنيين في المدن الأوكرانية، بينما ما وصفها بالكتائب القومية الأوكرانية، والنازية الجديدة منها على وجه الخصوص، تقصف بدون هوادة الأحياء السكنية في “دونباس”، على حد قوله.
وتحدث الدبلوماسي الروسي أيضاً عن انسحاب كييف من اتفاقية مينسك الثانية في 2015، وعن ما أسماها انتهاك السلطات الأوكرانية لحقوق الإنسان في دونباس، منتقداً في السياق ذاته تسليم دول “الناتو” الأسلحة إلى أوكرانيا.
شاهد: فيديوغراف: جهاد في أوكرانيا
وغير بعيدٍ عن تبادل الاتهامات والسجالات بين روسيا والدول الغربية، انتقدت السفارة الروسية بالرباط مبادرة قامت بها سفارة بريطانيا في العاصمة المغربية، عندما قامت برفع العلم الأوكراني فوق مقر السفارة جنباً إلى جنب مع علم بريطانيا، وهو ما أثار غضب السفير الروسي في المملكة.
وفي الوقت الذي بررت فيه سفارة لندن بالرباط رفع العلم الأوكراني إلى جانب العلم البريطاني بكونه نوعاً من “التضامن مع الشعب الأوكراني أمام الاعتداء الروسي ضد بلدٍ ذي سيادة”، تهكم السفير الروسي على هذا الفعل، وكتب تدوينة على موقع السفارة في مواقع التواصل الاجتماعي ساخراً بالقول: “يبدو أن أوكرانيا أصبحت جزءاً من الكومنولث البريطاني”.

وتابع السفير الروسي ملمحاً إلى “تحكم” الغرب في النظام الحاكم في أوكرانيا، قائلاً: “اتضح الآن جلياً من يتحكم في زعماء أوكرانيا الذين قضوا 8 سنوات كاملة في تنفيذ إبادة جماعية ضد الشعب في دونباس”، على حد قوله.
ومن التداعيات الأخرى للحرب الروسية الأوكرانية التي وصلت إلى المغرب إعلان سفارة موسكو قبل أيام قليلة انسحاب روسيا من “رالي السلك الدبلوماسي” في المغرب، الذي يروم التعريف بما يزخر به المغرب من مؤهلات سياحية واقتصادية، وذلك بعد أن طلب سفراء دول غربية في الرباط إلغاء هذا النشاط الرياضي والدبلوماسي إذا شاركت فيه سفارة روسيا.